Print this page

اتفاق البريكست: بوريس جونسون يتحدى الإتحاد الأوروبي: جونسون:«لا رجوع إلى ما قبل البريكست»

في محاولة للضغط على أوروبا، أعلنت الحكومة البريطانية يوم الأثنين الماضي عن عزمها على إيقاف التدابير الجمركية المتعلقة بأيرلندا الشمالية

في حين تتواصل المفاوضات بين بروكسل ولندن في دورتها التاسعة. وقد استغل بوريس جونسن الذي يواجه هذا الأسبوع مؤتمر الحزب المحافظ و10 آلاف مشارك من المنخرطين- في ظروف اجتماعية متردية- الظروف الصعبة التي تعيشها بريطانيا العظمى لإلقاء اللوم على جائحة كورونا و ...أوروبا وبلورة خطاب شعبوي قومي يبعد المنخرطين على نقاش المسائل العالقة.

في هذه الظروف السياسية الشائكة تعيش بريطانيا على وقع انقطاع المواد الغذائية وبعض الأدوية والبنزين من السوق مما جعل البريطانيين يلجؤون إلى الطوابير للتزود بالوقود وبالمواد الأساسية. وهذه وضعية لم تشهدها بريطانيا العظمى منذ الحرب العالمية الثانية. وقد واختارت الحكومة في هذا الوضع أن تهاجم أوروبا للتمويه على المشاكل الأساسية التي لا تملك الحكومة حلا لهل. وركز بوريس جونسون في خطابه أمام المؤتمرين على «الحس الشوفيني» بتقديم إجراءاته كخطوة نحو «إحياء» بريطانيا العظمى بعد البريكست وتقديم التحالف مع الولايات المتحدة وأستراليا في المحيط الهادي كأنموذج للاستراتيجية البديلة عن «كابوس» الوحدة مع أوروبا مما سوف يساهم في بناء مشروع «بريطانيا المعولمة» الذي بنى عليه حملته الانتخابية.

وهدد الوزير دافيد فروست باستخدام البند 16 من اتفاق البريكست في شأن الاتفاق حول إيرلندا الشمالية الذي يسمح لكل طرف باتخاذ تدابير أحادية الجانب إذا ما حصلت تداعيات سيئة على أحد الأطراف. وهو الإجراء الذي رفضته أوروبا في أوت الماضي دون الامتناع عن مواصلة التفاوض مع الجانب البريطاني في شأنه. لكن البريطانيين يريدون حل المشكلة من الأساس والتي تتعلق بوضع أيرلندا الشمالية، التابعة لبريطانيا، لحماية وحدتها وعدم انسياقها في مشروع تحرري يفضي إلى إلحاقها بجمهورية أيرلندا. لكن الاتفاق التوافقي ابرم من أجل عدم فرض حدود مادية بين الطرفين الشمالي والجمهوري من أجل حماية الاتفاق بين الجانبين، بعد مفاوضات عصيبة، مكن من حماية السلم الاجتماعية وتطبيق البريكست.

لا رجوع إلى الوراء
أكد الوزير الأول البريطاني بوريس جونسون أمام المؤتمرين المحافظين أنه «لا يمكن الرجوع إلى ما قبل البريكست» رغم الوضع الاقتصادي المتردي. وقد شهدت مدن بريطانيا طوابير للسيارات أمام محطات توزيع البنزين جعلت بعضهم يقضي الليل في السيارات من أجل الحصول على كمية من البنزين تمكنه من قضاء حاجته والتنقل إلى موطن الشغل. وضعية نجمت عن قرار الحكومة إيقاف العمل بنظام تراخيص العمل للأجانب وعدم تمديدها للمواطنين الأوروبيين. وهو ما جعل 100 ألف سائق أوروبي للحافلات يجدون أنفسهم في التسلل. وهو ما جعل مخازن ومحطات التوزيع تفتقر الى الكميات اللازمة لتزويد المواطنين.
كان رد حكومة بوريس جونسون أنها منحت 5500 أوروبي رخصا وقتية بثلاثة أشهر من أجل تزويد المحطات. لكن ذلك لم يكف. فاضطرت الحكومة إلى استخدام الجنود بعدد 200 لمساندة البلاد. لكن الأوضاع لم تتغير واستقر الحال على ما كان عليه. وامتدت حالات افتقاد المواد المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار وغيرها من المواد المستعملة في الشركات الصناعية البريطانية لما كان للاقتصاد البريطاني من تشابك وتبادل مع سائر الاقتصادات الأوروبية. فك الارتباط لا يحصل في العموم بالسرعة التي أرادها بوريس جونسون، بل يأخذ وقتا طويلا يمكن الطرفين من أخذ التدابير العقلانية بعيدا عن إملاءات السياسة والاستحقاقات الانتخابية.

بروباغندا حزبية لتغطية التخلي عن الوعود
المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع البريطاني والمتمثلة في نقص المواد وفي تفاقم البطالة بعد إيقاف العمل بعد تفاقمت مع فرض الحكومة ضرائب إضافية من أجل عدم اللجوء إلى التداين. وهو مما مس بوضعية ملين ونصف من البريطانيين على الأقل. وإن وضعت الحكومة 580 مليون يورو في شهر سبتمبر على ذمة المتضررين
فذلك لن يمكن، حسب رجال الاقتصاد في بريطانيا، من تخطي الوضعية السيئة التي أصبحت عليها البلاد اليوم والتي يعاني منها خاصة ضعاف الحال. أما الخطاب المعتمد في مؤتمر المحافظين من قبل أعضاء الحكومة فيرمي أساسا إل التغطية على واقع الأمور عبر خطاب قومي يعطي الأمل في مستقبل أفضل، لكنه لا يؤسس له.
الوضع داخل حزب المحافظين يقابله ما وصل إليه الرأي العام البريطاني من وعي بخطورة الوضع وهو ما تشير إليه استطلاعات الرأي التي أكدت تدني شعبية الوزير الأول بوريس جونسون. فقد أصبحت شعبيته لا تنال أكثر من 34% منذ انتخابه عام 2019. وأكدت نفس استطلاعات الرأي أن 59% من البريطانيين يعتبرون أن البريكست في أزمة و أن 69% من المشاركين في سبر الآراء يعتقدن أن الحكومة البريطانية أساءت التقدير في مسألة سائقي الحافلات من الأجانب الأوروبيين. وهو ما يدل على أن الأزمة بين بريطانيا وأوروبا لن تلق حلولا سهلة دون تنازلات من الجانبين.

المشاركة في هذا المقال