Print this page

مشهد آخر يثير الخلاف مجددا بين القضاة والمحامين: نقابة القضاة تستنكر محاولات المحامين منع انعقاد الجلسات

عاد ملف الخلافات بين القضاة والمحامين إلى الظهور على الساحة القضائية من جديد حيث شهدت كلّ من المحكمة الابتدائية بمدنين ومحكمة الاستئناف بقفصة حادثتي

فوضى ومحاولة لمنع انعقاد الجلسات من قبل عدد من المحامين، مشاهد ندّدت بها نقابة القضاة التونسيين كما أن هذه الوقائع تعيد هذا الملف الى طاولة النقاش وتدق ناقوس الخطر الذي اصبح محدقا بمرفق العدالة عامة وبالعلاقة بين القضاة والمحامين بصفة خاصة واللذين يمثلان احد اهم اجنحة العدالة.
للتذكير حصلت العديد من الشكايات الموجعة من قبل قضاة لدى الجهات القضائية المختصة وذلك ضدّ عدد من المحامين وفتحت فيها ابحاث تحقيقية لعلّ آخرها ما حدث في المحكمة الابتدائية ببن عروس سنة 2020 عندما قدّم احد اقلام التحقيق ورئيسة المحكمة تقريرا بينا فيه ان عددا من المحامين قاموا باقتحام مكتب قاضي التحقيق وتهديده ورفع دعوى في الغرض.

نعود الى الواقعتين الاخيرتين فقد تمثلتا في تعمد عدد من المحامين منع انعقاد جلسات المحاكمة وذلك من خلال قيامهم بإخفاء الملفات، كما قاموا بإنزال كراسي الهيئة الحكمية وفق ما ورد في البيان الصادر عن نقابة القضاة التونسيين التي وصفت المشهد بالخطير مستنكرة مثل هذه التصرفات اللامسؤولة. هذا وقد اعتبرت النقابة ان مثل هذه الممارسات تعتبر جرائم تلبسية واعتداء صارخا على حرمة المحاكم ومساس من هيبة السلطة القضائية.

من جانب آخر ندّدت النقابة بهذه الاعتداءات واعتبرت انها لا تليق بتاريخ المحاماة التونسية والتي تشكل تشريعا للفوضى التي تأثر سلبا على الاحترام المتبادل المفترض ان يكون بين القضاة والمحامين وكذلك على حسن سير القضاء موضحة أن المشاركة في اقامة العدل لا تعني التطاول على القضاة بل وجب الاحترام والاحتكام الى الاطر القانونية واخلاقيات التعامل ووجوب احترام مؤسسات الدولة.

وعلى مستوى اجرائي دعت نقابة القضاة الوكلاء العامين بالمحاكم المذكورة ووكلاء الجمهورية الى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لوضع حدّ لمثل هذه التجاوزات المتكررة، كما دعت من جانب آخر المحلس الاعلى للقضاء الى تحمل مسؤوليته في ضمان استقلالية القضاء وحسن سيره والنأي به عن مثل هذا التطاول والانتهاكات المرتكبة من قبل بعض المحامين ضدّ هيئات القضائية المنتصبة.

هذا وقد لوحت نقابة القضاة في ختام بيانها بعدم توانيها في خوض جميع الاشكال النضالية للحدّ من نزيف هذه الاعتداءات المتكررة والانتهاكات الممنهجة التي تنال من هيبة السلطة القضائية ومن مكانة القضاة.
بقطع النظر عن البيانات المندّدة بهذه الاعتداءات فإن هذا السيناريو وهذه المشاهد ليست الاولى من نوعها التي تشهدها عديد المحاكم في مختلف مناطق الجمهورية خلال السنوات الاخيرة وفي كلّ مرة يتم تناول هذا الملف من خلال حرب البيانات بين الهياكل المهنية للقطاعين فهذا يرمي المسؤولية على ذاك والعكس بالعكس ولكن لم يتم طرح الملف على طاولة النقاش بصفة جدّية من قبل الاطراف الحكومية المسؤولة للوقوف على ابرز الاشكاليات ومعالجتها وايجاد حلول جذرية لمثل هذه المشاهد التي لا يمكن إلا ان تكون مسيئة لمرفق العدالة بصفة عامة.

المشاركة في هذا المقال