Print this page

صراع «أجنحة» العدالة: غضب واحتقان وتلويح بالإضراب والاستقالة الجماعية

بين كر وفر واتهامات متبادلة تتواصل حالة الاحتقان في المرفق القضائي وفي هذا الإطار عقدت الهيئة الوطنية للمحامين ندوة صحفية

تطرقت خلالها الى أهم التطورات التي شهدها ما بات يعرف بملف «الاستاذة نسرين قرناح» التي تعرضت الى العنف اثناء أدائها لمهامها من قبل رئيس مركز الأمن بالمروج 5. فيما عقدت نقابة القضاة، في ذات اليوم ندوة صحفية تطرقت خلالها الى الضغوطات التي يتعرض لها القضاة اثناء أدائهم لمهامهم سواء من قبل الوحدات الأمنية او من قبل المحامين.
وقد قال العميد ابراهيم بودربالة ، خلال ندوة صحفية عقدت أمس الأربعاء الموافق لـ14 أكتوبر الجاري بدار المحامي في إطار ما بات يعرف بملف « الأستاذة نسرين قرناح»، أن مهنة المحاماة ستكون صامدة وفي مستوى مسؤوليتها في الدفاع عن رسالتها.
واعتبر ان مهنة المحاماة تحترم المؤسسة الأمنية وفي احترامها لهذا الدور فان المحاماة تطلب منها ان تحسن هذه الصورة وفق تعبيره.
كما دعا المؤسسة القضائية الى تحمل مسؤوليتها في الدفاع عن استقلالية القضاء والمحاكمات العادلة ، مشيرا الى انه «أصبح من الواجب إعادة النظر في كل ما يتعلق بالمؤسسات القضائية والعمل على ان يكون دور المؤسسة القضائية هو بعث الطمأنينة في نفس كل المواطنين دون استثناء. ويتعين تبعا لذلك القيام بمراجعات شجاعة وهامة في كل الإجراءات التي هي الان بصدد القيام بها أمام المحاكم». واكد العميد ابراهيم بودربالة ان المحامين الذين حضروا الجمعة الفارط بالمحكمة الابتدائية ببن عروس لهم اعلامات نيابة في ملف الحال، ولم يحضر غيرهم من المحامين حتى لا يتم التأثير على قاضي التحقيق.
وشدد على ان المشتكى به تقدم لرئيس الفرع بطلب تعيين محام وقد سخر له ذلك كما انه قام بتكليف محام بصورة مباشرة، مما يثبت ان مهنة المحاماة تحترم رسالتها مهما كان الشخص المشتكى به. وقد تمت الدعوة إلى انعقاد طارئ لمجلس الهيئة تم خلالها اتخاذ جملة من الإجراءات. من بينها تنفيذ يوم غضب غدا الجمعة الموافق لـ16 أكتوبر الجاري.
نقابة القضاة تهدد بالإضراب والاستقالة الجماعية...
قالت رئيسة نقابة القضاة أميرة العمري، خلال ندوة صحفية عقدت صباح أمس الأربعاء بالمحكمة الابتدائية بتونس أن الأوضاع المتردية التي يعمل فيها القضاة والضغوط التي تمارس عليهم والتطاول والتهميش الذي يعيشونه، كلها عوامل جعلتهم في حالة استياء كبير.
وأكدت أن هذا الاستياء قد يصل إلى حد اتخاذ قرار بالدخول في إضراب وتعليق العمل وحتى إلى استقالة جماعية، حتى تستفيق الدولة وتتحمل مسؤوليتها في دعم الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية.
وأكدت العمري أن استقلال القضاء لا يمكن أن يتحقق متى تم انتهاك كرامة القضاة والتطاول عليهم، على خلفية قراراتهم وأحكامهم القضائية التي تبقى محل طعن من خلال الوسائل المتاحة قانونا، مشيرة إلى أن الضغط على القضاء ومحاولة توجيهه وتطويعه طبقا للمصالح الخاصة ووفقا للنزعات القطاعية، لا يمس فقط من اعتبار القضاة واستقلاليتهم، بل ينال أيضا من حقوق الدفاع المتعلقة بطرف دون آخر.
وأوضحت نقيبة القضاة ان الواقعة التي جدت بالمحكمة الابتدائية ببن عروس الجمعة الفارط والتي تعهد بها قاضي التحقيق كانت موضوع خلافات شخصية بين طرفين، لذلك تم استبعاد مرسوم المحاماة، مشيرة إلى أنه وفق تقرير قاضي التحقيق فإن «الأمنيين كانوا موجودين أمام المحكمة بالزيّ المدني والرسمي بكثافة»، الأمر الذي اعتبرته اميرة العمري «ضغطا على القاضي».
وأكدت أن قاضي التحقيق ذكر في تقريره «أن المحامين قد حضروا بكثافة داخل قاعة الجلسات وكانوا في حالة هيجان وقاموا باقتحام مكتبي عنوة، دون استئذان ووصل بهم الأمر إلى التهديد والهرسلة والتطاول على القضاء وشتمه بأبشع النعوت»، ذلك اضافة الى الاعتداء لفظيا على الملحقة القضائية التي كانت موجود في مكتب قاضي التحقيق المتعهد.
وقالت العمري «يريدون عدالة على المقاس ولسنا اليوم في صراع بين القضاة والمحامين، كما يريدون التسويق له، بل نحن شركاء في العدالة وهي شراكة تستوجب الاحترام».
النيابة العمومية بصفاقس تتحرك
أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ، يوم 12 أكتوبر الجاري، للفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة بفتح بحث عدلي في واقعة تجمع عدد من الامنيين أمام مقر المحكمة الابتدائية بصفاقس الجمعة الفارط الموافق لـ9 أكتوبر الجاري، وما في ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تسجيل تضمن رفعا لشعارات ماسة من حرمة القضاة . والسعي للتعرف على الأشخاص المعنيين من خلال التسجيلات المذكورة وسماعهم في الموضوع وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس المساعد الأول للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف مراد التركي.
وزير العدل يدعو الى التعقل وتغليب المصلحة العامة
‎استقبل بعد ظهر امس وزير العدل محمد بوستة عميد الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بودربالة مرفوقا بكل من السادة الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين و رئيسي الفرعين الجهووين للمحامين بتونس وسوسة، كما حضر اللقاء وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية بوزارة العدل والمتفقد العام وعضوا ديوان وزير العدل.
‎ووفق ما اوردته وزارة العدل في بيانا لها فقد تناول اللقاء عديد المسائل المهنية ذات العلاقة بالعمل اليومي للمحامين بالمحاكم وضرورة المضي في دعمها وتحسينها حتى يتيسر لهم أداء مهامهم في أفضل الظروف من أجل الإسهام في إقامة العدل وإيصال الحقوق إلى أصحابها. كما تم التطرق إلى ضرورة الإسراع باستكمال مراحل إعداد مشروع القانون الأساسي المنظم لمهنة المحاماة وما يمثله ذلك من عنصر دفع وتطوير لممارسة مهمة الدفاع عن المتقاضين، إلى جانب التطرق إلى موضوع صندوق التقاعد والحيطة للمحامين وعديد الشواغل الأخرى .
‎كما مثّل اللقاء فرصة عرض خلالها عميد المحامين الوقائع التي جدّت مؤخرا بالمحكمة الابتدائية ببنعروس بمناسبة التحقيق مع أحد الإطارات الأمنية بشبهة الاعتداء على محامية، مؤكدا على ضرورة العمل على توفير الحماية الكاملة للسادة القضاة وضمان مقومات المحاكمة العادلة ورفض بعض المظاهر التي يمكن أن تؤثر سلبا على سير العمل القضائي واستقلاليته.
‎ومن جانبه أكد وزير العدل على أن ضمان حسن سير منظومة العدالة يقتضي تضافر جميع مكوناتها حتى يتسنى لها الاضطلاع بدورها على أكمل وجه في استكمال البناء الديمقراطي وتكريس دولة القانون والمؤسسات، مثمنا الدور الهام الذي تقوم به المحاماة في المنظومة القضائية.
‎كما شدد وزير العدل على أن استقلالية السلطة القضائية مضمونة و أنّ الحفاظ على استقلالية عمل القضاة مسؤولية الدولة بمختلف أجهزتها وهياكلها، كما أنّ أي ضغط يمارس على عمل القضاة غير مقبول مهما كان مصدره، داعيا الجميع إلى ضرورة التعقّل و تغليب المصلحة العامة.

المشاركة في هذا المقال