Print this page

حمه الهمامي المتحدث باسم الجبهة الشعبية: المصالحة التي تُنظّر لها رئاسة الجمهورية هي مصالحة مع الفساد والاستبداد

• الانتخابات البلدية ستحدد وزن وثقل كل طرف
تتسارع الأحداث في تونس مما يوحي بان الأزمة ستستفحل أكثر فأكثر، في ظل ضبابية

المشهد العام وعدم وضوح الرؤية امام الاحزاب السياسية سواء في المعارضة أو في احزاب الحكم، «المغرب» التقت بحمة الهمامي المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية لمحاورته عن اهم القضايا المطروحة اليوم على الساحة وموقف الجبهة منها وحقيقة الدعوة الى انتخابات مبكرة، في الوقت الذي تطالب فيه الجبهة بتاجيل موعد الانتخابات البلدية.

• كيف تقيمون الوضع العام اليوم في تونس، اثر تطورات الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة لتطاوين ؟
بالنسبة للجبهة ليس الامر تأدية زيارات للجهات، وانما هو ماذا يقدم الائتلاف الحاكم للبلاد وللجهات، مع الأخذ بعين الاعتبار بان لكل جهة أولوياتها ومشاكلها. اليوم الائتلاف الحاكم ليس له مشروع ولا برنامج قادر على النهوض بالبلاد وعلى تلبية الحاجيات الأساسية لغالبية الشعب التي تحوصلها كلمة التنمية بما تعنيه من شغل وكرامة وخدمات أساسية، من صحة وتعليم ونقل وسكن وطرقات.
ان الائتلاف الحاكم وقبله الترويكا والحكومات الانتقالية كلها استمرّت في ذات الخيارات التي كرسها نظام بن علي وثار عليها الشعب لذلك من الطبيعي ان لا يرضي الشعب وان يحتج عليها ويناهضها من جديد. وهو ما نبهت إليه الجبهة الشعبية لمّا تشكلت الحكومة والائتلاف الجديد.

• هذه الحكومة تقول انها مختلفة؟
ما تم من زيارات لا يختلف عما سبقه من زيارات الحكومات المتعاقبة منذ 2011، وهي زيارات عديمة الجدوى، بل انها عوضا عن ان تطفئ الاحتجاجات، تقوم بتأجبجها وهو ما حدث في أكثر من جهة أخرها تطاوين. بعبارة أخرى البلاد في حاجة لخيارات جديدة تكرس الخطاب المركزي للثورة التونسية «شغل حرية كرامة وطنية».

• خيارات جديدة ام حكومة جديدة؟
نحن لا نتحدث عن تغيير حكومة فالأمر لا يتعلق بها وحدها. نحن نتحدث عن ائتلاف كامل وأغلبية حاكمة ومنظومة حكم، من رئاسة دولة الى الحكومة والبرلمان.
هذا الائتلاف قدم وعودا كثيرة لكنه في المحصلة لم يتقدم فيها قيد أنملة لينهض بالبلاد ويحقق مطالب الشعب. بل هناك عرقلة لاستكمال مؤسسات الجمهورية الثانية، واحتدام للصراعات داخل الائتلاف وحتى صلب احد أحزاب الائتلاف، صراعات محورها المصالح الضيقة. التي تتجلى في إصدار قوانين للتفريط في سيادة البلاد و نهب ثرواتها واغراقها في المزيد من التبعية للمؤسسات المالية الدولية وللشركات والدول الأجنبية، وتفاقم البطالة والفساد والتهميش وتدهور المقدرة الشرائية وتردي الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وسكن ونقل.
لقد بلغ الأمر لحدّ ان بات خطرا قائما يهدد وحدة البلاد، والائتلاف الحاكم لا يقدم الحلول المناسبة بل يواصل في خدمة لوبيات الفساد والتهريب والتهرب الجبائي وخدمة المؤسسات والشركات والدول الأجنبية وهذا يعني أن الائتلاف الفائز في انتخابات 2014 فاشل وعاجز وحكومة الشاهد هي جزء من هذا الائتلاف وهي استمرار للحكومة التي سبقتها.
ان الثورة في عمقها هي مراجعة جذرية لنمط تمليك الثروة ونمط توزيعها. في تونس الناس ثاروا على نمط تمليك وتوزيع يخدم الأقليات لكن لم تقع مراجعة هذا النمط لذلك من الطبيعي جدا ان تستمر الاحتجاجات والانفجارات الاجتماعية وسياسة اطفاء الاحتجاجات ليست مجدية

• ما الحل اذن؟
الجبهة الشعبية تعتبر أن إنقاذ البلاد يتطلب خيارات جديدة وطنية وديمقراطية واجتماعية تقطع مع القديم ومع أصحاب المصالح الذين يتمعشون من هذا القديم أي لوبيات الفساد والتهريب والتهرب الجبائي والمؤسسات المالية الدولية والشركات والدول الأجنبية التي تفرض على بلادنا اتفاقيات غير متكافئة.
هذه الاختيارات الجديدة لا يمكن ان يكرسها التحالف الحالي بل قوى سياسية حاملة لها وتدافع عنها، وهذا ما تدافع عنه الجبهة الشعبية وتعتبر ان الوصول إليه يجب ان يكون في اطر ديمقراطية، فنحن اليوم نعمل على إقناع المواطنين والمواطنات بوجهة نظرنا.

• قولك يعارضه قول الحكومة لكم بأنكم سلبيين وتقومون بـ«عنتريات» لا تحل المشاكل أساسا؟
رموز الائتلاف الحاكم يتهربون من تحمل مسؤولية فشلهم وعجزهم ويحاولون إلقاء المسؤولية على المعارضة، ولكن من بيده الحكم بيده سلطة القرار وهو المسؤول الأول والرئيسي عما تعيشه البلاد من أزمة.
هؤلاء من قبل الوصول للحكم كانوا يقدمون الوعود ويتبجحون بكونهم لهم برامج ومشاريع وأنهم سيحلون كل المشاكل ويخلقون 450 الف موطن شغل الى غير ذلك من الوعود الانتخابية الزائفة وحينما وصلوا الى الحكم استمروا في خدمة مصالحهم الضيقة وعمقوا أزمة البلاد وأثاروا ضدهم كل الفئات والقطاعات والجهات وعوض ان يعترفوا بفشلهم وعجزهم يحاولون تحميل المسؤولية لغيرهم، لنتفق اولا انهم فشلوا في حكم البلاد بعد ذلك يأتي نقاش البدائل، كما ان المعارضة ليس دورها اطفاء الحرائق التي يشعلها الائتلاف اليميني الرجعي الحاكم بل دورها ان تتقدم إلى الشعب كبديل لهذا الائتلاف وان تعرض خياراتها على الشعب وان تسعى لكسبه في صفها فهكذا يتم التداول السلمي والديمقراطي على السلطة.
أما رموز الائتلاف الحاكم الذين لم يعتادوا على الديمقراطية والمسكونين بهاجس البقاء في الحكم حتى لو فشلوا وعجزوا فانهم لا يعترفون بدور المعارضة ولا يرونها الا كما كان يراها بن علي ديكورا او احتياطا له. وهذا ما ترفضه الجبهة الشعبية وكل معارضة جدية وحاملة لمشروع بديل .

• التداول السلمي يكون في الانتخابات وهي في 2019، ام تركم تطالبون بان تكون انتخابات مبكرة، عوضا عن الانتخابات البلدية التي تعارضون موعدها؟
بالنسبة لنا نعمل على تغيير موازين القوى لصالح خياراتنا وبرنامجنا والانتخابات البلدية ستكون امتحانا لنا ولكل القوى السياسية لتحديد ثقلنا ووزننا وثقل ووزن كل قوى سياسية في البلاد.
لكن نحن نعتبر ان استمرار الائتلاف الحاكم الحالي في نفس الاخيارات والسياسات سيفاقم الازمة ولا ندري اذ كانت البلاد ستصل إلى هذه الانتخابات البلدية وستجريها في مناخ ديمقراطي حقيقي.
الجبهة الشعبية منشغلة في الوقت الراهن ببلورة مبادرة سياسية عامة وشاملة لمعالجة أزمة البلاد التي تمثل الانتخابات البلدية فيها جزئية من الجزئيات فالأزمة ازمة حكم شاملة والبلاد مهددة جديا بالالتفاف التام على مسار الثورة ومكتسباتها والعودة الى منظومة الاستبداد وإحياء النظام القديم بمؤسساته ورموزه وقوانينه خدمة لمصالح نفس الأقليات الفاسدة والناهبة التي ظلت تتمعش من النظام القديم وهو ما نراه اليوم أمام أعيننا بانتعاش الوجوه القديمة وظهورها من جديد وبالتحاقها بنداء تونس وتفاوضها مع حركة النهضة ، والتحضير لما يسمي بالمصالحة لرئاسة الجمهورية، وبالمصالحة الشاملة للنهضة. وفي الهروب إلى الإمام ومحاولة فرض إملاءات صندوق النقد الدولي بالقوة والعودة لسياسة العصا الغليظة وقمع الاحتجاجات والتضييق على التحركات والاعلام ومزيد الارتماء في أحضان الدول والقوى الأجنبية العربية والدولية كل هذا يطرح على القوى الحية في مجتمعنا والاحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات والشخصيات وقوى شعبية وخاصة الشباب، يطرح عليهم اليقظة والتعبئة لمواجهة ريح الثورة المضادة ومواجهة اعادة نفخ الروح في النظام القديم .

• اي انكم مع انتخابات مبكرة؟
بالطبع هناك من يفكر في الانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة كآلية ديمقراطية لمعالجة الأزمة الحالية على غرار ما يجري في كل الديمقراطيات، هذا يناقش والجبهة ستصوغ تصورها وموقفها من كل هذا في القريب لأنه لابد من افق لبلادنا من اجل خروجها من ازمتها لان استمرارها يحمل مخاطر جمة في ظل وضع اقليمي متأزم ووضع دولي خطير تهب فيه رياح اليمين الشعبوي المتطرف المبشر بالحروب والعنصرية.
اليوم تونس امام خيارين أي أمام مشروعين متناقضين.

• ما هما؟
مشروع الائتلاف الحاكم ، وهو مشروع السماسرة ولوبيات الفساد والتهرب والنهب الذي يرهن البلاد للخارج ويفقر المجتمع ويضرب الرأسمال ، في المقابل مشروع وطني ديمقراطي اجتماعي تدافع عنه الجبهة الشعبية يقوم على القطع مع خيارات المشروع الأول والالتفاف حول الوطن والشعب والاعتماد على الذات أولا ووضع اليد على الثروات الوطنية وتأميم القطاعات الإستراتيجية واعادة هيكلتها و مراجعة الاتفاقيات الاجنبية والتخلص من التي فيها ضرر للاقتصاد التونسي.

• لكن لا حظوظ لكم في الانتخابات؟
بالنسبة لنا ليس المهم مصلحتنا الضيقة والخاصة، لذلك حين نحدد مهمة لا نحددها من زاوية هل نربح ام لا بل من زاوية مصلحة البلاد والشعب وبالتالي حينما نطرح مسائل فإننا نسعى للإقناع بها وكسب التأييد لها ويبقى الحسم للشعب. اي ان المحدد ليس هل نحصل على الأغلبية ام لا ، لأنه بمثل هذا الاحتساب لا يمكن طرح مبادرات سياسية.
والجبهة الشعبية قوة ديمقراطية لا تؤمن بالانقلابات بل تؤمن بتوعية الشعب التونسي وتعتبر ان هذا هو الأسلوب الذي يحمي البلاد من الانفلات والمخاطر الإرهابية .

• عاد النقاش اليوم بشأن قانون المصالحة، ماهو موقفكم.؟
نحن ضد قانون المصالحة، اننا في الجبهة الشعبية ضد المصالحة التى تنظر لها رئاسة الجمهورية فهي مصالحة مع الفساد والاستبداد، انها مصالحة هدفها الاساسي هو التصالح مع المنظومة السياسية الفاسدة أولا اما الملف الاقتصادي فهو في المرتبة الثانية.
ان الهدف من المصالحة هو تمكين نداء تونس من التقرب من رجال المنظومة القديمة وهذا نراه يوميا اليوم، في نداء تونس ورئاسة الجمهورية اللذين يريدان التصالح مع رجالات المنظومة القديمة لاستقطابهم بعد ان ظل الرافد التجمعي فقط في الحزب، واليوم للمصالحة هدفين الاول تكتيكي وهو الانتخابات البلدية والثاني استراتيجي وهو إحياء النظام القديم ومن يعمل لهذا لا علاقة له بالثورة.
بالنسبة للنهضة، هي تريد كذلك نصيبها من المنظومة القديمة في إطار صراعها مع النداء من اجل الهيمنة على الدولة ولهذا فهم يلتقون بقيادات المنظومة السابقة. لذلك فإن النهضة طرحت مصالحة شاملة وتريد ان لا يحدد في القانون المعروض سقف زمني ولا قطاعي بل تريدها مصالحة شاملة لتستفيد منها.

• اي انت تعتبر ان هناك تصورين اليوم في تونس تصور مع استمرار الثورة والثاني مع غلق قوس الثورة؟
ان هدف المصالحة هو التصالح السياسي مع الاستبداد، وهدف الرئيس هو التصالح مع المنظومة القديمة لاستكمال الالتفاف على الثورة واستكمال احياء النظام القديم ما عدى ذلك كل ما يقال عن مصالحة ومصلحة وطنية هو كذب على ذقون الناس. فالازمة اعمق مما يوهمون به الناس من ان انهاء الازمة الاقتصادية مرتبط بالتصالح مع رجال اعمال فاسدين ، واعادة النجاعة للإدارة واصلاحها مرتبط بالعفو عن الموظفين الفاسدين، ان الازمة اعمق بكثير، لكن هم يريدون وزراء النظام القديم باعتبارهم قانونيا موظفين، يريدون رجال الاعمال الفاسدين للاستفادة منهم وان قانون المصالحة هدفه الرئيسي الالتفاف على الثورة.

• هل انتم ضد مفهوم المصالحة؟
الجبهة الشعبية تعتبر ان قانون العدالة الانتقالية هو الاطار القانوني للمصالحة، لكنهم يريدون مصالحة دون مكاشفة ودون مساءلة ومحاسبة ونحن نريد والشعب التونسي يريد من خلال الدستوردمكاشفة ومساءلة ومحاسبة. تصورنا للمصالحة اذن يقوم على منطقين متقابلين متناقضين وفي قطيعة. كما استنتج نوابنا في المجلس ان هناك توافقا بين النداء والنهضة قبل الدخول للجنة التشريع العام لمناقشة القانون، ويبدو ان النهضة حصلت على تطمينات بادراج مطالبها في المشروع المنقح لكن الوفد الرئاسي تلاعب بها وقدم الى اللجنة دون مشروع بهدف توريط المعارضة .

• تقول ان لكم منطلقين مختلفين؟
هم منطلقهم الالتفاف على الثورة والمصالحة مع المنظومة القديمة ونحن منطلقنا تحقيق أهداف الثورة ، هنا اشدد اننا لا ننطلق من مقاربة فيها انتقام ولاشيء من هذا القبيل فنحن لسنا ضد رجال الأعمال او الإداريين ولا نقول كلهم فاسدين، انما نحن ضد الفاسدين منهم ولنا غاية واحدة هي تفكيك منظومة الاستبداد والفساد لنتتحرر ونورث الاجيال القادمة الحقيقة والكرامة.

المشاركة في هذا المقال