Print this page

معضلة سلاح القذافي: ملايين الأسلحة المتطوّرة تُغرق المنطقة وتُلهب الصّراعات

ظهرت إلى الواجهة بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا سنة 2011، معضلة تتعلّق بانتشار ملايين قطع السلاح في البلاد ، حيث يصعب إلى اليوم إحصاء عددها رغم أنّ التقارير تتحدّث عن أكثر من 20 مليون قطعة سلاح بمختلف أنواعه، وقعت في قبضة ميليشيات مسلّحة

وتنظيمات متطرّفة استغلّتها في نشاطاتها الإرهابية وكانت بمثابة ‹النار» التي ألهبت الحروب في المنطقة.

وتعيش ليبيا منذ 2011 وضعا قاتما وسط تغوّل نفوذ الكتائب المسلّحة خاصّة منها المتشدّدة دينيا ، بالإضافة إلى استشراء النّعرات القبليّة واستفحال الاقتتال الأهلي في ظلّ انقسام سياسي حادّ، لم يستطع الفرقاء اللّيبيون وضع حدّ له بعد سنوات من المباحثات والمحادثات .
ويرى مراقبون أنّ ماخلّفته ثورة 17 فيفري 2011 في ليبيا ،من تصنيف للقبائل على أساس قبيلة ثائرة وأخرى موالية للنظام السّابق ، ساهم في إذكاء حالة الاقتتال الأهلي في ظلّ غياب الدّولة ومؤسّساتها ،وعلى وجه الخصوص الجيش والشرطة ، علاوة على انتشار التنظيمات المتطرّفة في ليبيا واتخاذها من البلاد موطئ قدم لها مستغلّة في ذلك الصراع بين أبناء البلد الواحد.

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

ونتيجة فوضى السّلاح العارمة التي خلّفها المشهد المعقّد في ليبيا، فقد تحوّلت المنطقة برمّتها إلى «سوق مشتعلة» يباع فيها السّلاح ويشترى بأبخس الأثمان، وفق ماذكرته تقارير إعلاميّة في الغرض ، بعد أن استطاعت الجماعات الإرهابيّة وعصابات التهريب ، والكتائب المسلّحة أيضا الحصول على مختلف أنواع الأسلحة، في وقت انتشر فيه السلاح لا فقط في الداخل اللّيبي، بل وصل أيضا إلى دول تعاني بدورها حروبا مستعصية،حيث وصلت الأسلحة الليبية لنقاط توتر عديدة في مالي ونيجيريا والسودان وإفريقيا الوسطى وتونس والجزائر وغيرها من دول الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق. وتزداد خطورة هذا التهريب في الوقت الذي تتلاشى فيه سلطة الحكومة المركزية في ليبيا، بل وتجد ليبيا نفسها أمام أوضاع سياسية وعسكرية وأمنية تمنعها من السيطرة على حدودها وعلى نشاط شبكات التهريب.
يشار إلى انّه إبان اندلاع شرارة الثورة الليبية ، قالت تقارير إعلامية غربية، أنّ التنظيمات المتطرّفة في المنطقة وخاصّة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في البداية ثمّ تنظيم «داعش» فيما بعد، استغلّت الوضع المتفجّر لجمع الأسلحة عبر طرق مختلفة سواء الشراء أو النهب من المخازن وتهريبها إلى الصحراء.

وتشير معلومات إلى أنّ مخازن السّلاح التّابعة لنظام القذافي ، كانت توجد في صحراء ليبيا جنوب البلاد، أي قريبا من الحدود مع دول تعاني صراعات محتدمة (مالي والنيجر)، ممّا سهّل وصولها إلى أيدي جماعات إرهابيّة .
ويجمع مراقبون انّ تجارة السّلاح انتعشت عقب سقوط نظام القذافي ،حيث ساهمت تجارة التهريب بين ليبيا ودول جوارها في تغذيتها ، وتسهيل نشاط الجماعات الإرهابية في هذه الدول.

«صواريخ القذافي» بيد التنظيمات الإرهابية
وفي أخر التقارير المتعلّقة بمصير ملايين قطع السلاح العائدة إلى النظام الليبي السابق ، يقول خبير الأسلحة ‘تيموثي ميشيتي’ وهو خبير في مجال استقصاء مصادر الأسلحة المستخدمة في مناطق الصراعات حول العالم ،في تقرير نشرته صحيفة «الاندبندنت» البريطانية ، أنّ ‘ميشيتي’ تمكّن من الوصول -بعد جهد كبير- إلى مقر إحدى الجماعات المسلحة في مدينة «سبها» الليبية ، حيث «تمكن من إقناع أفرادها برؤية «أكثر أسلحتهم قيمة» ليجد في مخازنهم 4 صواريخ من منظومة الدفاع الجوي الروسية المحمولة على الكتف «إس إيه 7» وصاروخين من الطراز الأحدث للمنظومة ذاتها «إس إيه 16»» وفق مانقلته الصحيفة.

ووضحت الصحيفة «أن قادة الجماعة المسلحة أكدوا لميشيتي أنهم حصلوا على الصواريخ من مهربين كانوا بصدد نقلها إلى تشاد المجاورة لكن خبير الأسلحة عندما عاد لمقر الشركة في لندن وقارن أرقام الصواريخ المسلسلة بقاعدة بيانات الشركة اكتشف أن هذه الصواريخ جميعا من ترسانة العقيد القذافي السابقة».

وأثارت فوضى السلاح قلق أوروبا ، القريبة جغرافيا من ليبيا ، حيث يواصل المجتمع الدولي منذ سنتين الضغط على فرقاء الصراع في ليبيا ، للتسريع بالمصادقة على حكومة وحدة وطنية، بما يسمح للمجتمع الدولي بمساعدة الحكومة على جمع الأسلحة، وإعادة بناء الجيش والشرطة وإعادة هيكلة المؤسسات الليبية.

المشاركة في هذا المقال