Print this page

مجموعة العشرين نحو تعليق الديون الإفريقية: إعفاء من تسديد الفوائض ثم التفاوض من أجل إلغاء الديون المتخلدة

تزامن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الإثنين الماضي عن نيته إلغاء ديون البلدان الإفريقية لمساعدتها على تجاوز مخاطر

أزمة تفشي وباء كورونا و حماية اقتصادها، مع مساعي قامت بها الدبلوماسية الفرنسية تجاه مجموعة العشرين والمؤسسات الدولية للمطالبة بتحرك دولي عاجل في نفس الاتجاه. ويبدو، حسب وزير المالية الفرنسي برونو لومار، أن قمة وزراء المالية للمجموعة المنعقدة يوم الأربعاء 15 أفريل أقرت مبدأ تعليق الديون بإعفاء الأفارقة من تسديد فوائض الديون اللازم تسديدها للبلدان و المؤسسات الدولية المانحة.

وكان صندوق النقد الدولي والبنك العالمي قد أكدا على ضرورة مساعدة الدول الإفريقية استجابة لعدد من المطالب الصادرة من البابا فرنسيس و مؤسسة «أوكسفام» و عدد من القادة الأفارقة و على رأسهم الرئيس السنغالي ماكي صال. و لعبت فرنسا دورا حاسما في نجند نادي باريس و روسيا و مجموعة العشرين لبلورة إجراءات عاجلة لمنع تفشي الفيروس في إفريقيا و دعم اقتصادها. و تأمل باريس أن تنضم الصين، التي تتحكم في 40% من الديون الإفريقية، إلى هذا التحرك الدولي. وعلم رسميا أن فكرة ابطال الديون لم تنل دعم كل الأطراف بل أن فكرة تعليق دفع الفوائض هي الأرجح في هذه الظروف.

حالة متردية للمديونية الإفريقية
تعتبر المؤسسات الدولية المانحة أن حجم المديونية الإفريقية وصل إلى أرقام «مقلقة» إذ بلغ، حسب أرقام البنك الدولي، إلى حدود 360 مليار دولار. و ذكر تقرير للبنك الإفريقي للتنمية أن نسبة التداين تضاعفت منذ 2008 لتصل إلى 56% من الناتج الداخلي الخام لمجموع الدول. أما مجموع الأموال المخصصة لتسديد فوائض الديون فبلغت 32 مليار دولار. و نجحت باريس إلى حد الآن في تجميد 20 مليار دولار بالإشتراك مع الخواص المانحين وبعض الدول في إطار التعاون الثنائي. وتبقى، حسب تصريح لبرونو لومار ، ما قيمته 12 مليار دولار تابعة للبنك الدولي و لمؤسسات مالية دولية أخرى من بينها مليار دولار تابع لفرنسا.
وأعلن صندوق النقد الدولي يوم الاثنين في هذا الصدد عن حزمة من الإجراءات المالية لفائدة 19 دولة افريقية من قائمة الدول الفقيرة لإعانتها في هذا الظرف الصعب. ويستند صندوق النقد الدولي على الصندوق الإسئئتماني لتخفيف حدة الدين. وهو صندوق يمكنه التصرف في 500 مليون دولار من بينها 100 مليون منحها اليابان و 185 مليون قدمتها بريطانيا العظمى. و يعتقد أن تساهم الصين وهولندا في دعمه في الأيام القادمة. وهي الآلية الدولية التي سوف تسهل عملية إعفاء الدول الإفريقية الضعيفة من تسديد فوائض الدين لمدة سنتين.

خطة لإنقاذ الإقتصاد الأفريقي
لكن وضع اقتصاد بعض البلدان الإفريقية أصبح يقلق الدول العظمى بسبب تدهور السوق العالمية و تقهقر أسعار المواد الأولية بما فيها النفط و التي جعلت بعض الدول مثل زمبيا و أنغولا و غانا و السنغال تكاد تكون غير قادرة على تسديد ديونها.وجاء في تقرير للبنك الإفريقي للتنمية أن زمبيا لوحدها تحتاج إلى أكثر من 11 مليار دولار في حين يبحث السنغال على مليارين من الدولارات لتسديد ديونه في السنوات الثمانية القادمة.


وإضافة إلى تقهقر مردود الاقتصاد الإفريقي يعتبر البنك الإفريقي أن تدني مستوى التنمية في الدول المصنعة (الصين و الولايات المتحدة و أوروبا) بسبب أزمة كورونا سوف يكون له اثر سلبي على الإقتصاد الإفريقي في السنوات القادمة. وهو ما تخشاه العواصم الغنية ، وفي مقدمتها الأوروبية، من أزمات اجتماعية وانتشار للمجاعة و تزايد موجات الهجرة نحو البلدان الأوروبية.

مخطط مرحلي في أربعة بنود
و إن وجدت باريس بعض الصعوبة في تمرير فكرة إلغاء الديون الإفريقية جملة فإن قبول تعليق الديون مدة أزمة كورونا للدول المهددة بالإفلاس يعتبر خطوة أولى إيجابية تسهل عملية التفاوض بين بلدان تشكوا هي الأخرى من نفس الأزمة و لا تتفق حول إستراتيجية واحدة. المؤكد اليوم ، والذي ذكره الرئيس الفرنسي، هو أن فرنسا ترغب في إلغاء الديون و لكنها قبلت بمخطط يشتمل على عدة مراحل.
مع بدء تعليق التسديد الفوري تدخل مجموعة الدول المانحة والمؤسسات الدولية في التفاوض على إعادة جدولة الديون، ثم في مرحلة أخيرة يبدأ التشاور في مخطط لإلغاء الديون من قبل الدول الغنية و المؤسسات المالية الدولية لفائدة البلدان الفقيرة المهددة.
إضافة لذلك ، وعد ماكرون بتمكين كل البلدان الإفريقية بالتلقيح والأدوية دون كلفة عند الحصول عليها من أجل مساعدتها على تخطي الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا. وذلك من أجل التصدي إلى أي عودة للفيروس في موجة ثانية تكون قاضية على الجهود المبذولة من قبل الدول المصنعة.

المشاركة في هذا المقال