Print this page

قضية براكة الساحل: عاشر الجلسات في منتصف الشهر الحالي فهل سيحضر بقية المنسوب إليهم الانتهاك ؟

يتواصل مسلسل الغموض المتعلق بقضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من تعذيب وقتل واغتصاب وغيرها والمنشورة منذ سنوات امام انظار

الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية ويجمع بينها قاسم مشترك وهو الغيابات المتكررة للمنسوب اليهم الانتهاك وهو ما يهدد المسار بأكمله ويساهم في مزيد تعثره، من بين هذه القضايا قضية براكة الساحل التي عرفت العديد من المنعرجات بين اروقة القضاء العسكري ثم في هيئة الحقيقة والكرامة لتصل الى القضاء العدلي، حيث من المنتظر أن تعقد جلستها التاسعة منتصف هذا الشهر.
للتذكير فإن عددا من الضحايا قاموا بمبادرة تتمثل في تقديم شكايات بالجملة ضد عدد من اعوان الامن بتهمة الامتناع عن تنفيذ بطاقات الجلب الصادرة في حق زملائهم المنسوب اليهم الانتهاك واعتبروا ان ذلك يعزز سياسة الافلات من العقاب في القضايا المنشورة لدى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية وقد ساندهم في هذه المبادرة عدد كبير من المنظمات والجمعيات وممثلين عن المجتمع المدني.
تعود اطوار قضية ما بات يعرف بأحدث براكة الساحل الى سنة 1991 عندما تم اعتقال اكثر من 200 عسكري من رتب مختلفة زمن بن علي وذلك بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب على النظام ، وقد تعرض الموقوفون الى شتى انواع التعذيب من قبل جلاديهم وبعد الثورة اعيدت هذه القضية الى الواجهة حيث تجند عدد من الضحايا في اطار جمعية قدماء العسكريين من اجل ايصال قضيتهم للرأي العام واسترداد حقوقهم المهنية ورد الاعتبار لهم وقد تم اللجوء الى القضاء العسكري وتقديم شكاية ضد كل من قاموا بالتعذيب وكانت النتيجة اصدار احكام ضد كل من بن علي ووزير داخليته في تلك الفترة ،كما قاموا بالتواصل مع وزارة الدفاع من اجل استرداد مستحقاتهم على المستوى المهني وتسوية وضعياتهم
واعتبر الضحايا ان الاحكام غير منصفة باعتبار انه تم تكييف التهمة من جناية الى جنحة بتعلة مرور زمن على الجريمة وفي اطار العدالة الانتقالية تقدم العسكريون المعنيون بملف الى هيئة الحقيقة والكرامة التي اعادت البحث والتقضي في القضية واحالتها على انظار الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس التي عقدت اولى جلساتها في 25 اكتوبر 2018 وقد بلغ اليوم عدد الجلسات المنعقدة تسع جلسات في انتظار انعقاد العاشرة بتاريخ 14 جوان الجاري للنظر مجددا في الملف الذي تتالت التأجيلات بشأنه بسبب تواصل غياب جل المنسوب اليهم الانتهاك فهل ستنسج الدائرة المتعهدة على منوال نظيرتها بقابس والتي قررت تجميد اموال واملاك المنسوب اليهم الانتهاك لإجبارهم على الحضور خاصة بعد اصدار بطاقات جلب في حقهم لم تنفذ وهو ما استنكرته عديد الجمعيات والمنظمات الحقوقية واعتبرته غير مقبول ويهدد مسار الانتقال الديمقراطي خاصة وأن كل القضايا منشورة منذ 2018 ولم يصدر اي حكم في اي منها.
وتجدر الاشارة الى ان القضاء المدني اي الدوائر المتخصصة قد استمعت في احدى الجلسات الى ثلاثة جنرالات من بين المنسوب اليهم الانتهاك والمتهمين بتعذيب العسكريين وذلك بعد ان تم سماعهم من قبل القضاء العسكري سابقا كشهود وليس كمتهمين ،خطوة وصفها عدد من الضحايا بأنها ايجابية وفي الاتجاه الصحيح وأن يوم 15 جوان 2020 يعد تاريخا مفصليا في القضاء التونسي من خلال مساءلة ضباط قادة من الجيش في نظام بن علي وهي ثمرة من ثمار الثورة والتي تنتهي طبقا لما يقتضيه المسار بمصالحة شاملة بعد مساءلة ومحاسبة كل المذنبين في حق الضحايا وفق تعبيرهم .

المشاركة في هذا المقال