Print this page

نصيف الخصاف الكاتب والمحلّل السياسي العراقي لـ«المغرب»: «السوداني يحتاج إلى قوى دافعة للنجاح في إدارة العراق، ولا يحتاج إلى قوى كابحة»

• «الدول الكبرى تسعى لاستقرار العراق لأنّه سوق مفتوح ممكن أن يستوعب كثير من مجالات الاستثمار»

قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف «يحتاج رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إلى قوى دافعة للنجاح، ولا يحتاج إلى قوى كابحة»، واضاف أنه يواجه تحديات كبيرة يتمثل أهمّها في أنه مُلزم ذاتيا وموضوعيا بإحداث تغيير نوعي في سياساته خاصة منها الداخلية، باعتبار أنه قد جاء بعد مخاض عسير كان سيؤدي إلى حرب أهلية لو لا تدخل العقلاء.
وأضاف الخصاف أنه على السوداني تقييم العلاقات مع كافة الدول من جهة البحث عن مصالح العراق وقضايا العراق، لا مصالح دول أخرى أو قضايا أخرى.
• ما التحديات المطروحة أمام حكومة محمد الشياع السوداني ؟
يواجه السيد رئيس مجلس الوزراء تحديات كبيرة يتمثل أهمها في أنه ملزم ذاتيا وموضوعيا بإحداث تغيير نوعي في سياساته خصوصا الداخلية منها، فقد جاء بعد مخاض عسير كان سيؤدّي إلى حرب أهليّة لو لا تدخل العقلاء، وهو مرشّح قوى الإطار التنسيقي التي بعضها متّهم بالفساد وامتلاك ميليشيات خارج إطار القانون تعمل أحيانا ضد الإرادة الرسمية المعلنة للدولة.
وهو شخصية لم تثبت عليها ملفات فساد، ولديه رؤية لبناء الدولة وخطة لتقديم الخدمات التي يئن المواطن تحت وطئتها منذ سنوات مثل شحة الكهرباء وشحة المدارس وشحة المستشفيات إضافة إلى تبنيه لسياسة وموقف واضح ضدّ الفساد والفاسدين . وسيسعى الى التوفيق بين رؤيته لمعالجة كل ذلك، ورؤية بعض داعميه من القوى السياسية داخل الإطار التنسيقي فضلا عن حلفائه الآخرين وذلك أمر في غاية الصعوبة وقد نشهد نشوب خلافات مع القوى التي لا تريد له النّجاح في مساعيه قريبا.
هذا هو التحدي الأكبر الذي سيواجهه، والتحدي الثاني يتمثل في إجراء أو عدم إجراء انتخابات مبكرة، فرغم أنّ البرنامج الحكومي أشار إلى إجراء انتخابات مبكرة إلا أنّ القوى السياسية لا تريد-في السر أكثر منها في العلن- إجراء مثل هذه الانتخابات.
• كيف كانت مواقف الأطراف السياسية في العراق من حكومة السوداني ، وهل ستنجح برأيكم هذه الحكومة في إدارة المرحلة الراهنة؟
حل مواقف الأطراف السياسية داعمة لحكومة السوداني باستثناء التيار الصدري الذي سحب نوّابه من مجلس النواب وقاطع تشكيل الحكومة وأعتقد ان ذلك هو التحدي الثالث أمام السوداني، حيث انّ التيار الصدري سيتصيّد أية بادرة فشل للحكومة في تنفيذ برنامجها بما في ذلك مدى التزامها بإجراء انتخابات مبكرة للخروج في مظاهرات ضد حكومته.
فبينما يحتاج السوداني إلى وقت لإثبات قدرته على معالجة بعض المشاكل المزمنة، لن يترك له خصومه فرصة إثبات ذلك لأنّ ذلك يعني نجاحا للقوى السياسية المنافسة للتيار الصدري التي يريد التيار الصدري إثبات عدم قدرتها على معالجة المشاكل التي يعاني منها البلد.
أعتقد إنّ المشاكل الحقيقية التي ستواجه السوداني مع التيار الصدري وغيره من القوى المعارضة ستظهر بعد سنة من الآن خاصة إذا لم تدعم القوى السياسية متمثلة بقوى الإطار التنسيقي السوداني للقيام بإصلاحات جذرية تمس العملية السياسية وتلقي بظلالها على الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعراقيين والتي قد تتعارض مع متبنيات وسياسات بعض تلك القوى.
السوداني يحتاج إلى قوى دافعة للنجاح، ولا يحتاج إلى قوى كابحة كما اعتدنا في الدورات السابقة حيث الخلافات السياسية مع رئيس مجلس الوزراء تجعل في كل خطوة يخطوها باتجاه الأمام عراقيل وكوابح كي لا يشار إليها كإنجازات حزبية لحزب رئيس الوزراء أو لشخصه، وهذه إحدى أبرز مشاكل النظام النيابي.
• من التصريحات الدولية وإعلان نية ماكرون زيارة العراق قريبا..يبدو أنّ هناك دعم خارجي لحكومة السوداني مارأيكم ؟
هناك دعم دولي لحكومة السوداني من كل الأطراف المعنية بالوضع بالعراق لعدة أسباب يقع في الأولوية منها عدم استعداد المجتمع الدولي على نشوب صراع داخلي في العراق قد يخرج العراق من سوق الطاقة ويدخل المنطقة برمتها في أتون صراع قد لا ينتهي بمدة قصيرة، وهو ما يمكن أن تجره حرب داخلية كان العراق على شفا حفرة منها.
وكل الدول الكبرى تسعى لاستقرار العراق لأنه سوق مفتوح ممكن أن يستوعب كثير من مجالات الاستثمار لأنه بحاجة إلى كل طاقة وكل قدرة يكن أن يقدمها المجتمع الدولي كي يخرج العراق من حالة عدم الاستقرار التي يمر بها منذ سنوات.بالإضافة إلى ذلك، هناك من يريد من حلفاء السيد السوداني تقييده بنوع من العلاقات مع دول دون أخرى، والانجرار خلف هذه الدعوات يفقد العراق بعض الأصدقاء الفاعلين على الساحة الدولية، والحقيقة إن على السوداني تقييم العلاقات مع كافة الدول من جهة البحث عن مصالح العراق وقضايا العراق، لا مصالح دول أخرى أو قضايا أخرى.
• أين ترون العراق من أزمات المنطقة وتوتراتها سوريا فلسطين اليمن لبنان . . وهل تأثرت بغداد بالحرب الروسية الأوكرانية؟
يبقى العراق يتأثر بما يجري حوله شأنه شأن البلدان الأخرى وفي كل الدول التي ذكرتها صراعات تغذيها أطراف خارجية والعراق يحاول أن يلعب دور التهدئة بين بعض الأطراف الفاعلة بالمنطقة وصولا إلى بيئة سليمة تشجع على البناء والإعمار والاستثمار.
الحرب الروسية- الأوكرانية أثرت على كل دول العالم من ثلاث نواح.. الأولى أنها أثرت على إمدادات الطاقة لأوروبا وبالتالي أثرت على استقرار أسعار الوقود عالمياً والعراق شأنه شأن الدول النفطية الأخرى تأثر كثيرا بهذا الجانب.الثانية: أثرت الحرب على إمدادات الغذاء العالمية خاصة وان طرفا النزاع من الدول المصدرة للقمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا بسبب الحرب والعراق احد الدول المستوردة له.
الناحية الثالثة: أن الحرب وضعت العالم أمام احتمال تمدد الصراع للمناطق الأبعد والعراق يقع ضمن المناطق القريبة من الصراع جغرافيا خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ الروس بصدد زيادة وتدعيم تواجدهم في سوريا كرد على نشر حلف الناتو أسلحة نووية تكتيكية في أوربا.

المشاركة في هذا المقال