Print this page

بعد التسليح الغربي لـ«كييف»: هل تستدرج الولايات المتحدة روسيا إلى «أفغانستان ثانية» ؟

مع دخول الحرب الروسية في اوكرانيا يومها السادس تبدو كافة السيناريوهات واردة في ظل المتغيرات المتسارعة داخليا وخارجيا.

ومن شأن المساعدات العسكرية التي قدمها الأمريكيون والأوربيون الى حكومة كييف خلال الساعات الماضية ان تقلب المعادلات العسكرية وهي تؤشّر الى ان الغرب يستعد لمعركة طويلة الأمد في أوكرانيا .
يتطلع العديد من الخبراء الغربيين الى تكرار السيناريو الافغاني وهذا مرتبط أساسا بعوامل عديدة لعل أهمها مدى فاعلية المدّ العسكري للجيش الأوكراني .
السيناريو الأفغاني
المعلوم ان هزيمة الروس في أفغانستان كانت عاملا رئيسيا في تفكك حلف وارسو، وفي تفكك الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، وذلك مااعتبره -سابقا- بوتين بانه «أعظم كارثة جيوسياسية في هذا القرن».
وكان الثمن سقوط ضحايا أفغان وحصول أكبر أزمة لجوء إنسانية، قبل ان يعلن الاتحاد السوفيتي يوم 15 فيفري 1989 عن انسحاب كامل قواته بشكل رسمي من أفغانستان. فهل يستعد الشعب الاوكراني اليوم لدفع كل هذا الثمن لقاء تغيير جديد في النظام الدولي يستجيب للمعايير التي يريدها الغرب؟
يرى عديد المراقبين ان تحقق هذا السيناريو مرتبط بثقل وأهمية المساعدات العسكرية التي يقدمها الغرب والتي تساهم في صمود كييف . فقد أعلنت واشنطن عن مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار، وفي الوقت نفسه أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي سيمول شراء وتسليم أسلحة ومعدات أخرى إلى أوكرانيا في سابقة هي الأولى من نوعها للاتحاد. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل أن التكتّل سيخصص 450 مليون يورو لتوفير تلك الأسلحة. وأضاف أن دولا أعضاء على استعداد لتزويد القوات المسلحة الأوكرانية بطائرات مقاتلة. كما وافقت ألمانيا على تسليم أسلحة إلى أوكرانيا، مخالفة سياستها القاضية بمنع تصدير أي أسلحة فتاكة إلى مناطق تشهد نزاعات.
وقدمت برلين ألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات و500 صاروخ أرض-جو ستينغر وتسعة مدافع هاوتزر. كما أكدت إرسال 14 آلية مدرعة إضافة إلى عشرة آلاف طن من الوقود.
وتسير باريس على الخطى نفسها حيث أعلنت عن إرسال كمية إضافية من المعدات الدفاعية إلى السلطات الأوكرانية فضلا عن دعم بالوقود. وسمحت الدنمارك للمتطوعين بالانضمام إلى «لواء دولي» تعتزم أوكرانيا تشكيله لصد الغزو الروسي كما أعلنت بلجيكا أنها ستسلم الجيش الأوكراني ألفي بندقية رشاشة و3800 طن من الوقود وثلاثة آلاف بندقية آلية إضافية و200 سلاح مضاد للدروع. في حين أفادت وزارة الدفاع الهولندية أنها «أرسلت بنادق فائقة الدقة وخوذا».
كما صادقت الجمهورية التشيكية على منح كييف أربعة آلاف قذيفة مدفعية وأعلنت عن أنها سترسل «في الساعات المقبلة» لأوكرانيا ثلاثين ألف مسدس وسبعة آلاف بندقية هجومية وثلاثة آلاف بندقية رشاشة وعشرات البنادق الفائقة الدقة فضلا عن مليون رصاصة، بقيمة إجمالية قدرها 7,6 ملايين يورو. كما شملت المساعدات الأوربية لشبونة التي سترسل معدات عسكرية تضم «سترات وخوذا ونظارات للرؤية الليلية وقنابل يدوية وذخيرة بمختلف العيارات» إضافة إلى «بنادق رشاشة من طراز جي3». كما دخلت اليونان من جهتها على خط الأحداث مع اعتزامها ارسال «معدات دفاعية» ومساعدات إنسانية إلى أوكرانيا.
كما أعلنت إسبانيا عن إرسال 20 طنا من المساعدات لأوكرانيا، لا سيما تجهيزات طبية ومعدات دفاعية مثل السترات الواقية من الرصاص.
إضافة الى ذلك يجتمع وزراء دفاع دول التكتل للاتحاد الاوربي لتنسيق مساعدتهم لأوكرانيا بعد أن قرر الاتحاد للمرة الأولى تمويل شراء أسلحة وإرسالها إلى كييف.
معادلات الحرب
فهل سيساهم كل هذا الدعم العسكري ، الى جانب العقوبات الاقتصادية الأخيرة المفروضة على موسكو ، في قلب معادلات الحرب الأوكرانية ؟
يبدو جليا ان بوتين يراهن على عامل الوقت لربح المعركة وفرض انتصاره خاصة مع اعلان موسكو أن المجال الجوي الأوكراني بأكمله بات تحت سيطرتها.
ويرى عديد المختصين والخبراء بان روسيا تحتاج لمعركة قصيرة الأمد ومركزّة الأهداف وسريعة تنتهي بمحادثات تؤمّن مصالحها لكي تحفظ ماء الوجه ، فإطالة في أمد المعارك لن يكون في صالحها وسيحول أوكرانيا في نهاية المطاف الى أفغانستان جديدة للقوات الروسية .
وتتطلع الأنظار اليوم الى ما ستفسر عنه المحادثات المرتقبة بين الوفد الاوكراني والممثلين الروس في بيلاروسيا .وقد دخل الفاتيكان بثقله وعبّر عن امكانيته تسهيل «الحوار» بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب.

المشاركة في هذا المقال