أم الفقيد وزوجته وشقيقاته في الجلسات السابقة فقد تم في الجلسة الثالثة التي عقدت أمس الثلاثاء 9 أكتوبر الجاري بالمحكمة الابتدائية بقابس أين نظرت الدائرة القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية مجدّدا في هذا الملف من اجل كشف الحقيقة الكاملة وتحديد المسؤوليات سماع شهادة المحامي عبد الفتاح مورو باعتباره يمتلك معطيات منقولة عن احد معارفه تتعلق بمكان إخفاء جثة الضحية كمال المطماطي بطريقة فظيعة عند طريق وضعه في خرسانة إسفلتية.
واقعة كمال المطماطي تعود أطوارها إلى أكثر من عشرين سنة،حيث وفي منتصف يوم 7 اكتوبر 1991 قدم أعوان الأمن إلى فرع شركة الكهرباء والغاز بقابس واقتادوا الضحية بالقوة ليحملوه على متن سيارة إلى مقر منطقة الأمن بالجهة أين تم تعذيبه بكلّ وحشية فأغمي عليه في المرة الأولى نتيجة كسور في يديه وفق معاينة طبيب كان ضمن الموقوفين آنذاك ولكن الأعوان لم يكترثوا لحالة كمال المطماطي فواصلوا ضربه بعصا إلى أن فارق الحياة ،وعند بلوغ خبر الوفاة إلى الجلادين من قبل الطبيب نفسه انتابتهم حالة من الهلع والارتباك وحاولوا إخفاء جريمتهم بإعلام الموقوفين أن المطماطي تم تحويله إلى وزارة الداخلية لمواصلة التحقيق معه ومنذ ذلك اليوم لا احد من عائلته يعلم بمكانه.
الموت تحت التعذيب في قابس وإخفاء الجثة في تونس
زوجة الضحية كمال المطماطي كسرت حاجز الصمت بعد الثورة لتتقدّم بتاريخ 27 أكتوبر 2011 بشكاية لمعرفة مكان زوجها ومحاسبة الجلادين،قضية وجّهت فيها أصابع الاتهام إلى العديد من الأمنيين والإطارات الأمنية ووزير الداخلية في تلك الفترة عبد الله القلال،كما قرّرت الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية تحجير السّفر عنهم،من جهة أخرى وفي إطار مزيد من الخيوط نحو الحقيقة وجّه استدعاء إلى المحامي ونائب رئيس مجلس نواب الشعب عبد الفتاح مورو للإدلاء بشهادته في ثالث جلسات المحاكمة التي شهدتها ابتدائية قابس،مورو الذي حضر الجلسة روى ما نقله إليه المدعو نبيل الرباعي قائلا: «أعلمني نبيل الرباعي تاجر اعرفه منذ أكثر من 30 سنة ويميل إلى الاتجاه الإسلامي وهو أيضا احد المقربين من القيادات الأمنية التي نفّذت العملية ،الرباعي أوقف في وقت من الأوقات وأصبح الامنيون يتصلون به وخاصة المدعو محمد الناصر وهو باحث في إدارة امن الدولة،هذا الأخير اعلم نبيل الرباعي الذي نقل لي المعطيات التي لا اعلم مدى صحّتها وأشعرني بان كمال المطماطي قتل تحت التعذيب في قابس ثم نقل إلى تونس وأريد قبوله في إدارة أمن الدولة ولكن المسؤولين هناك رفضوا ذلك فحصل ارتباك في تلك الفترة وبتعليمات من رئيس منطقة الأمن بقابس نبيل عبيد زمن الواقعة تم دفن المطماطي في خرسانة في قنطرة شارع الجمهورية وتحديدا القسط الأول منها المؤدي إلى مقرين وفق ما رواه لي الرباعي الذي أطلعني فيما بعد على تلك القنطرة دون أن يحدّد لي مكان وجود الجثة لأنه لا يعلم بدوره»
من هو «محمد الناصر»؟
سؤال توجّه به رئيس الدائرة الجالسة إلى الشاهد عبد الفتاح مورو في إطار الاستفسار عن هذا الشخص حتى لا يقع الخلط فأجاب مورو»يقال أن محمد الناصر هذا وهو ليس رئيس مجلس النواب الحالي طبعا أن لديه اسم آخر» فأجاب أحد الحاضرين ويبدو أنه من المحامين قائلا «حمادي حلّس». أردنا البحث عن هذا الاسم فوجدنا أن تدوينة للمدون الصحبي العمري عن هذه الشخصية يقول في بعض مقتطفاتها «كنيته الوظيفية «محمد الناصر» ومعروف تحت اسم «حمادي حلّس» واسمه الحقيقي «محمد محجوب» أصيل دشرة من دوائر مدينة المهدية له ثلاثة أسماء متداولة حسب الحاجة والظرف مختص منذ العهد النوفمبري في الوشايات وفبركة الملفات الأمنية فبعد أن كان مجرد كاتب شرطة بسيط منتدب في سلك الأمن بأحد مراكز الشرطة في الحزام الريفي المحيط بالعاصمة احترف القهر والظلم وغادر لاحقا وظيفته بعد أكثر من عقدين معزولا من وزارة الداخلية برتبة جنرال،وقد مسّت ممارسات الجلاد المجرم «محمد الناصر» أكثر من 73 ألف تونسي ألقى وراء القضبان بين مراكز الإيقاف والسجون في كامل الجمهورية وخاصة لدى الإدارة العامة للمصالح المختصة بين سنوات 1991 إلى 1992 حين بلغت حملة استئصال الإسلاميين أشدها في أرباك المجتمع التونسي ليسطو البوليس على الحياة السياسية والمدنية .. أطرده بعد الثورة وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي ضمن قائمة الــ42 إطار امني معزول»
ماذا عن هيئة الحقيقة والكرامة؟
نفى عبد الفتاح مورو أن يكون قد تلقى استدعاء من هيئة الحقيقة والكرامة لتقديم شهادته في قضية الحال وذلك في إجابة عن السؤال الذي توجه به له رئيس الدائرة الجالسة وقال مورو أيضا «الهيئة دعتني لتقديم ملف كشاكي وهذا ما رفضته ،كما دعوت نبيل الرباعي بعد أن نقل لي تلك المعطيات بان يتوجه إلى الهيئة ويقدّم شهادته» وقال أيضا في إجابة عن سؤال «ماذا فعلت بعد سماع تلك المعطيات وبصفتك مسؤولا في الدولة ما هي الإضافة التي قدّمتها»؟ «لم أكن استطيع فعل شيء لأن الملف متعهدة به هيئة تتولى البحث والتحقيق ولا تقبل أي اتصال من أي طرف كان مهما كان انتماؤه السياسي لأنها تريد أن تضفي على نفسها الاستقلالية التامة ولا يحق لي ولا لغيري أن أطرق بابها إلاّ إذا دعتنا وبشكل قانوني وأنا لا أرى نفسي مؤهلا أن اتصل بها في قضية تخصني،كما أن المعطيات سمعتها عندما كانت هذه الهيئة قائمة».