Print this page

عقوبات أمريكية جدية ضدّ كوريا الشمالية: شدّ وجذب بين واشنطن وبوينغ يانغ و دعم روسي صيني يقلب التوازنات

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بنكين روسيين وشركة كورية شمالية وشخص تتهمه بدعم برنامج «أسلحة الدمار الشامل الكوري الشمالي»،

وذلك في أحدث عقوبات تُفرض على بيونغ يانغ بعد الجولة الآسيوية التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن في محاولة لتقريب وجهات النظر ، إلاّ أن قيام كوريا الشمالية بإطلاق صواريخ بعد ساعات من مغادرة بايدن أثارت غضب الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي .
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إنها استهدفت شركة «إير كوريو تريدنج» كورب، وكذلك بنكي «فار إيست» و»سبوتنك» بسبب إسهاماتهما في التحصيل وجمع عائدات لمنظمات كورية شمالية.واستهدفت واشنطن أيضا «جونغ يونغ نام»، وهو ممثل مقيم في روسيا البيضاء لمنظمة تابعة لأكاديمية العلوم الطبيعية في كوريا الشمالية، والذي قالت واشنطن إنه يقدم الدعم للمنظمات الكورية الشمالية المرتبطة بتطوير الصواريخ الباليستية.

وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون في البيان «ستواصل الولايات المتحدة تنفيذ وفرض العقوبات الحالية في الوقت الذي تحث فيه كوريا الشمالية على العودة إلى المسار الدبلوماسي والتخلي عن سعيها لامتلاك أسلحة دمار شامل وصواريخ باليستيّة».
ويرى مراقبون أنّ العقوبات التي فرضتها واشنطن هي محاولة للضغط على «بيونغ يانغ» بعد استئنافها إطلاق الصواريخ الباليستية ، ورغم أن سلاح العقوبات غير جديد في علاقة أمريكا بكوريا الشمالية بسبب ملف الأخيرة النووي إلاّ أن المثير للإهتمام اليوم هو استعمال الصين وروسيا حق النقض ضد مسعى قادته الولايات المتحدة لفرض مزيد من العقوبات الدولية على كوريا الشمالية بسبب إطلاقها صواريخ باليستية، وهو انقسام يحدث لأول مرة منذ سنة 2006.
ووفق تقارير إعلامية فقد أجرت كوريا الشمالية سلسلة من عمليات إطلاق الصواريخ هذا العام، من أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت إلى إطلاق أكبر صواريخها البالستية العابرة للقارات لأول مرة منذ ما يقرب من خمس سنوات. كما تستعد على ما يبدو لما سيكون أول تجربة نووية لها منذ عام 2017.

موقف البيت الأبيض
ووفق متابعين فإنّ إدارة البيت الأبيض تسعى منذ وصول بايدن للحكم إلى عودة قنوات الإتصال مع كوريا الشمالية وبحث آليات تفاوض وحوار جديدة بين الطرفين، وذلك بعد تعثر التفاوض عقب القمة التاريخية التي جمعت كيم جونغ أون بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سنة 2019 والتي كانت مخيبة للآمال.

وتدعو الصين أمريكا إلى رفع تدريجي للعقوبات الإقتصادية في محاولة لإقناع كوريا الشمالية باستئناف المفاوضات السياسية المعلقة منذ 2019، لإغراء بيونغيانغ لاستئناف المحادثات المتوقفة منذ عام 2019، وهي خيار تستبعده واشنطن في ظل تعنت بيونغ يانغ واستمرارها في تطوير برنامجها النووي.
وأصدر وزراء خارجية كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة بيانا مشتركا في ساعة متأخرة قالوا فيه إن كوريا الشمالية «زادت بشكل كبير من وتيرة ونطاق إطلاق صواريخها الباليستية منذ سبتمبر 2021».وحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير خارجية كوريا الجنوبية بارك جين ووزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي في البيان بيونغيانغ على»العودة إلى المفاوضات’’.

ولطالما تواجه التجارب النووية لكوريا الشمالية انتقادات وإدانات دوليّة واسعة النطاق خاصة وأنها تثير استنفار دول جوارها وأمريكا أيضا .

ورغم استبعاد أغلب الآراء اندلاع مواجهة مسلحة بين الطرفين نتيجة عدة أسباب إستراتيجية وسياسية واقتصادية. ومنذ أشهر تستمر كوريا الشمالية في القيام بتجارب نووية مستفزة بذلك الولايات المتحدة الأمريكية ومتحدية العقوبات الدولية المفروضة عليها ، إذ تؤكد تقارير إعلامية أنّ بيونغ يانغ تمكنت من تصغير قنبلة ذرية إلى الحد الذي يمكنها من تحميلها على احد صواريخها العابرة للقارات وهذا بحد ذاته تهديد لأمن وسلم دول العالم لا أمن وسلم أمريكا فحسب.

ويعدّ فشل القمة التي اجتمعت عام 2019 ضربة كبيرة لإدارة البيت الابيض خاصة وان حكومة ترامب كانت تراهن على النجاح في تحقيق اختراق في الملف النووي في وقت تعاني فيه سياسة ترامب الخارجية جدلا وانتقادات حادة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ولطالما انتظر المجتمع الدولي تلك القمة التي احتضنتها هانوي كخطوة لتتويج مخرجات الاتفاق المُبرم بين الجانبين في الـ12 من جوان العام الماضي ، إلاّ أنّ فشل القمة وانتهاءها دون اتفاق مشترك نسف جهود المصالحة التي تواصلت لأشهر طويلة .

ويشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي بصفة عامة طرح في أوقات عديدة الخيار العسكري ضدّ كوريا الشمالية نظرا لتحديها المستمر للقرارات الدولية واستمرارها في إنتاج الصواريخ الباليستية ضمن برنامج نووي كان لسنوات سببا في عزلة دولية لها. فمنذ توليه السلطة في أمريكا أولى الرئيس جو بايدن الملف النووي الكوري الشمالي أولوية كبرى في وقت تشهد فيه المنطقة توترات على عدّة أصعدة لعلّ أكثرها أهميّة الصّراع في شبه الجزيرة الكورية والتعنّت الكوري الشّمالي فيما يتعلّق بسباق التسلّح النووي الذي تصر على المضي فيه قدما رغم التهديدات والعقوبات الدولية المفروضة عليها. 

المشاركة في هذا المقال