Print this page

وسط عجز الدبلوماسية الدولية عن وقف الاشتباكات: طرفا النزاع في «قره باغ» مصممان على مواصلة القتال

واصل الأرمن والأذربيجانيون القتال العنيف في منطقة ناغورني قره باغ الانفصالية أمس الثلاثاء، حيث أعلن كل جانب عن تحقيق انتصارات

وأبدى تصميمه على الاستمرار في المعركة على الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار وسقوط ضحايا كثيرين في صفوف المدنيين.وتبادل الجانبان الاتهامات خلال اليومين الماضيين بتعمد تصعيد القصف على المدن المأهولة، بما في ذلك عاصمة الانفصاليين ستيباناكرت وغنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان.

وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان أصدرته صباح أمس الثلاثاء أنها ألحقت «خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية» بخصومها مشيرة إلى أنّ «القوات الأرمينية أُجبرت على الانسحاب».وأعلن رئيس جمهورية قره باغ المعلنة من جانب واحد أرايك هاروتيونيان أن جيشه «ينجز مهامه بنجاح» وأن «الوضع تحت السيطرة».وفي اليوم العاشر من القتال، لا يبدو أن أيًا من الجانبين قد حسم الوضع لصالحه حتى الآن.أعلن إقليم ناغورني قره باغ ذو الغالبية الأرمنية انفصاله عن أذربيجان في مطلع التسعينات ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل.

وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ، الذي يعد من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994، مع حدوث مناوشات بين الحين والآخر.

وتعدّ المعارك، التي استؤنفت في 27 سبتمبر، الأخطر منذ ذلك الحين.وتعهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي أنفقت دولته الغنية بالنفط بسخاء على شراء أسلحة حديثة في السنوات الأخيرة، استعادة قره باغ واستبعد التوصل إلى هدنة من دون تلقي وعد بانسحاب عسكري أرميني من المنطقة وتقديم «اعتذار» من رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان.وفي إشارة إلى العداء القائم، وصف خصومه بأنهم «كلاب».

وتجاهلت يريفان وباكو حتى الآن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وخصوصا من روسيا، القوة الإقليمية التي تبذل جهودا في الوساطة إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة منذ ما يقرب من 30 عامًا.وتحظى أذربيجان بدعم صريح من رجب طيب أردوغان، الذي يدعو إلى استعادة المنطقة الانفصالية عسكريًا.

«تهديد غير مقبول»
وقد قتل 265 شخصاً منذ اندلاع القتال قبل عشرة أيام وهي حصيلة جزئية، إذ باكو لم تعلن عن وقوع خسائر في صفوف قواتها في مقابل 46 قتيلا بين المدنيين. وسجّل حتى الآن مقتل 219 مسلحا و19 مدنيا في قره باغ.
ويؤكد كل جانب أنه قتل من الطرف الآخر ألفين إلى ثلاثة آلاف مقاتل. ويتبادلان الاتهامات حول مسؤولية بدء الأعمال العدائية.ويثير احتمال وقوع حرب مفتوحة بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز واللذين كانا سابقا ضمن الاتحاد السوفياتي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة، منها روسيا وتركيا حليفة أذربيجان وحتى إيران والغرب.

وتُتّهم أنقرة بصبّ الزيت على النار من خلال تشجيع باكو على شنّ هجوم عسكري، ويشتبه بأنها أرسلت مرتزقة سوريين موالين لها إلى قره باغ، قُتل منهم العشرات.وحثّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ تركيا، العضو في الحلف، على «استخدام نفوذها لتهدئة التوتر».
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو أمس الثلاثاء اذربيجان للبحث في «الوضع في المنطقة الواقعة تحت الاحتلال الأرميني» بحسب أنقرة، وهي أول زيارة من هذا النوع منذ بدء القتال.

وبعد ان طال القصف مناطق سكنية، بعضها بعيد جدا عن المعارك، نددت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، الأعضاء في مجموعة مينسك، الاثنين باستهداف المدنيين.وأكد وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان «من دون أي تحفظ، أن الهجمات الاخيرة التي استهدفت منشآت مدنية» و»الطابع غير المتكافئ لهذه الهجمات يشكلان تهديدا غير مقبول لاستقرار المنطقة».وبينما تتمتع روسيا بعلاقات جيدة مع كلا البلدين، فإنها تظل أقرب إلى أرمينيا، التي ترتبط معها بتحالف عسكري.ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى وقف «فوري» للمعارك، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الارميني.

مقاتلون سوريون في المعارك
من جهته أكد الرئيس السوري بشار الأسد وجود مقاتلين سوريين نشرتهم أنقرة في مناطق المعارك بإقليم ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أدلى بتصريحات متشابهة. كما اتهم الأسد نظيره التركي رجب طيب أردوغان بالمسؤولية عن التصعيد الأخير في النزاع الدائر في الإقليم بين الحكومة الأذربيجانية والانفصاليين ذوي الأصل الأرميني.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد في حوار نشرته وكالة الإعلام الروسية أمس الثلاثاء إنه يجري نشر مسلحين من سوريا في منطقة ناغورني قرة باغ، مؤكدا تصريحات مشابهة أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس.
وقال الأسد «بوسع دمشق أن تؤكد هذا». وتنفي تركيا وأذربيجان ما قالته فرنسا وروسيا وإيران من أن أنقرة ترسل مرتزقة سوريين للمشاركة في القتال الذي تفجر بالمنطقة في 27 سبتمبر واتهم الأسد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه المحرض الرئيسي في التصعيد بالإقليم.
واندلع القتال على المنطقة بين أذربيجان وذوي الأصول الأرمينية في 27 سبتمبر وتصاعد إلى أعنف مستوياته منذ التسعينيات.وزاد القتال من القلق الدولي من انجرار قوى إقليمية أخرى إلى الصراع، إذ عبّرت تركيا عن تضامنها مع أذربيجان بينما أبرمت أرمينيا اتفاقية دفاعية مع روسيا.

المشاركة في هذا المقال