Print this page

ليبيا: جلسة منتظرة للبرلمان خارج طبرق للمصادقة على حكومة الوحدة الوطنية

كشفت مصادر مقرّبة من المجلس الرئاسي لحكومة السراج تراجع عضوي المجلس عمر الأسود وعلي القطراني عن قرار تعليق عضويتهما بالمجلس ،بسبب ما اعتبروه سيطرة جماعة الإخوان على المجلس الرئاسي والحكومة وعزمهما إقصاء الفريق خليفة حفتر.
استئناف القطراني

والأسود لنشاطهما صلب المجلس الرئاسي جاء بعد اتفاق لجنة 6+6 البرلمانية المكونة من عدد من النواب المؤيدين والنواب الرافضين للحكومة، على حذف المادة الثامنة وملاحقها من الاتفاق السياسي. مما سوف يسمح للبرلمان المعترف به دوليا بالاحتفاظ باختصاص تعيين القيادات العسكرية والأمنية ويضمن تثبيت قائد الجيش الحالي حفتر بمنصبه.

وبعودة علي القطراني وعمر الأسود يكون الوئام والانسجام قد عاد إلى المجلس الرئاسي ،مما سينعكس على أدائه. لتبقى الإشكالية الوحيدة لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي ،هي منح الثقة للحكومة إذ يبدو أنه بات من شبه المستحيل عقد البرلمان لجلستي التعديل الدستوري والمصادقة على الحكومة في طبرق بسبب عرقلة الأقلية المعارضة للأغلبية الداعمة للحكومة والموقف المتردد لرئاسة البرلمان ولتجاوز هذا الإشكال ووفق آخر المستجدات والمعلومات في هذا الشأن فإنه ينتظر نقل جلسة مجلس النواب القادمة إلى خارج طبرق ودوما تبعا لآخر المعلومات المتوفرة فإن إحدى المدن التالية مرشحة لاحتضان الجلسة الحدث ستكون إما طرابلس أو غدامس أو الكفرة. تأجيل مجلس النواب لعقد جلسة المصادقة على الحكومة لم يمنع المجلس الرئاسي ولا رئيسه فايز السراج من مباشرة أعمالهم وعقد اللقاءات لحلحلة الأزمة والبحث عن حلول.

معيتيق يزور ايطاليا
في هذا السياق تحول النائب الأول لرئيس المجلس أحمد معيتيق إلى إيطاليا أين أجرى مباحثات مع ماتيو رينزي رئيس الحكومة الإيطالية ووزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني حيث استعرض معيتيق مع محاوريه آخر التطورات السياسية والأمنية.
تقارب مواقف البلدين لا ينفي وجود بعض الخلافات سيما المتعلقة باستراتيجية مكافحة الهجرة غير الشرعية المتدفقة من ليبيا نحو إيطاليا فالطرف الليبي يرى نفسه هو أيضا ضحية مثل إيطاليا وأوروبا ويطمح إلى إمضاء اتفاق مماثل لما وقعه الاتحاد الأوروبي أخيرا مع تركيا. الطرف الليبي كذلك يطمح أن يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تجفيف منابع الهجرة غير النظامية عبر دفع التنمية داخل دول جنوب الصحراء وتامين حدود ليبيا الجنوبية. بينما يعلم الجميع أن الاتحاد الأوروبي يعمل على وقف المهاجرين غير الشرعيين عند سواحل ليبيا ليتجلى بوضوح أن بعض الدول الأوروبية ومنها بالأخص فرنسا لا تهمها مصالح الدولة الليبية بقدر ما تهمها مصالح الدول الحليفة لها أي دولة تشاد والنيجر التي تعاني من البطالة والفقر والتي تمثل أكبر دول مصدرة للهجرة غير الشرعية وبالتالي دولة مثل فرنسا تسعى للتخفيف من تلك الأزمات لدى حلفائها على حساب ليبيا. أما إيطاليا فهي إلى حد الآن لم تدعم فعليا ليبيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية في ذلك عدم تسليمها قطع بحرية تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية، قطع تجربة تؤكد أطراف ليبية أنها تقبع منذ سنوات بموانئ إيطالية دون إنجاز المطلوب.

وأمام عدم وضوح رؤية الاتحاد الأوروبي حول أزمة الهجرة تخشى طرابلس من وجود إستراتيجية خفية لدى المسؤولين الأوروبيين تتعلق بتوطين عشرات ومئات الآلاف من المهاجرين داخل ليبيا. وحول الانتقادات الغربية الموجهة لسلطات طرابلس بوجود انتهاكات ضد المهاجرين داخل مراكز الإيواء فإن الأطراف الرسمية الليبية أكدت مرارا أن الانتهاكات على أقليتها تبقى تصرفات فردية ومعزولة.

واقترحت طرابلس لتلافي مثل تلك الانتهاكات مساعدتها في تحسين ظروف الإيواءات داخل المراكز المعنية وترحيل المهاجرين المقبوض عليهم في المياه الدولية أو لدى أوروبا مباشرة إلى دولهم وليس إرجاعهم من حيث انطلقوا أي إلى ليبيا.

بلحاج يهاجم حفتر
أكد عبد الحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة ورئيس حزب الوطن على أهمية الإسراع بتحرير مدينة سرت من الدواعش على يد الثوار قبل أن يبادر حفتر بإرسال قواته إلى سرت وعن حفتر أيضا ذكر بلحاج أنه سيتقوى بالأجنبي لتحقيق ما يزعم أنه انتصارات ضد الإرهاب.
معلوم أن طرفي النزاع المسلح في ليبيا أي الكرامة وفجر ليبيا تضاربت مواقفهما حيال سيطرة داعش على مدينة سرت ففي الوقت الذي تؤكد فيه قيادة عملية الكرامة أن فجر ليبيا انسحبت من سرت، وتخاذلت في الدفاع عنها مما فتح الباب أمام قوة صغيرة من الدواعش باقتحام المدينة وإعلانها إمارة إسلامية. نجد أن فجر ليبيا تتهم جيش الكرامة بمساعدة داعش بوسائل مختلفة.

وتذهب قيادة الكرامة إلى أبعد من الذي حدث في سرت لتؤكد ثبوت إرسال فجر ليبيا لجرافات معبأة بالأسلحة والذخيرة من ميناء مصراتة وطرابلس إلى مجلس شورى ثوار بنغازي والذي ثبت وجود دواعش ضمنه.
المحصلة أن تنظيم «داعش» الإرهابي قد استغل بشكل أو بآخر الخلاف الحاد القائم بين فجر ليبيا وعملية الكرامة ولربما انطلاقا من ذلك التباين وحالة العداء أمكن لداعش كسب متعاطفين معه من هذا الطرف أو ذاك وتمكن داعش من شراء ذممهم ليمكنوه من الأسلحة وحتى المعلومات. وسبق لقوات حفتر أن أقرت بوجود اختراقات وتجاوزات صلب الحلقة الوسطى من الضباط في بنغازي استفاد منها التنظيم الارهابي داعش.

سرت ورقة مهمة للغاية
يُجمع الخبراء على أن الجميع عينه على سرت في الشرق الليبي يبدو أن الفريق حفتر صعد من حربه على مجلس شورى ثوار بنغازي وحقق تقدما مشهودا على طريق تحريرها نهائيا معولا على سلاحه الجوي والدعم الخارجي والدعم المالي والسياسي الذي يتلقاه من البرلمان والحكومة المؤقتة ويطمح حفتر بعد إنهاء وحسم معركة بنغازي للتوجه إلى سرت والتي يعتبرها ورقة مهمة للغاية لا بد من كسبها فقد سبق وأن تحدث عن ذلك. حفتر أيضا تمكن أخيرا من إجبار الفرقاء ومجلس النواب بحذف المادة الثامنة للاتفاق السياسي وقد لعب علي القطراني عضو المجلس الرئاسي وزميله عمر الأسود دورا مهما في ذلك. خارجيا الفريق حفتر يحظى بدعم مصر، إيطاليا، فرنسا وبريطانيا وترشحه تلك الدول للعب دور في محاربة الإرهاب. على الطرف الآخر يقف تنظيم فجر ليبيا وهو الآخر عينه على سرت ولا يريد أن يسبقه أحد اليها حتى لا يتهم بأنه متعاطف مع تنظيم داعش الإرهابي. ويدرك تنظيم فجر ليبيا أنه غير مرحب به بين أهالي سرت المحسوبين على النظام السابق ورغم ذلك يصمم الفجر والإخوان على استغلال ورقة بحجم سرت.

وبين هذا وذاك يقف المجتمع الدولي ماسكا العصا من النصف وهذا المجتمع الدولي نفسه منقسم بين دعم حفتر ودعم فجر ليبيا والسؤال المطروح في مثل هكذا ازدواجية وتضارب إلى أي مدى بإمكان المجتمع الدولي وهو بصدد إعلان الحرب على الإرهاب وسرت إحدى محطاته أن يوفق في التقريب بين جيش حفتر وقوات فجر ليبيا ليكونا شريكين للتحالف الدولي في الحرب على «داعش» على الميدان؟

المشاركة في هذا المقال