Print this page

منشورة منذ ثلاث سنوات تقريبا أمام الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية: التأخير مجددا لقضية براكة الساحل إلى ما بعد العطلة القضائية

تواصل الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية الموزعة على عدد من محاكم الجمهورية النظر في الملفات المحالة عليها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة والمتعلقة

بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من تعذيب وقتل واغتصاب واختفاء قسري وغيرها وفي هذا الاطار فتحت الدائرة التابعة للمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا ملف ما يعرف بقضية براكة الساحل للمرة العاشرة وقررت تأجيله الى موعد لاحق بسبب تفشي فيروس كورونا.
وقد تعهد بهذه القضية القضاء العسكري قبل أن تنتقل الى القضاء العدلي في اطار مسار العدالة الانتقالية ،حيث قدّم عدد من الضحايا ملفاتهم الى هيئة الحقيقة والكرامة التي تم تركيزها بمقتضى القانون الاساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلق بالعدالة الانتقالية وبعد اجراء التحريات اللازمة تمت احالته على انظار الدائرة القضائية المتخصصة بالمحكمة الابتدائية بتونس.
بالرغم من تعدد جلسات المحاكمة المنعقدة بخصوص ملف قضية الحال الا ان الدائرة المتعهدة لم تستمع الى حد الآن الا الى 80 شخصا من بين المتضررين وذلك من مجموع 143 مشمولين بالشكاية، وهو ما يتطلب الكثير من الجلسات لاستكمال سماع بقية الضحايا كذلك المنسوب اليهم الانتهاك والذين لم يحضر منهم سوى خمسة اشخاص ثلاث جنرالات ورائدين تم سماعهم في الجلسة الثامنة والبقية من امنيون ومسؤولون سابقون بوزارة الداخلية لم يحضر منهم احد طيلة جلسات المحاكمة السابقة الامر الذي ساهم في مزيد تعطيل سير الملف وفق ما اوضحه الهادي القلصي احد الشاكين.
هذه القضية تعود اطوارها الى سنة 1991 عندما تم اعتقال اكثر من 200 عسكريا من رتب مختلفة زمن بن علي وذلك بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب على النظام، وقد تعرض الموقوفون الى شتى انواع التعذيب من قبل جلاديهم وعادت القضية الى الواجهة بعد الثورة ، لتنطلق الرحلة مع مسار العدالة الانتقالية وكانت آمال المتضررين في هذه القضية وغيرها كبيرة في كشف الحقيقة والمحاسبة قبل المصالحة ولكن ومنذ 2018 لا زالت الملفات تراوح مكانها بسبب تواصل امتناع المنسوب اليهم الانتهاك عن حضور الجلسات وعدم تنفيذ بطاقات الجلب الصادرة في حقهم من قبل الدوائر المتعهدة الامر الذي جعل عددا من الضحايا يلتجئون الى القضاء لتقديم شكاية في حق عدد من الامنيين.
هناك دوائر رأت أن تفرض اجراءات احترازية علها تتمكن من اجبار المنسوب اليهم الانتهاك على الحضور من خلال فرض حجر على ممتلكاتهم وهناك دوائر قررت تأجيل النظر الى موعد لاحق على غرار قضية الحال التي تأجلت الى ما بعد العطلة القضائية وتحديدا الى تاريخ 4 نوفمبر المقبل.
من جهة اخرى اثارت مسألة غياب المنسوب اليهم الانتهاك جدلا واسعا في صفوف المتابعين من منظمات وجمعيات حقوقية والذين اعتبروا ان هذه الممارسات تكرس سياسة الافلات من العقاب وتهدد مستقبل المسار برمته مطالبين بضرورة ايجاد الحلول اللازمة والجذرية لإيقاف هذا النزيف ومحاسبة المنسوب اليهم الانتهاك حتى يتنسنى المرور الى المراحل اللاحقة وهي المصالحة وجبر الضرر.

المشاركة في هذا المقال