Print this page

ملف «الجهاز السري لحركة النهضة»: جدل قانوني بين النيابة العمومية وقاضي التحقيق... اتهامات بالتلاعب بالإجراءات... وحقيقة تخلي القضاء العسكري

تعهّدت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب، بمقتضى قرار تخلي من القضاء العسكري،

بالنظر في القضية التي رفعتها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي والمتعلقة بـ«الجهاز السري لحركة النهضة». كما قررت الالتجاء الى دائرة الاتهام للحسم في مسألة الجدل القانوني بينها وبينها قاضي التحقيق حول اختصاصه بالنظر في الملف الذي تمّ فتحه طبقا لاحكام الفصل 31 من مجلة الاجراءات الجزائية من عدمه.

ملف «الجهاز السري لحركة النهضة»، طرحته هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي خلال ندوة صحفية عقدت في الغرض بتاريخ 2 أكتوبر المنقضي. مسألة أثارت ضجة إعلامية وحالة من الاحتقان داخل الأحزاب السياسية في مرحلة أولى، خاصة وانّ هيئة الدفاع قدمت للرأي العام جملة من المعلومات التي وصفت آنذاك بـ«الخطيرة».
كما انّها أحدثت جدلا واسعا على الساحة القضائية (وتحديدا ما بين النيابة العمومية وهيئة الدفاع)، حيث أذنت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، من تلقاء نفسها، وبناءا على المعلومات التي تمّ تداولها خلال الندوة الصحفية، بفتح بحث في الغرض استنادا الى أحكام الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية.
الأمر استنكرته هيئة الدفاع التي اعتبرت انّه من غير لمعقول ان تقوم النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي طبقا لأحكام الفصل 31 سالف الذكر والحال أنّ الأطراف المعنيّة بملف الحال معروفة.

الطعن في قرار التخلي لعدم الاختصاص
اكّد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الارهاب المساعد الأول لوكيل الجمهورية سفيان السليطي في تصريح لـ»المغرب»، انّ النيابة العمومية التجأت الى فتح بحث تحقيقي مؤقت ضدّ مجهول طبقا لإحكام الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية وذلك لعدم تقدم أي طرف بشكاية في الغرض، كما انه لم يتم تقديم اية معطيات كافية او جديّة او معلومات ثابتة ليتم فتح التحقيق ضد أشخاص معينين وتوجيه التهم.

وعلى هذا الأساس قرّر عميد قضاة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب التخلي عن ملف الحال، مؤكدا انه غير مختص بالنظر في قضية الحال وانه مختص فقط بالنظر في القضايا الإرهابية.
وقد قررت النيابة العمومية الطعن بالاستئناف في قرار عميد قضاة التحقيق لدى دائرة الاتهام المختصة بمحكمة الاستئناف بتونس، خاصة وانّ هيئة الدفاع قد تداولت خلال الندوة الصحفية العديد من المعلومات المتعلقة بمصطفى خضر على علاقة بأبو بكر الحكيم ذلك إضافة الى الحديث عن حجز وثائق على علاقة بالاغتيالات السياسية وغيرها وفق مصدرنا.
وأوضح السليطي انّ دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس ستنظر فقط في جدل قانوني بين النيابة العمومية (التي تمسّكت باختصاص القطب بالنظر في ملف الحال) وقاضي التحقيق (الذي قرر التخلي لعدم الاختصاص) وتبت في مسألة وجاهة قرار تخلي القاضي المتعهد من عدمه فحسب ولا علاقة لها بمضمون القضية.

القطب القضائي يتعهد
كانت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قد تقدمت بقضية لدى المحكمة العسكرية بتونس تضمنت أطرافا معينة، ونسبت اليهم جرائم معينة، كما تضمن الملف العديد من الوثائق والمؤيدات التي لها علاقة بالقضية.
الاّ أن القضاء العسكري راى نفسه غير مختصّ بالنظر في ملف الحال، فاتخذ قرارا بالتخلي لفائدة النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب باعتبارها الجهة القانونية المختصة بالنظر في كل القضايا المتعلقة بالجرائم الارهابية.
وقد تعهدت النيابة العمومية بالقطب، طبقا لقرار التخلي، بالنظر في ملف الحال وقررت احالته بمختلف الوثائق والمعلومات التي تضمنها على الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب بالعوينة لمباشرة الأبحاث.

« النيابة العمومية تتناقض مع نفسها»
من جهتها فقد اعتبرت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أن «تلاعب النيابة العمومية بالإجراءات و إرتباكها لم يعد مقبولا»، مؤكدة أنّ «الأبحاث الأولية على معنى الفصل 26 من مجلة الإجراءات الجزائية ليست قرارا في فتح بحث قضائي يتعهد بموجبه حاكم التحقيق وإنّما هي مرحلة أولية سابقة عن هذا القرار، إذ أن الفصل 26 ليس سوى الوجه الأخر للفصل 31 بل هو أقل منزلة طالما أنه يعهد بالبحث الأولي لفرقة أمنية (فرقة الأبحاث بالحرس) وليس لجهة قضائية ( حاكم تحقيق) مثلما هو الحال بالنسبة لمقتضيات الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية.
وأكدت هيئة الدفاع في بيان لها أمس الثلاثاء انّه لا يحق للنيابة العمومية أن تتناقض مع نفسها بان تعهّد دائرة الإتهام 34 بملف التنظيم الخاص بموجب إستئنافها لقرار التخلي الصادر عن عميد قضاة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وأن تتخذ في نفس الوقت قرارا بإحالة الملف الذي ورد عليها من النيابة العسكرية إلى الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالحرس الوطني.

واعتبرت ان النتيجة الحتمية لتضارب هذين المسارين ستكون امّا برفض إستئناف النيابة العمومية شكلا باعتبار أن دائرة الاتهام لم تتعهد بكامل الملف لأن جزءا منه أحيل إلى فرقة الأبحاث بالحرس الوطني لإجراء أبحاث أولية، أو أن تضطر النيابة العمومية للرجوع في إستئنافها لقرار حاكم التحقيق القاضي بالتخلي، و تكون بذلك قد استهانت بسلطة دائرة الإتهام القانونية الواسعة والعميقة وأفرغت قرارها اللاحق من أي محتوى قانوني وفق ما ورد بالبيان.

وشددت على أنّ «الإرتباك في مؤسسة النيابة العمومية مرده دفع حركة النهضة وكيل الجمهورية للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الحالي إلى الترشح إلى خطة الوكالة العامة بمحكمة الإستئناف و التي سيتم الحسم فيها خلال الأسابيع القليلة القادمة وهي الخطة التي لها علاقة مباشرة بإستئناف الأبحاث لظهور أدلة جديدة على معنى الفصل 121 من مجلة الإجراءات الجزائية في ملف مصطفى خضر و رضا الباروني و عبد العزيز الدغسني صهر راشد الغنوشي وغيرهم (ملف الجهاز السري)».

الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية
ينصّ الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية على انّه «لوكيـل الجمهوريـة إزاء شكايـة لم تبلغ حد الكفاية من التعليل أو التبريـر أن يطلـب إجراء بحث مؤقت ضد مجهـول بواسطـة حاكم التحقيق إلى أن توجه تهم أو تصدر عند الاقتضاء طلبات ضد شخص معين».

حول مستجدات قضية اغتيال بلعيد
استقبل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، امس الثلاثاء بقصر قرطاج بسمة الخلفاوي والمحامي علي كلثوم عضو هيئة الدفاع في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
وقد استعرضا عضوا هيئة الدفاع مستجدّات قضية اغتيال الشهيد بلعيد وخاصة العراقيل والمنعرجات التي رافقت مسارها والمعطيات الجديدة التي ستدرج بالملف.

قاضي التحقيق اطلع على المحجوز
اكّد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الارهاب المساعد الاول لوكيل الجمهورية سفيان السليطي انّ قاضي التحقيق قد اطّلع على المحجوز الذي تمّ حجزه يوم 9 نوفمبر المنقضي بإحدى المكاتب بوزارة الداخلية. ومن المنتظر أن يقوم بجرد تام للمحجوز المذكور في غضون الايّام المقبلة.

المشاركة في هذا المقال