Print this page

الجديد في قضية البنك الفرنسي التونسي: بودنّ يتمسك بما جاء في تقرير هيئة الحقيقة والكرامة وسماع ابتهال عبد اللطيف كشاهدة

عاد ملف ما بات يعرف بقضية البنك الفرنسي التونسي إلى الظهور على الساحة من جديد وذلك بعد أن علمنا أن نشر التقرير

الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أدى إلى إضرار كبير بتونس، بالإضافة إلى تمسّك عبد المجيد بودن ممثل شركة الــ ABCI أن يدلي أمام اللجنة التحكيمية الدولية بما ورد في ذلك التقرير وأصبح يطالب بتعويضات مساوية لما ورد به حيث يعتبر أن الدولة التونسية اعترفت رسميا بكامل المسؤولية وبحجم ضرره الذي يتجاوز 3000 مليار تقريبا،من جانب آخر يبحث لسان الدفاع عن الدولة التونسية عن مخرج من هذه «الورطة» إذ تم مؤخرا الاستماع الى ابتهال عبد اللطيف عضو هيئة الحقيقة والكرامة سابقا والتي كانت قد عارضت عملية نشر التقرير الختامي بالرائد الرسمي وانتقدته بشدّة، لمزيد من التفاصيل تحدثنا معها حول أهم النقاط.
بداية الحكاية كانت سنة 1983 عندما انطلق النزاع بين الدولة التونسية وشركة الــABCI وذلك اثر عملية الترفيع في رأسمال البنك الفرنسي التونسي BFT بنسبة 50% بتاريخ 23 افريل 1982، وتم الترخيص لهذه الأخيرة للمساهمة في رأسمال البنك المذكور، ليتم إلغاء ذلك الترفيع في 30 ديسمبر 1982 كما الأمر الذي نتج عنه النزاع القائم أساسا حول الأموال التي تمّ تحويلها بعنوان المساهمة في رأس المال والغلة الناتجة عن تجميد الأموال المذكورة. وفي سنة 1987 التجأت شركة ABCI إلى التحكيم في حين التجأت الدولة إلى القضاء التونسي. وقد صدرت اثر ذلك أحكام مختلفة سواء من قبل الهيئة التحكيميّة المنبثقة عن الغرفة التجارية بباريس (لفائدة شركة ABCI ) او من قبل المحاكم التونسية (أحكام جزائية ضد ممثلي البنك والشركة).في سنة 1989 تمّ إبرام الصلح بين طرفي النزاع اي بين الدولة التونسية و شركة ABCI، الا انّ شركة ABCI اخلّت بعد ذلك بتعهداتها الصلحيّة. وفي سنة 1994 صدر حكم غيابي يقضي بسجن ممثل شركة ABCI عبد المجيد بودن لمدّة 20 سنة.وفي سنة 2003، قررت شركة ABCI الالتجاء من جديد إلى التحكيم الدولي CIRDI ضدّ الدولة التونسية.
في ظلّ تمسك عبد المجيد بودنّ بما ورد في التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة امام اللجنة التحكيمية الدولية فإن المحامين المكلفين بالدفاع على الدولة التونسية يبحثون عن سبل للخروج من هذه الوضعية وذلك في إطار تبادل التقارير والطلبات بينهم وبين الجانب التحكيمي الدولي،في هذا السياق التجأ مكتب المحاماة المكلف بقرار وزاري إلى احد أعضاء أهل الدار بهيئة الحقيقة والكرامة ابتهال عبد اللطيف وذلك لسماعها كشاهدة بعد انتقادها الكبير لتقرير هيئة الحقيقة والكرامة والمراسلة التي قدّمتها إلى رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ تطلب فيها التثبّت من التقرير قبل نشره بالرائد الرسمي والذي تصفه بالمدلس والخطير على الدولة التونسية. في هذا السياق قالت عبد اللطيف في تصريح لـ«المغرب» «نعم تم استدعائي من قبل مكتب المحاماة التونسي المتكون من محكمين دوليين وتم سماعي كشاهدة في ما يعرف بقضية بودن أو البنك الفرنسي التونسي وقدّمت كلّ المؤيدات للدفاع عن حقوق بلادي»
عبد المجيد بودن ممثل شركة الاستثمار العربي للأعمال التجارية ABCI قدّم ملف إلى هيئة الحقيقة والكرامة بعد الثورة بصفته ضحية وبعد أن أنهت الهيئة أعمالها أحالت ملف القضية إلى الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية، ولم تكتف بذلك بل نشرت جملة من التفاصيل في تقريرها الختامي والتي وصفت بالخطيرة جدّا من قبل ابتهال عبد اللطيف عضو الهيئة المذكورة سابقا، خاصة وأن الهيئة نشرت ما نشرته ولم تستمع إلى كلّ الأطراف من بينها وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية آنذاك سليم بن حميدان وحامد النقعاوي وغيرهم، وفي هذا السياق قالت عبد اللطيف «كنت قد حذرت من خطورة ما ورد بالتقرير ونبهت الحكومة ممثلة في شخص رئيسها السيد الياس الفخفاخ وأعلمته رسميا بواسطة عدل تنفيذ بأن التقرير مدلس ومضر بالدولة التونسية وأعلمته أن سهام بن سدرين وأناس لا نعرفهم كتبوا ما ورد بالتقرير كما نبهت بأنه لم تتم المصادقة عليه بالنصاب القانوني مما يفقده كل مصداقية وطالبت بعدم نشره بالرائد الرسمي حتى لا يصبح حجة ضد تونس. لكن مصالح بعض الأفراد داخل الحكومة السابقة وعلاقاتهم بالأجانب وربما ببودن دفعتهم للتضحية بالمصلحة الوطنية ونشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة».
وبالعودة إلى التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة في جزئه المتعلق بتفكيك منظومة الفساد فقد وصفت قضية البنك الفرنسي التونسي حالة نموذجية تتجلى فيها أغلب وأهم التجاوزات والانتهاكات التي تكلفت على المجموعة الوطنية خسائر مباشرة تقدر أوليا بأكثر من ألف مليون دينار وأن هناك اعتداء على الحقوق المدنية للمستثمرين وتوزيع قروض دون ضمانات وأن البنك المركزي لم يكن متعاونا مع الهيئة لمدّها بجملة من الوثائق.

المشاركة في هذا المقال