الثورة ويتعارض مع مبدإ حقوق الإنسان والمعايير الدولية، فقد فاقت نسبة الاكتظاظ بالسجون التونسية الــ100 % وفق ما صرّح به وزير العدل غازي الجريبي سابقا،أمام هذه الوضعية التي اقل ما يقال عنها أنها كارثية أصبح ملف السجون من بين الملفات الحارقة ذات الأولوية لدى وزارة العدل بالتنسيق مع الجهات المعنية من اجل البحث عن حلول للتقليص من العدد المهول للسجناء الذين تعجّ بهم الزنزانات فوق طاقة استيعابها بكثير،الخطوة الأولى للإصلاح لا بد أن تنطلق من التشريع حيث شرعت لجنة مختصة منذ سنوات في تعديل جزء هام من المجلة الجزائية على غرار وضع عقوبات بديلة عن السجن مثل السوار الالكتروني كما هو موجود في الجزائر مثلا.
للتذكير فإن مجلس نواب الشعب قد صادق في افريل 2017 على قانون تنقيح الفصل 12 من القانون الأساسي عدد 52 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات حيث تم سنّ القانون الأساسي عدد 39 لسنة 2017 والذي يتضمن فصلا وحيدا يقول «لا تنطبق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية على الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون باستثناء تلك المنصوص عليها بالفصلين 4 و8 منه» وعليه يتم إلغاء مضمون الفصل 12 المذكور سلفا.
مقترح جديد
أعلن وزير العدل الحال غازي الجريبي مؤخرا أن وزارته قد أعدّت مشروع قانون يتعلق بالعقوبة البديلة التي سيتم اعتمادها قريبا وهي السوار الالكتروني الذي يعوّض الإيقاف التحفظي وذلك للحدّ من الاكتظاظ داخل السجون التونسية،هذا المشروع اليوم على طاولة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في انتظار وضعه على طاولة نقاش المجلس الوزاري للنظر فيه ومن ثمّة إحالته على البرلمان لمناقشته صلب اللجنة المختصّة أولا قبل عرضه على الجلسة العامة للتصويت،كلّ هذه الخطوات ستكون مهمّة متابعتها من قبل وزير العدل الجديد كريم الجموسي الذي سيتسّلم المشعل من الجريبي في صورة نالت حكومة الشاهد الجديدة الثقة من مجلس النواب،ولكن تبقى هذه المبادرة نقطة ايجابية تحسب في سجلّ الوزير الحالي وفي تاريخ السجون التونسية ككل.وتجدر الإشارة أن تجربة السوار الالكتروني تم تطبيقها قبل إيداع المشروع،حيث أعلن غازي الجريبي بتاريخ 10 جويلية 2017 عن الانطلاق في تنفيذ هذه التجربة التي شملت بعض الجرائم التي لا تشكل خطرا على المجتمع ويتمكن بمقتضاها المحكوم من ممارسة نشاطه اليومي تحت المراقبة العدلية والقضاء بشكل عام وفق تعبير الجريبي.
تتعدّد الأسباب والنتيجة واحدة
يمثل عدد الموقوفين في قضايا المخدرات النسبة الأكبر من المساجين حيث بلغ 20 ألف موقوف بعد دخول القانون الجديد الذي يلغي الفصل 12 من القانون 52 المتعلق بالمخدرات حيّز التنفيذ والذي يعطي السلطة التقديرية للقضاة (العدد الجملي للموقوفين في قضايا مخدرات قبل القانون كان 25 ألف موقوف)،ولكن هذا لا يعني انه تم القضاء على ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون التونسية،هنا ارجع غازي الجريبي الأمر إلى عديد الأسباب الأخرى أهمها طول انتظار الموقوفين لمدة تصل في أقصاها إلى 14 شهرا مبيّنا في إحدى تصريحاته أن “عدد الموقوفين في السجون وهم بانتظار محاكمتهم أعلى من عدد السجناء المحكومين”.تتقاطع عديد الأسباب ولكن النتيجة واحدة وهو اختناق السجون التونسية بالموقوفين لنجد زنزانات تستوعب أكثر من طاقتها وهذا يتنافى مع المعايير الدولية وحقوق الإنسان