Print this page

الذكرى الثامنة لأحداث الرّش بسليانة: ملف مجزّأ بين القضاء العسكري ودائرة العدالة الانتقالية بالكاف والضحايا ينتظرون إنصافهم

في مثل هذا اليوم من سنة 2012 عاشت ولاية سليانة على وقع حادثة استعمال الرش ضدّ المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالتنمية والتشغيل

وهي احداث تواصلت على امتداد ثلاثة ايام وخلّفت عددا كبيرا من الضحايا منهم من لا زالت حبات الرّش في أجسادهم وهم يتعايشون معها ومنهم من فقد البصر في إحدى عينيه، اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على هذه الواقعة التي لاقت استهجانا كبيرا ما هي آخر مستجدات الملف وهل تم تمكين الضحايا من حقوقهم القانونية والمادية؟
تم عرض الضحايا على الفحص الطبي لتحديد نسب السقوط والاضرار التي لحقت بهم جراء استهدافهم بمادة الرّش وقد حدّدت هذه النسبة بأكثر من 20 %، علما وان الاحداث انطلقت من 27 نوفمبر وتواصلت الى غاية يوم 29 نوفمبر من سنة 2012 وقد وصل صدى هذه الواقعة الى البرلمان الذي قرّر تكوين لجنة تحقيق للوقوف على حقيقة ما جرى ،هذه الاخيرة تحوّلت على عين المكان وتحدّثت مباشرة مع العديد من الضحايا وضمّنت كل المعطيات والتوصيات في تقرير احالته على الرئاسات الثلاث دون أن يطبّق منه شيئا.
هذا الملف مقسّم اليوم الى جزءين الاول منشور لدى المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف باعتبارها مرجع النظر لولاية سليانة وقد تعهّد قلم التحقيق بالقضية وقام بسماع المتضرّرين،كما استمع إلى علي العريض بصفته وزيرا للداخلية زمن الاحداث والذي نفى التهم المنسوبة إليه،كما توجه حاكم التحقيق الاول الذي تعهد بهذا الملف بمراسلة الى وزارة الداخلية للمطالبة بقائمة الذخيرة والاعوان الذين كانوا على عين المكان زمن الحادثة ولكن هذا الطلب لاقى المماطلة ،ليتعهّد قلم التحقيق الثاني بهذا الأمر الذي قدّم نفس الطلب وكانت اجابة وزارة الداخلية أن القائمة غير موجودة بتعلّة انه لم يتم تسجيل الأعوان والسلاح وقتها لأن الوضع كان يتسم بالفوضى، إجابة وصفت بالصادمة ولكن رغم ذلك واصل حاكم التحقيق أعماله وبعد سلسلة من السماعات للضحايا وعدد من الأمنيين والكوادر الأمنية قرّر ختم الأبحاث في 27 ديسمبر 2018 وحصر تهم الاعتداء بالعنف الناتج عنه سقوط بدني تتجاوز درجته 20 % والاعتداء بالعنف الصادر عن موظف عمومي حال مباشرته لوظيفه دون موجب طبق أحكام الفصلين 219 و101 من المجلة الجزائية في أربع إطارات أمنية ،قرار رفضه لسان الدفاع عن القائمين بالحق الشخصي الذي تقدّم بمطلب استئناف في الغرض وطالب بتوجيه تهمة محاولة القتل العمد إلى علي العريض ومسؤولين أمنيين وقد قبلت دائرة الاتهام الطعن في قرار ختم البحث وأعادت الملف إلى التحقيق لمواصلة اعماله.
أما الجزء الثاني فقد تعهّدت به هيئة الحقيقة والكرامة وذلك بعد تلقيها لملفات عدد من الضحايا الذين خيّروا اللجوء الى آلية العدالة الانتقالية، هذه الاخيرة قامت بعقد جلسات علنية لعدد من هؤولاء الضحايا، جلسات خلّفت جدلا واسعا ووصفت بالانتقائية خاصة وأن جلّ الذين تم الاستماع الى شهاداتهم شيطنوا الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة الذي عبّر عن استنكاره بدوره لهذه الجلسات وبعد استكمال الاجراءات تمت احالة ملف ضحايا الرّش على الدائرة القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية بالكاف التي عقدت اكثر من جلسة في هذه القضية واستمعت الى شهادة علي العريض الذي اصرّ على نفي ما نسب اليه من انتهاكات ورمى الكرة في ملعب القيادات الامنية التي قال انها تتصرّف وفق الظروف الميدانية ودون الرجوع الى الوزارة وأنه لم يعط أي تعليمات باستعمال مادة الرش ضدّ المتظاهرين ولم يكن يعلم بذلك إلاّ من خلال معاينة وزارة الصحة للضحايا، هذا وقد تم الاستماع الى الضحايا ولكن الى حد اليوم لم يتم تحديد المسؤوليات رغم الاحتجاجات العديدة للضحايا الذين يطالبون فيها بإنصافهم على جميع المستويات.

المشاركة في هذا المقال