Print this page

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السلطة القضائية: انطلاق السنة القضائية دون إصدار الحركة!

• «عملية استقواء على السلطة القضائية ومعاقبتها»
• «بوادر إيجابية في بعض المحاكم»

تفتح، اليوم الجمعة الموافق لـ16 سبتمبر الجاري، المحاكم أبوابها لاستقبال السنة القضائية 2022 - 2023، ويبدو انّ هذه السنة ستكون استثنائية باعتبار انها ولأول مرة في تاريخ السلطة القضائية ستنطلق دون إصدار الحركة القضائية.
يمرّ المرفق القضائي بصفة عامّة بظروف غير مسبوقة، حيث انه لم يسبق في تاريخ القضاء التونسي أن يتم الوصول إلى تاريخ 15 سبتمبر دون إصدار الحركة القضائية. اشكالات عديدة سيشهدها المرفق، خاصة في ما يتعلق بتسمية القضاة حديثي التخرج من المعهد الاعلى للقضاء، والقضاة الذين تمكنوا من الحصول على احكام قضائية تقضي بتوقيف تنفيذ الامر باعفائهم، ذلك الى جانب ما تشهده مختلف المحاكم من شغورات في مختلف الرتب القضائية.
«يجب الاستعداد للعودة القضائية كما العودة المدرسية والجامعية»
في تصريح لـ«المغرب»، قال رئيس جمعية القضاة التونسيين انّ الحركة القضائية حدث وطني قضائي بالغ الأهمية به تتحدد معالم المرفق القضائي والسلطة القضائية خلال السنة القادمة. وكما يتمّ الاستعداد الى العودة المدرسية والعودة الجامعية يجب الاستعداد الى العودة القضائية.
واعتبر محدّثنا ان الحركة القضائية تتعلق اساسا بحقوق المواطنين وقضاياهم المنشورة لدى المحاكم، وينبغي ان يتم النظر في ملفاتهم بالشكل المناسب بما من شأنه ان يعطي المواطنين حقوقهم الكاملة كما يجب مراعاة وضعية وظروف القضاة الذين سينظرون في تلك القضايا وتهيئة الأرضية المناسبة التي تجعلهم يباشرون رسالتهم القضائية في بداية كل سنة قضائية في أحسن الظروف الممكنة، كل هذا يقتضي ان تكون وضعية القضاة العائلية والنفسية مستقرة، وتبعا لذلك فان الحركة القضائية تتعلق بها حقوق القضاة في النقلة وفي الترقية...
وقال «نظرا لكل ذلك فانّ الحركة القضائية يجب ان تصدر في آجال معقولة تخوّل للقاضي الاستعداد للعودة القضائية في افضل الظروف الممكنة، اي ان يكون القاضي على علم بمكان عمله وان يحصل على حقوقه في الترقية او النقلة او في اسناد الوظائف القضائية حتى يتمكن من تهيئة ظروف العائلة من جميع النواحي لمباشرة رسالته القضائية.»
من جهة أخرى اكد انس الحمادي ان المسؤولين عن المحاكم ( الموكول لهم ادارة المؤسسة القضائية كرئيس المحكمة ووكيل الجمهورية) لذلك من الضروري ان يطلعوا على الحركة القضائية في آجال معقولة حتى يتمكّنوا من التعرف على الاطار القضائي الذي سيعملون فيه واختصاصات كل قاض، ويتولى عقد جلسات عمل مع كل العائلة القضائية، لكن هذه السنة لا وجود لحركة قضائية الى حد كتابة الاسطر .
«تداعيات خطيرة»
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين انّ هذا التأخير غير المسبوق في اصدار الحركة القضائية ستكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على حسن انطلاق السنة القضائية وستكون له اثار على القضاة والمسؤولين القضائين وعلى المتقاضين، كما ان له تداعيات على القضاة المتخرجين حديثا من المعهد الأعلى للقضاء لم تتم تسميتهم ولا يمكنهم مباشرة اعمالهم دون تسمية باعتبار ان تلك التسمية ستكون لها استتبعات على كل الأعمال التي سيقومون بها كما انهم لا يعلمون اماكن عملهم على حدّ تعبيره.
وأشار الحمادي الى انّ القضاة الجدد يعيشون حاليا ظروفا نفسية واجتماعية صعبة جدا، باعتبار انهم سيكونون انطلاقا من اليوم غير تابعين لا للمعهد الأعلى للقضاء ولا لوزارة العدل ولا المجلس الأعلى للقضاء.
وشدّد على «وجود حالة من الضبابية والغموض مما ترتب عنه حالة من القلق النفسي لدى القضاة حديثي التخرج ولدى القضاة الذين هم بصدد انتظار ترقياتهم او نقلهم واو الخطط الوظيفية ...»
«وضعية صعبة جدّا»
اكّد رئيس جمعية القضاة التونسيين ان المرفق القضائي يمرّ بوضعية صعبة جدا لم تسبق في تاريخ القضاء. وحمّل محدّثنا المسؤوليات في ذلك الى كل من المجلس الأعلى للقضاء المؤقت نظرا الى انه لم يصدر اي بيان حول الحركة القضائية التي قام باعدادها والى رئاسة الجمهورية لان الحركة القضائية تصدر بأمر رئاسي .
واعتبر ان البلاد التونسية تشهد أزمة متشعبة في الوسط القضائي نتيجة كل القرارات التي تم اتخاذها، بداية من إلغاء المجلس الأعلى للقضاء الشرعي وتعويضه بمجلس مؤقت تابع للسلطة التنفيذية ثم أزمة ناتجة عن اعفاء57 قاضيا خارج كل الضمانات والإجراءات المكفولة للقضاء، ثم أزمة أخرى بخصوص عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية والمتعلقة بأكثر من 40 قاضيا تم اصدار أحكام قضائية تقضي بتوقيف تنفيذ امر الاعفاء الصادر في شأنهم وفق تصريحه.
وافاد الحمادي بان «مسؤولية السلطة التنفيذية كبيرة وكبيرة جدا في الازمة التي يعيشها المرفق القضائي حاليا».
تساؤلات...
قال انس الحمادي «اعتقد ان ما يحصل الان في السلطة القضائية يتجاوز كل التوقعات وكل المعايير الموضوعية المتعلّقة بحسن إدارة المرفق القضائي ومؤسسات الدولة».
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين «لا نعلم هل ان التأخير في اصدار الحركة القضائية مردّه السعي والعمل على تطبيق معايير الموضوعين والكفاءة والنهاية والاستقلالية والحيادية أم من أجل تطبيق معايير تتعلق بالولاء والطاعة للسلطة التنفيذية؟ هل ان هذا التأخير سببه الحرص على تنفيذ أحكام المحكمة الادارية وارجاع القضاة المشمولين بقرارات توقيف التنفيذ الصادرة عن المحكمة الإدارية الى سالف وظائفهم ومناصبهم القضائية ام ان الغاية من ذلك التعنت والاعتراض على تنفيذ هذه الأحكام؟»
وشدّد على انّ «كل ذلك ستكون له انعكسات كبيرة وخطيرة جدا لأن القضاة في حالة نفسية سيئة ، فعوض الاهتمام باحتياجاتهم ومعالجة كل الظروف الصعبة التي يعملون فيها وحل كل الإشكاليات التي تمت اثارتها وأفتعالها في مواجهة أعضاء السلطة القضائية نشهد عملية استقواء عليها و معاقبتها وقد تصل الى حد التنكيل وافقادها كل مقومات وجودها».
«تنفيذ احكام المحكمة الادارية موكولة لوزارة العدل»
قال رئيس نقابة القضاة أيمن شطيبة أن الحركة القضائية تشمل جميع الرتب القضائية الأولى والثانية والثالثة. ويتمتع القضاة بجميع رتبهم باستحقاقات ( تتمثل إمّا في الترقية او النقل أو الخطط) بما يؤثر بطريقة أو بأخرى على وظائف القاضي المهنية والوظيفية والاجتماعية.
واعتبر شطيبة في تصريح لـ«المغرب» ان صدور الحركة القضائية في أجالها المعقولة لمدة شهر على الاقل قبل العودة القضائية، يمكّن القاضي من الاستقرار النفسي والاجتماعي، علما وان السنة القضائية تنطلق بصفة رسمية في يوم 16 سبتمبر من كل سنة.
وبخصوص القضاة الذين تمّ اعفاؤهم وتحصلوا على احكام لصالحهم من قبل المحكمة الادارية قاضية بايقاف تنفيذ قرارات الاعفاء، قال رئيس نقابة القضاة ان الاثر القانوني لصدور تلك الاحكام هو ارجاعهم للحالة او الوضعية التي كانوا عليها قبل صدور قرارات الاعفاء و بالنسبة للتنفيذ اي تنفيذ تلك الاحكام، فهي تبقى مسالة موكولة لوزارة العدل.
من جهة اخرى قال ايمن شطيبة انه من المنتظر ان يتم تعيين ما يقارب 100 ملحقا قضائيا لتعزيز الإطار القضائي للمحاكم، كما تم تسجيل «بوادر ايجابية في بعض المحاكم من خلال اجراء بعض التحسينات والتعديلات لا تسير بنسق متسارعا لكن الارادة موجودة».
واعتبر مصدرنا انّ الجانب اللوجستي في عمل القاضي مهم جدّا لكنه مرتبط بميزانية وزارة العدل وبالظروف المادية التي تمرّ بها البلاد التونسية.
ورجّح محدّثنا ان التاخير في الاعلان عن الحركة القضائية مرتبط اساسا بالمستجدات الحاصلة خلال الشهرين الفارطين والمتعلقة بقرارات الاعفاء والاحكام الصادرة عن المحكمة الادارية وما استتبع ذلك من اجراءات قانونية و ادارية.

المشاركة في هذا المقال