Print this page

فيما باشر المجلس الرئاسي الليبي ومجلس الدولة أعمالهما: تنظيم «داعش» الإرهابي يتوسّع ودوائر القرار الغربية تحسم التدخل العسكري

عقد مجلس الدولة أمس جلسته الثانية برئاسة أكبر الأعضاء سنّا عبد الرحمان الشاطر وأصغر الأعضاء سنا مقررا للجلسة التي خصصت لمناقشة اللائحة الداخلية والتواصل مع الأعضاء المتغيبين قصد الالتحاق بجلسات المجلس. بدوره كان المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج باشر أعماله

هو الآخر بداية من الأربعاء قبل الماضي موعد دخوله طرابلس، وقد عقد إلى حد الآن أزيد من 18 لقاء واجتماعا في مسعى لتوسيع شريحة الداعمين للتسوية السياسية وقد نجح المجلس الرئاسي بنسبة كبيرة في استمالة الشارع الليبي إلى صفه مما قلّص من قاعدة معارضة الاتفاق السياسي ولعل نجاح مجلس الدولة في عقد جلساته وأيضا مرونة رئاسة البرلمان المعترف به دوليا خير برهان ودليل على نجاح المجلس الرئاسي.

إلى ذلك أعلن عضو المجلس الرئاسي عمر الأسود الذي سبق أن علق عضويته، دعمه لاتفاق رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مع المبعوث الدولي مارتن كوبلر على منح الثقة للحكومة بداية الأسبوع القادم.

موقف الأسود الجديد يوحي بعودته قريبا لمباشرة عمله صلب المجلس الرئاسي ليبقى عضو واحد مقاطعا لأعمال المجلس الرئاسي وهو علي القطراني المحسوب على جناح الجنرال خليفة حفتر، وفي هذا الخصوص لمحت تسريبات من طبرق إلى وجود اتصالات مع القطراني لإثنائه عن موقفه وبالتالي عودته هو أيضا لأحضان المجلس الرئاسي خلال الساعات القادمة.

داعش يتوسع نحو الجنوب
مقابل تقدم العملية السياسية وسلاسة دخول المجلس الرئاسي ومباشرة أعماله وانطلاق الجلسات الرسمية لمجلس الدولة والترحيب الدولي الواسع بتلك الخطوات المهمة وتجديد الدعم الدولي ودول الجوار لحكومة الوفاق الوطني مقابل ذلك الانفراج واستبشار الليبيين بقرب تجاوز الأزمة المستعصية ،نقلت تقارير استخباراتية وأمنية من الجنوب الليبي تخطيط تنظيم داعش الإرهابي الهجوم على حقول النفط، وأشارت ذات التقارير إلى سعي داعش السيطرة كذلك على المناطق المجاورة للجضرة مثل الواحات وغيرها. وكانت تقارير سابقة أكدت تحالف داعش ليبيا مع حركة العدل والمساواة السودانية الانفصالية بهدف التنسيق للسيطرة على حقول النفط ومسالك التهريب جنوب شرق ليبيا.

وفي سياق توسع داعش الإرهابي جنوب ليبيا دوما ذكر شهود عيان من مدينة هون مهاجمة مجموعة مسلحة تابعة لما يعرف بـ›داعش› بوابة الرواغة مما أسفر عن استشهاد أحد الحراس أما عن آخر المستجدات في سرت الواقعة تحت نفوذ التنظيم الإرهابي فقد ذكر عبد الفتاح السيوي رئيس بلدية المدينة المنكوبة أن «داعش» نشر قائمة تحتوي على 130 اسما ممن أصدرت فيهم المحكمة الشرعية للتنظيم أحكام القصاص تمهيدا لتنفيذ تلك الأحكام الجائرة كما أقدم داعش على الاستيلاء على عدد من منازل المواطنين بالقوة.
السيوي أضاف أن مواقع لداعش تعرضت إلى غارات جوية مجهولة دون توفر معلومات عن الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن القصف الجوي الذي استهدف مقر الأمانات وميناء سرت البحري.

وحول توافد مقاتلين جدد على مدينة سرت لتعزيز الدواعش تم تداول معلومات أمنية تفيد بالتحاق مقاتليه من الجزائر وتونس والصومال خلال الأيام الفارطة، أما غرب طرابلس وتحديدا في صبراتة التي شهدت مواجهات بين سرايا الثوار وبقايا داعش هناك فإنه لم يتأكد إلى حد الآن تطهير المدينة ومزارعها من عناصر «داعش» خاصة مع وجود حاضنة شعبية للفكر الداعشي التكفيري.

اللافت والخطير في هذا السياق أنه يوجد مسؤولون محليون متعاطفون مع التنظيم الإرهابي وهم غير مرتاحين لانقلاب المجلس العسكري صبراتة عليه بصفة مفاجئة قبيل الغارة الأمريكيّة ثم إعلان الحرب على «داعش» من طرف المجلس العسكري صبراتة.
وغير بعيد عن مدينة صبراتة أي في الزاوية فقد تم تسجيل اختفاء زورق حربي حديث تابع لفرقة ووحدة الضفادع البشرية في ظروف غامضة من ميناء الزاوية البحري ،ورغم التعجيل بفتح تحقيق في الغرض لمعرفة ملابسات الواقعة إلا أنه لم يتم الوصل إلى أي معطيات وبرزت تخوفات حقيقية من أن يكون عناصر من داعش هم الذين استولوا على الزورق المختفي أو وجود اختراق لداعش صلب حراس الميناء.

الأفريكوم تكشف
أمام تمدد «داعش» الارهابي في ليبيا في كل الاتجاهات وخاصة تخطيطه للهجوم على الجضرة ومناطق الواحات حيث حقول النفط، العملية التي أطلق عليها التنظيم الإرهابي اسم «غزوة أبو جعفر الأنصاري» أمام ذلك كشفت القيادة الأمريكية في إفريقيا- الأفريكوم – عن تحديد عشرات الأهداف تابعة للتنظيم في ليبيا تمتد من أجدابيا، درنة، سرت وصبراتة. معلوم أن الكونغرس الأمريكي كان منذ شهر مضى حدد هو الآخر 118 هدفا لاستهدافها في ليبيا.

من جانبه وافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما عند لقائه أمين عام الحلف الأطلسي على التنسيق والتعاون مع الحلف لإمكانية التدخل العسكري في ليبيا. ومع أن أغلب الخبراء والمراقبين يقرون بوجود انقسامات وخلافات حول الذهاب نحو القيام بتدخل عسكري من عدمه إلا أن كل المؤشرات القادمة من العواصم الغربية تعزز فرضية التدخل العسكري الذي بات وشيكا جدا من أجل مكاسب سياسية بحتة.

في الحقيقة فإن الغرب أكمل الاستعدادات للتدخل فالخطط جاهزة لإنجاز تدخل عسكري ثان بعد تدخل 2011 وأيضا وهذا الأهم فإن حكومة الوفاق باشرت أعمالها وهي الطرف الشرعي الوحيد وبالإمكان إقناعها بطلب ذلك التدخل العسكري الغربي وحتى وإن تهرّب رئيس الحكومة فايز السراج من التقدم بهكذا طلب فإن مخاطر داعش المتزايدة أخيرا سوف تجبر السراج على القيام بتلك الخطوة.

ففي الوقت الذي ترفض فيه الجزائر وتونس وبدرجة أقل الجارة الشرقية مصر القيام بتدخل عسكري يمكن أن يصعّد الأحداث ويربك العملية السياسية برمتها نجد دولا مثل النيجر وتشاد تدعم التدخل العسكري بل سبق أن طالبت بالتعجيل به.

مدينة زوارة الحالمة
لا يختلف عاقلان الآن بأن ليبيا تعيش لحظات فارقة في تاريخها الحديث مع بداية تنفيذ بنود الاتفاق السياسي وبدء أعمال المؤسسات المنبثقة عن ذلك الاتفاق وطيّ صفحة الماضي البعيد والقريب أي صفحة زمن القذافي المظلمة وصفحة ما بعد إسقاط القذافي التي تميزت بالصراعات المسلحة والتجاذبات السياسية والحرب الأهلية. المشهد كان قاتما مدن منكوبة بلا إغاثة، نصف مليون نازح داخليا أكثر من مليوني مهجر في دول الجوار. مدينة واحدة ووحيدة استطاعت النجاة من تداعيات الفوضى والتجاذبات والفتن وهي مدينة زوارة 60 كلم عن الحدود مع تونس. والفضل في ذلك عاد ويعود لعقلائها وأعيانها الأمازيغ الذين أنجزوا أول انتخابات نزيهة للمجلس البلدي والمجلس العسكري ثم شدوا أزر تلك المجالس المنتخبة. وهكذا استطاعت زوارة تجاوز تداعيات التقلبات والفوضى الحاصلة داخل المناطق المجاورة: الزاوية، صبراتة، الجميل، الرقدالين، زلطن وغيرها..

تسامح أمازيغ زوارة دفعهم إلى عدم الرد على انتهاكات مدن الجوار الموالية للقذافي وتعمّد هتك أعراض أهالي زوارة خلال حرب التحرير. حكمة أمازيغ زوارة جعلت منها قوة دافعة نحو التهدئة وتوحيد الصف في مناطق النزاع غرب ليبيا وما يحسب لمدينة زوارة أيضا هو سرعة تجاوز حالات غلق المعبر الحدودي راس الجدير باعتبار المعبر مرجع نظر إداري لبلدية زوارة.

المشاركة في هذا المقال