Print this page

إجراءات حذرة ودعوة للالتزام بالتدابير الوقائية رغم «العودة»: دول أوروبية تنطلق في رفع القيود الصارمة تدريجيا ومخاوف من انتكاسة صعبة

تبدأ الدول الاوروبية هذا الأسبوع في رفع قيود الحجر الصحي الشامل تدريجيا بعد أسابيع من فرضه ضمن استراتجية العالم لمجابهة وباء فيروس ''كورونا''

الذي انتشر في جل دول العالم . ولئن يترقب العالم الفترة المقبلة لعودة الحياة الى طبيعتها يشكك البعض في مدى استعداد الحكومات لمجابهة اية موجات ارتدادية لهذه الجائحة بعد اعلانها العودة التدريجية للعمل في بعض الدول والعودة الى المدارس في بعض الدول الاخرى وغيرها من الإجراءات المخففة التي اختلفت من دولة الى أخرى .يشار إلى أن وباء كوفيد 19 أودى بحياة 210 ألف شخص، وأصاب أكثر من ثلاثة ملايين شخص اخرين حول العالم

بعض الدول أعلنت استراتيجياتها للفترة المقبلة والتي اختلفت من دولة الى أخرى وسط مخاوف من نتائج عكسية لهذه القرارات خاصة بعد تحذيرات جديدة صدرت عن منظمة الصحة العالمية قالت فيها أن فيروس كورونا سيرافق العالم لفترة طويلة مايزيد من المخاوف بخصوص الفترة المقبلة والسيناريو الأسوأ الذي يتهدد البشرية . ولعل الأرقام المتسارعة لعدد ضحايا هذا الوباء والمصابين به تعد من بين أهم الأسباب التي تدق ناقوس الخطر حول الفترة المقبلة والسيناريوهات المحتملة التي قد يعيشها العالم.وأكدت الخطط التي تتخذها عدة بلدان للخروج من حالة الإغلاق الشامل استمرار المخاوف من نتائج عكسية لهذا الرفع التدريجي للقيود المفروضة.

وبدأ منذ يوم أمس الاثنين تنفيذ أولى خطوات تخفيف الحجر الصحي والخروج من العزل في بعض الدول ، وسط تأكيد من الحكومات ومنظمة الصحة العالمية ودوائر القرار الصحي في العالم أن المعركة مع فيروس كورونا المستجد لم تنته بانتظار إيجاد لقاح أو علاج مناسب لهذه الجائحة ، ومن بين الدول التي بدأـت يوم أمس تنفيذ خططها لرفع الحجر الصحي سويسرا التي أعلنت فتح أبواب المتاجر والحلاقين وبعض المهن الحرة الأخرى ودور الحضانةوالعيادات الطبية الخاصة وسط تدابير وقائية مشددة.

وتشير تقارير اعلامية أن البلدان التي تتصدر قائمة الدول الأكثر تضررا من الفيروس وهي على التوالي الولايات المتحدة الأمريكية اسبانيا ايطاليا وفرنسا سجلت انخفاضا ملحوظا بعدد الوفيات اليومية وهي الحصيلة الأقل منذ أواخر شهر مارس المنقضي.

رفع تدريجي وتفاؤل حذر
ومن بين الدول التي بدات رفع الحظر منذ يوم أمس هي سويسرا إذ فتحت الحكومة أبواب المتاجر والحلاقين وعيادات الأطباء الخاصة والمعالجين الفيزيائيين ودور الحضانة وسط تدابير وقائية مشددة ..وفي إسبانيا أيضا ، سمح للأطفال اعتبارا من يوم أمس الأول الأحد الخروج من بيوتهم بعد ستة أسابيع من الحجر، واللعب في الخارج، لكن وسط قيود تفرض عدم التقارب وتدعو إلى ضرورة احترام قواعد التباعد الإجتماعي، كما من المقرر أن تعلن الحكومة الإسبانية والحكومة الفرنسية أيضا عن خطة مفصلة اليوم الثلاثاء لبدء رفع تدابير العزل بداية من يوم 9 ماي المقبلؤبالنسبة لاسبانيا و11 ماي بالنسبة لباريس .
أما في بريطانيا وبعد عودة رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي أصيب بفيروس كورونا إلى مباشرة عمله يوم أمس الإثنين ، دعا جونسون البريطانيين إلى ضرورة الإلتزام قبل الإعلان عن خطط حكومته شأن دعم الاقتصاد والخروج من العزل.
من جهتها تشرع إيطاليا التي عانت كثيرا من ويلات الفيروس التاجي منذ يومأمس 27 أفريل في تخفيف القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة في البلاد منذ مايقارب الشهرين للحد من انتشار هذا الوباء الذي خلف26644 حالة وفاة ، إلاّ انها أعلنت يوم أمس الأول الأحد تسجيلها أدنى حصيلة وفيات في البلاد منذ بدء ظهور فيروس ''كورونا'' المستجد. وتؤكد إيطاليا رغم اتجاهها للرفع التدريجي للقيود على أن المدارس لن تستأنف الدروس الىحدود شهر سبتمبر المقبل إلاّ انه سيتم فتح المنتزهات تدريجيات كما سيتم السماح بالزيارات العائلية لكن بأعداد قليلة وبالتزام تام بشروط الوقاية وارتداء الأقنعة . ومن المقرر استئناف طقوس الجنازات، ويمكن للأشخاص ممارسة الرياضة ليس فقط في محيط منازلهم، ولكن في مناطق أوسع

كما ستتم إعادة فتح الحانات والمطاعم لتقديم الوجبات الجاهزة، اعتبارا من الرابع من ماي المقبل- وليس خدمة التوصيل فقط كما هو الحال الآن - ولكن يجب استهلاك الطعام في المنزل أو في المكتب.ومن المتوقع إعادة فتح محال مصففي الشعر وصالونات التجميل و خدمة تناول الطعام في الحانات والمطاعم، اعتبارا من الأول من جوان. وبالتزامن مع هذه القرارت طالب رئيس الوزراء الإيطالي مواطنيه بالإبقاء على إجراءات التباعد الاجتماعي.

على صعيد متصل وفي بعض الولايات الامريكية سُمح لبعض المؤسسات بإعادة فتح أبوابها في ولايات عدة وسط تاكيد رسمي على ضرورة الالتزام بقواعد التباعد الإجتماعي إلى أواخر الصيف هذا العام . وتشير تقارير إعلامية إلى أن هذا الرفع التدريجي لا يعني أن الحياة قد عادت إلى طبيعتها بل ستسير بشكل معتاد لكن مع تخفيف جزئي لهذه القيود خاصة مع تسجيل تراجع ملحوظ في عدد الإصابات بعدة ولايات على غرار نيويورك أكبر بؤرة في البلاد مع اقتراب أمريكا من تسجيل مليون حالة إصابة في البلاد منذ بدء تفشي الفيروس على أراضيها وأكثر من 55 ألف حالة وفاة.وسمحت كل من ولايات جورجيا وأوكلاهوما وآلاسكا وساوث كارولاينا لبعض المؤسسات بإعادة بفتح أبوابها.مع وجود خطط تدعو إلى تخفيف المزيد من القواعد في الأسبوع المقبل رغم تباين المواقف داخليا وخارجيا من التداعيات السلبية لمثل هذه القرارات .نيوزيلندا بدورها اعلنت انها ربحت ''المعركة» في مواجهة الوباء، معلنة استئناف العمل في أكبر مصانع شركة فولكس فاغن.

تحذيرات منظمة الصحة
ولئن يراقب العالم بحذر هذه الاستراتيجيات التي يتم إتباعها في أوروبا وقريبا في بعض الدول العربية على غرار تونس والجزائر ، تحذر منظمة الصحة العالمية من التداعيات المفاجئة لهذا التخفيف معتبرة أن هذا الفيروس سيستمر بمرافقة البشرية لمدة أخرى طويلة ، وسط توقعات بموجة ثانية ستكون ''أشد فتكا''. هذه التحذيرات ترافقها دراسات متعددة وبوادر أمل تتحدث عن وجود أبحاث تدل على إمكانية تراجع نشاط الفيروس خلال أشهر الصيف .

فرغم تراجع أعداد الإصابات في بعض دول العالم تصر منظمة الصحة العالمية على ضرورة التعامل مع خطورة هذا الفيروس على حد سواء خشية دخول العالم في مرحلة جديدة أكثر صعوبة من المرحلة التي سبقت .

هذا على الصعيد الصحي ، أما على صعيد الإقتصاد يرى مراقبون أن رفع القيود في عدد من الدول الهدف منه ''إعادة تشغيل الحياة الإقتصادية'' ، خاصة وان تداعيات هذا الوباء ستكون كارثية على اقتصادات كل الدول وعلى العالم أجمع نتيجة حالة الإغلاق التام التي عاشها العالم على امتداد فترات مختلفة من دولة إلى اخرى ، إلاّ أنّ تأثيراتها ستكون وخيمة على جل الدول وبدرجات متقاربة .

المشاركة في هذا المقال