Print this page

في ظل غياب بروتوكول صحي لمجابهة كوفيد 19 في المحاكم التونسية: محامون وقضاة يطلقون صيحة فزع ويطالبون رئيس الحكومة بالتدخل السريع

حذّر قضاة ومحامون من انتشار فيروس كورونا المستجد داخل المحاكم، ودعت مختلف الهياكل إلى ضرورة

اتباع بروتوكول صحي دقيق والاعتماد على إجراءات مشددة لضمان سلامة كافة المتدخلين في المرفق القضائي.
منذ انطلاق العودة القضائية في 16 سبتمبر الجاري، حمّلت مختلف الهياكل المعنية مسؤولية ضمان سلامة كافة المتداخلين بالمرفق القضائي إلى كل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء. الا أنّ بداية انتشار فيروس كورونا في صفوف القضاة والمحامين وكتبة المحاكم، في ظل غياب بروتوكول صحي بين القائمين على المرفق القضائي ووزارة الصحة، دعا المحامون والقضاة إلى اطلاق صيحة فزع.
تراخ وتملص من المسؤولية
طالب رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي كلا من وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بتحمل مسؤولياتهم الكاملة تجاه المؤسسات القضائية والمحاكم والتي أصبحت فضاء لانتشار فيروس كورونا المستجد في ظل غياب بروتوكول صحي.
ووفق ما اكده الحمادي في تصريح لـ«المغرب» فان وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء لم يكلفا نفسيهما عناء الإمضاء على بروتوكول صحي مع الجهات المعنية من أجل الحفاظ على صحة القضاة والمحامين والإطار الإداري والمواطنين على حد السواء.
وقال الحمادي «للأسف مع الموجة الثانية لفيروس كورونا والتي تزامنت تقريبا مع العودة القضائية قررت الجهات المعنية وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ترك القضاة والمحامين والمواطنين وكافة المتداخلين إلى مصيرهم». وأفاد محدثنا ان مجلس القضاء العدلي اكتفى ببلاغ محتشم دعا فيه القضاة إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتوقي من كوفيد 19، دون الإعلان عن إجراءات قد تساعد ولو جزئيا عن منع انتشار هذه الجائحة داخل المحاكم والمؤسسات القضائية أو تزويد الإطار القضائي والإداري المعنيين بالأمر بوسائل الوقاية.
وشدد على وجود تراخ ومحاولات تملص من المسؤولية من قبل وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء في التعاطي مع هذا الوضع الوبائي الخطير جدّا والذي قد يتفاقم في غضون الأيام المقبلة.
واعتبر الحمادي أن ما تشهده الساحة القضائية حاليا غير عادي ومخالف تماما لما شهدته خلال الموجة الأولى حيث كان التنازع شديدا حول اختصاصات التنظيم وإعلان الإجراءات الاستثنائية وغيرها بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بصفة ايجابية، الّا أن الأمر انعكس حاليا ليصبح تنازلا سلبيا من خلال تراخي الجهتين والحال أن الوضع الحالي اشد خطورة من سابقه.
جاء ذلك في ظل غياب تام لأي مراقبة لمرتادي المؤسسات القضائية والمحاكم، مع الاصرار على ضرورة التعويل على الحماية الذاتية، الا انّ هذه الحماية الذاتية غير كافية لمنع انتشار الفيروس. وتبعا لذلك فقد حمل رئيس جمعية القضاة التونسيين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء المسؤولية الكاملة في عدم الاستعداد الجيد للعودة القضائية.
وقال محدّثنا «القضاة يطلقون صيحة فزع ويطالبون كل القائمين على الشأن القضائي بضرورة وضع اليد في اليد للتنسيق واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع انتشار هذه الجائحة أكثر داخل المحاكم»
ودعا في السياق نفسه رئيس الحكومة الى ضرورة التدخل في أسرع وقت لحماية المرفق القضائي بصفة عامة واتخاذ إجراءات حازمة خاصة في ما يتعلق بمرتادي المؤسسات القضائية لتجنب تبعات تراخي المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل.
فوضى وتهميش
من جهته قال رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان الأستاذ طارق الحركاتي أن مرفق العدالة يعاني بطبعه من فوضى ومن تهميش الّا انه وبانتشار فيروس كورونا المستجد تضاعفت حالات التهميش لتصل إلى حد الاستهتار بأرواح المحامين والقضاة وكافة المتداخلين بالمرفق.
ووفق ما أكده الحركاتي في تصريح لـ»المغرب»، فانه قد تم اكتشاف اصابة كاتبة بالمحكمة الابتدائية بتونس بفيروس كورونا والحال أنها كانت قد شاركت في الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها نقابة اعوان العدلية ليومين على التوالي كما انها كانت في علاقة مباشرة مع المحامين والمتقاضين والمواطنين والقضاة بما من شأنه ان يزيد الخوف والهلع خاصة وان الجهات المعنية المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل لم يقوما بإمضاء اي بروتوكول صحي لضمان سلامة المتداخلين في المرفق القضائي.
إضافة الى ذلك تطرق الحركاتي إلى المحاكمات وأكد على غياب أي إجراء استثنائي قد يكفل ولو جزء من سلامة المحامين والقضاة والمواطنين على حد سواء، مشيرا إلى أن المحكمة تسمح بدخول عشرات المواطنين الى قاعات الجلسات بما فيها الجلسات المدنية التي يكون فيه حضور المعني بالأمر غير ضروري.
وحمّل رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان وزارة العدل والمجلس الاعلى للقضاء المسؤولية كاملة تجاه ما يعيشه المرفق القضائي من تهميش وفوضى وصل الى حد الاستهتار بارواح الاشخاص وبقضايا المواطنين، منبها الى ان استمرارية مرفق العدالة في هذه الظروف يهدد سلامة القضاة والمحامين والكتبة وكافة المتداخلين بالمنظومة القضائية.
واكد أنّ الجمعية التونسية للمحامين الشبان قد وجهت مراسلات لكافة الجهات المعنية من أجل تدارك الامر والتنسيق العاجل للخروج بحل من شأنه ان يضمن سلامة كافة المتداخلين بالشأن القضائي. وأشار محدّثنا الى ان الجمعية قد تضطر للتصعيد في صورة إذا لم تجد اي تجاوب من الجهات المعنية.

المشاركة في هذا المقال