Print this page

ملف العدالة الانتقالية وملفات الانتهاكات الجسيمة: أكثر من 230 بطاقة جلب دون تنفيذ فمن المسؤول؟

تواصل الجدل حول ملف العدالة الانتقالية والمخاطر التي تحيط بهذا المسار المتعثر منذ انطلاقه من خلال تركيز هيئة الحقيقة والكرامة

وما صاحبها من اشكاليات واتهامات أو من خلال ما نلاحظه اليوم بخصوص ملفات الضحايا المنشورة لدى الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية والمتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، ملفات تراوح مكانها بسبب تواصل غياب المنسوب اليهم الانتهاك عن جلسات المحاكمة وعدم تنفيذ بطاقات الجلب.
جميع ملفات الانتهاكات الجسيمة الموزعة على الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية منشورة منذ اكثر ثلاث سنوات ولم يصدر اي حكم في اي منهما الامر الذي اصبح يثير عديد المخاوف حول استكمال هذا المسار وتكريس سياسة الافلات من العقاب.
وقد تم نشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة منذ 24 جوان المنقضي وينص الفصل 70 من القانون عدد 53 لسنة 2013 على ضرورة تقديم الحكومة لخطة عمل وبرنامج تطبيق التوصيات الواردة في التقرير المذكور وتقديمه لمجلس نواب الشعب في ظرف سنة من نشر التقرير، وقد انقضت هذه الآجال يوم 24 جوان الحالي وفي هذا الاطار قدمت مبادرة لا رجوع التي تشتغل ضمن الائتلاف المدني للدفاع عن العدالة الانتقالية، وتضم كلا من منظمة «محامون بلا حدود» والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنظمة «البوصلة» ما اسمته بالكتاب الابيض لمنظمات المجتمع المدني والذي تضمن قراءة تحليلية في تلك التوصيات التي من ابرزها اصلاح المنظومة الامنية والقضائية والتشريعية وتجدر الاشارة الى أن التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة قد اثار جدلا واسعا قبل وبعد نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ،هذا ونجد في رصيدها عديد الشكايات منها المتعلق بالتدليس وآخر بإهدار المال العام والقائمة تطول.
وتثير الملفات المنشورة لدى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية والمتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بدورها عديد الاشكاليات التي تحول دون التقدم في مسار المحاكمة ومحاسبة مرتكبي الانتهاك والمرور الى المصالحة وجبر الضرر ومن ابرز هذه الاشكاليات التأجيلات المتتالية لجلسات المحاكمة في كل الملفات تقريبا بسبب تغيّب المنسوب اليهم الانتهاك وامتناعهم عن الحضور فمنهم من هو خارج البلاد بل اكثر من ذلك فقد اصدر القضاء بطاقات جلب يبلغ عددها حسب الكتاب الابيض 237 بطاقة تتعلق بــ205 ملفا لم تنفذ بعد وبقيت حبرا على ورق وهو امر وصف بالخطير وقد حملت مبادرة «لا رجوع» المسؤولية الى رئيس الحكومة بصفته وزيرا للداخلية بالنيابة باعتبار أن مثل هذه الممارسات تكرس سياسة الافلات من العقاب وتكرر الانتهاكات السابقة. هذا وقد انتهج المنسوب اليهم الانتهاك طريقة جديدة لربح الوقت وهي تغيير انابة المحامين على امل ان يصدر رئيس البرلمان قانون المصالحة الشاملة وفق بعض التقديرات.
امام تواصل هذه الوضعية التي تساهم في تعطيل الملفات وطول المحاكمة وجد عدد من الضحايا انفسهم امام خيار اللجوء الى القضاء هذه المرة لتقديم شكايات ضد امنيين امتنعوا عن تنفيذ بطاقات الجلب في حق زملائهم او مسؤولين سابقين بصفتهم منسوب اليهم الانتهاك.
في انتظار الحسم في كل هذه الاشكاليات تتواصل رحلة انتظار الانصاف لضحايا تلك الانتهاكات وتحميل كل طرف مسؤوليته.

المشاركة في هذا المقال