Print this page

المجلس الأوروبي يتجه نحو ميزانية استثنائية للخروج من الأزمة الاقتصادية: خلافات لا بد من حسمها قبل نهاية شهر جويلية

انعقد اجتماع المجلس الأوروبي يوم 19 جوان الجاري للنظر في مشروع الاتفاق حول ميزانية استثنائية لدعم اقتصاد البلدان

المتضررة من جائحة كورونا والذي يفتح الباب لأول مرة في تاريخ الإتحاد الأوروبي أمام سداد الديون بصورة جماعية. وقد أظهرت دول الإتحاد في الأشهر الماضية انقساما حادا في المسألة بين بلدان الجنوب وفي مقدمتها إيطاليا وبلدان الشمال تحت زعامة هولندا.
وبعد أن قبلت المستشارة أنجيلا ميركل المقترح الفرنسي يوم 18 ماي الماضي بتخصيص 500 مليار يورو لإنقاذ اقتصاد البلدان الأوروبية التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة جراء جائحة كورونا عملت المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي على إنجاز ميزانية خاصة في الغرض في انتظار أن يحصل اتفاق سياسي في الغرض يسمح للدول المعنية بالاقتراض على أن تضمن كل الدول الأعضاء سداد الأموال المرصودة.

وبعد التنسيق مع البنك المركزي الأوروبي أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فان دير لاين عن تخصيص ميزانية قدرت بمبلغ 750 مليار دولار للقروض المدعمة من قبل المجموعة للفترة بين 2021 و 2024. وهي مسألة كانت محل خلاف أدى إلى انقسام المجلس الأوروبي بين دول الجنوب المتهمة بالإنفاق غير المشروط ودول الشمال المتمسكة بسياسة التقشف.وانضمت للقمة رئيسة البنك المركزي الأوروبي الفرنسية كريستين لاغارد للضغط على رؤساء الدول و الحكومات من أجل التوصل إلى حل توافقي في هذا الشأن.

تطور إيجابي في المواقف مع تحفظات عديدة
وقد سجلت قمة 19 جوان تقدما ملموسا في الملف حيث أعلنت المستشارة الألمانية، إثر الجلسة التي نظمت عن بعد عبر الشاشات، أن « مبدأ أن تطلق المفوضية الأوروبية سندات لم يعارضه أحد». وهو في حد ذاته تقدم ملحوظ في الملف يفتح الباب في الأسابيع القادمة نحو استكمال الملف المالي لدعم إعادة النشاط للاقتصاد الأوروبي ودعم عملة اليورو في نفس الوقت. ونبّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خطورة عزوف الشعوب الأوروبية عن المشروع الأوروبي في صورة اخفاق الجميع في هذا الملف. وشهد الاجتماع تغييرا نوعيا في خطاب رئيس الحكومة الإيطالية جيوزيبي كونتيه الذي ركز على ضرورة «الإصلاحات الهيكلية» في حين كان يصر على عدم ربط التدين بضرورة الإصلاح وفي نفس الوقت أكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روت على «التضامن الأوروبي» وهما عنصرا الخلاف في المجلس. ونبهت كريستين لاغارد إلى ضرورة الإسراع في الانتهاء من التفاوض من أجل إعطاء إشارة إيجابية للسوق الذي ينتظر السياسة التي سوف يعتمدها الإتحاد في أعماله القادمة. وأشارت إلى خطورة ألا تسفر القمة على حل توافقي يمهد إلى إنعاش الاقتصاد وتدعيم قدرات الإتحاد المالية والسياسية أمام المنافسة العالمية التي تضمن له إعادة هيكلة أجهزنه الاقتصادية وسبل تطوير قدراته الذاتية للصمود أمام رجوع القوى الكبرى للسوق. لكن خلافات عديدة لا تزال قائمة تتعلق بمستوى ونوعية الاقتراض وتوزيع القروض وسدادها. وهو ما جعل المستشارة ميركل تؤكد على ضرورة التوصل إلى حل في منتصف شهر جويلية القادم.

مخطط في ثلاث نقاط
يهدف مخطط المفوضية المكون من ثلاثة محاور إلى دعم الدول المتضررة للخروج من الأزمة، إنعاش الاقتصاد ودعم الاستثمار الخاص وأخيرا أخذ إجراءات تابعة من دروس جائحة كورونا. ومن برامج المفوضية إعانة الجهات والمناطق الريفية وتسهيل التحول الإيكولوجي وتنشيط النسيج الاقتصادي. من ناحية أخرة سوف يمهد المشروع الأوروبي إلى تسهيل سداد الديون ومواكبة الاستثمار العمومي والخاص وبرمجة الاستثمارات الإستراتيجية. وأخيرا، تمكن الميزانية من إرساء برنامج أوروبي جديد للصحة والوقاية من الأوبئة ودعم البحوث الطبية.
واقترحت المفوضية تخصيص 172 مليار يورو كإعانة لإيطاليا و140 مليار يورو لإسبانيا و39 مليار يورو لفرنسا من أجل تسهيل الإصلاحات الضرورية في مجال الصحة و الاقتصاد و تمكين بلدان الجنوب من الخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي ضربت ه اقتصاد هذه البلدان. وسوف تنكب المفوضية في الأسابيع القادمة على تقليص فجوة الخلافات وتسهيل التوصل إلى برنامج توافقي قبل 15 جويلية القادم. وقد اقترحت المفوضية في نفس الملف ميزانية ثانية للفترة ما بين 2021 و2017 قدرت ب 1100 مليار يورو سوف تتبلور ملامحها في الأسابيع القادمة.

المشاركة في هذا المقال