Print this page

على خلفية قرار هيئة الحقيقة والكرامة بتخزين جزء من أرشيفها: مشروع قانون جديد لحماية المعطيات الشخصية سيرى النور قريبا

تطرح مسألة حماية المعطيات الشخصية إشكالات عديدة خاصة مع تواتر انتشار ظاهرة تنزيل مقاطع

فيديو وتسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تؤخذ من كاميرات المراقبة ،بالإضافة إلى الجدل الذي خلّفته فكرة هيئة الحقيقة والكرامة التي تتمثل في أرشفة أكثر من 80 ألف جيغابايت من التسجيلات السمعية البصرية لدى جهة أخرى ليست الأرشيف الوطني ولا هيكل يتم تركيزه لغرض كما ينصّ على ذلك الفصل 68 من قانون العدالة الانتقالية ،نقطة أثارت حفيظة عديد الأطراف من هيئات وممثلين عن المجتمع المدني وغيرهم إذ اعتبروا ما ستقوم به هيئة الحقيقة والكرامة خرقا للقانون وخرقا لمبدإ حماية المعطيات الشخصية،في هذا الإطار تسارعت الأمور لعرض مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية الجديد على مجلس وزاري وقريبا سيكون على مكتب مجلس نواب الشعب فهل تكون هذه الوثيقة جدارا أمام هيئة الحقيقة والكرامة أم ستضرب بها الأخيرة عرض الحائط كغيره من الوثائق؟
ا

لفصل 68 من القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلق بالعدالة الانتقالية ينصّ على أن « تختتم أعمال الهيئة بنهاية الفترة المحددة لها قانونا وتسلم كل وثائقها ومستنداتها إلى الأرشيف الوطني أو إلى مؤسسة مختصة بحفظ الذاكرة الوطنية تحدث للغرض.

قريبا على طاولة البرلمان
تم مؤخرا عرض مشروع قانون جديد يتعلق بحماية المعطيات الشخصية على مجلس وزاري صادق عليه في انتظار تمريره خلال الايام القليلة القادمة على مجلس نواب الشعب ،ومن المحتمل ان يحظى هذا المشروع بالأولوية في جدول اعمال البرلمان نظرا لمتطلبات المرحلة والمواضيع ذات العلاقة الموضوعة على طاولة النقاش وأهمها مسألة التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة الذي من المنتظر عرضه في جلسة عامة للتصويت.من جهة أخرى فإن مشروع القانون الجديد نال أيضا استحسان وزير العدل غازي الجريبي الذي أشرف مؤخرا بمدينة القيروان على افتتاح أشغال ورشة العمل التي نظمتها الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية حول « النظام القانوني للدعاوى الجزائية في الجرائم المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية «، أين أعلن عن مصادقة مجلس الوزراء المنعقد يوم بتاريخ 08 مارس الجاري على مشروع القانون الأساسي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية والذي سيلغي ويعوض القانون الأساسي عدد63 لسنة 2004، ليحال في الفترة القريبة القادمة على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه .هذا وثمن الجريبي هذا المشروع الذي اعتبره سيُساعد على ملاءمة التشريع

التونسي مع التشريعات الدولية المنظمة لمجال حماية المعطيات الشخصية.كما تطرق وزير العدل إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه المنظومة القضائية في مستوى السادة القضاة وخاصة ممثلي النيابة العمومية للتصدي لبعض التجاوزات الحاصلة في مجال حماية المعطيات الشخصية، مشددا على ضرورة تعزيز إمكانيات التواصل والتنسيق بين مختلف الأطراف المتداخلة لضمان حسن توظيف تكنولوجيات الاتصال الحديثة. قانون جديد سيثير جدلا كبيرا خلال الأيام القادمة خاصة وأنه سيعطي أكثر استقلالية لهيئة حماية المعطيات الشخصية وفق تعبير شوقي كداس رئيسها الحالي ،وفي علاقة بأرشفة الملفات التي بحوزة هيئة الحقيقة والكرامة هل تكون بداية معركة أخرى لهذه الأخيرة مع الهيئة المذكورة ومع بقية الأطراف المساندة لها على غرار مؤسسة الأرشيف الوطني؟ وهل تكون فكرة تخزين الأرشيف المتعلق بالتسجيلات السمعية البصرية حجّة لرفض التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة؟

الهيئة «المسؤولة الوحيدة»
بالعودة إلى بيان هيئة الحقيقة والكرامة الذي جاء ردّا على مواقف كلّ من هيئة حماية المعطيات الشخصية وهيئة النفاذ للمعلومة وكذلك مؤسسة الأرشيف الوطني التي أوضحت بأن تخزين أرشيف الهيئة لدى جهة أجنبية يهدّد المعطيات الشخصية ومخالف للدستور ولقانون العدالة الانتقالية اعتبرت الهيئة انها وحدها المؤمـّنة على ضمان سلامة أرشيفاتها إلى نهاية عهدتها في 31 ديسمبر 2018 دون غيرها و إنّ حفظ التسجيلات السمعية البصرية وضمان سلامتها هو من المسؤولية الحصرية للهيئة طبقا للفصل 63 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية وتطبيقا للأمر عدد 1451 لسنة 93 والمتعلق بالمسؤولية في مجال التصرّف والحفظ بالنسبة للوثائق الإدارية الجارية وتحديدا الفصل الخامس منه الذي يكلّف المؤسسات والمنشآت العمومية لوحدها بالسهر على التصرف والحفظ بالنسبة للوثائق الإدارية التي تنشأ وتتجمّع في إطار ممارسة نشاطها.هنا وكأنها تبعث برسالة للجميع بعدم التدخل في شؤونها وبالتزام الصمت والفرجة فقط ،كما أوضحت من جهة أخرى بأن طلب العروض عدد 01 لسنة 2018 لا يتعلق بإيواء أرشيف الهيئة ومستنداتها الكاملة وإنّ ما يتعلق بالتسجيلات السمعية البصرية فحسب ونظرا للحجم الكبير لهذه الفيديوهات وخشية من تضرّرها، قررت الهيئة أن تقوم بطلب عروض لحفظ نسخة ثانية من هذا الرصيد السمعي البصري لدى مزوّدين تونسيين يتوفّرون على شروط منظومة التصرّف في السلامة المعلوماتيّة وحاصلين على مصادقة المنظمة الدولية للمعايير.

المشاركة في هذا المقال