Print this page

الولايات المتحدة: 370 ألف إصابة و أكثر من 11 ألف حالة وفاة: فيروس كورونا يهدد استقرار الدولة العظمى الأولى

أظهرت الإحصائيات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية تكاثرا مخيفا لعدد المصابين بفيروس كورونا الذي وصل إلى 370 ألف إصابة

و أكثر من 11 ألف حالة وفاة يوم 7 أفريل. وأكدت أوساط جامعية أمريكية معتمدة في احصاء انتشار العدوى أرقام الإصابات لا تظهر حقيقة الوضع بسبب عدم فحص المواطنين بصورة شاملة. وتقول نفس الأوساط أن الإصابات سوف تصل إلى مشارف 500 ألف إصابة في الأيام القادمة. وهي بكل المقاييس حالة كارثية لم يسبق أن شهدتها الدولة العظمى في تاريخها. وصرح الجنرال جيروم أدامس المختص في الطب العسكري أن بلاده سوف» تعيش بيرل هاربور جديد»، نسبة للهجمة العسكرية اليابانية في الحرب العالمية الثانية.

وأعلن الرئيس دونالد ترامب، بالرغم من تحفظاته المعلنة، أن الأيام القادمة سوف تكون كارثية و أن على الجميع أن ينتظر أعدادا متزايدة من الضحايا. وأعلم في مؤتمر صحفي يومي أن الإدارة تطالب المواطنين، استنادا على رأي مركز الوقاية من الأمراض المعدية، ارتداء القفازات ولو أنه هو لن يلتزم بذلك. و انتقدت الصحافة الأمريكية بشدة موقف الرئيس الذي يعطي مثالا مخالفا لما تقره السلطات الصحية و ما أجمع عليه حتى أقرب مستشاريه.

مأساة مدينة نيويورك
وأصبحت مدينة نيويورك الحاضنة الأمريكية الأولى لفيروس كورونا. وتشهد المدينة اكتظاظا منقطع النظير في مستشفياتها حيث قررت البلدية إرساء مستشفيات وقتية في الحديقة المركزية الشهيرة وفي أكبر قصر للمؤتمرات لإيواء 2500 مصاب. وفتحت كاتدرائية المدينة أبوابها لأكثر من 200 مريض. وأوردت الصحف المحلية خبرا مفاده أن 80% من المرضي في المستشفيات و المصحات الخاصة هم مصابين بفيروس كورونا.

في نفس الوقت أعلن العمدة بيل بلازيو أن المدينة «بحاجة إلى 45 ألف عون صحة من أطباء و ممرضين و أخصائيين في مراكز الإنعاش خلال شهري أفريل و ماي» حتى تتمكن من مقاوم الأزمة الصحية غير المسبوقة. و قرر الرئيس ترامب إرسال 1000 جندي من الأطباء و الممرضين للإعانة على مقاومة الوباء. وكان العمدة بيازيو قد أطلق صيحة فزع أمام عدم توفر آلات التنفس الخارجي وطالب الحكومة الفدرالية بتوفير 35 ألف جهاز. لكن هذه الأجهزة الحيوية في إنقاذ المرضى ليست متوفرة. و تجد الإدارة الأمريكية صعوبة في الحصول عليها بسبب تشتت القرار بين الإدارة والولايات المحلية التي تتحكم دستوريا في إدارة المنشآت الصحية. و أوردت صحيفة «واشنكن بوسط» خبرا أن الإدارة الأمريكية تلقت منذ 18 شهرا تقريرا حول اختراع آلة جديدة لصنع آلات التنفس الخارجي بأعداد كبيرة و في وقت قياسي دون أن تلبي واشنطن طلب المساعدة من قبل المخترع.

أزمة اقتصادية واجتماعية
من تداعيات تفشي فيروس كورونا دخول الولايات المتحدة في أزمة اقتصادية خانقة حيث أعلنت 60 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة إفلاسها. وتشهد شوارع البلاد طوابير من العملة العاطلين على العمل والطالبين للإعانات الفيدرالية. و لو أن واشنطن أقرت مبلغ 349 مليار دولار لتعويض المسرحين فإن مجمع الشركات الصغرى والمتوسطة طالب بمزيد الدعم الفيدرالي تم تقديره بميزانية إضافية وصلت إلى 4،5 مليار دولار. وشرع الكونغرس الأمريكي النقاش في الموضوع بعد أن أقر 2،2 ألف مليار دولار الأسبوع الماضي. و لا يعرف الخبراء في «وول ستريت» إلى أي حد سوف تصل الإعانات الضرورية في صورة تواصلت الأزمة إلى ما بعد الصيف.

وارتفع عدد العملة المطرودين بسبب إفلاس الشركات إلى عدد 10 مليون طالب شغل بعد أن كان الاقتصاد الأمريكي يشهد ازدهارا منقطع النظير بسبب التسهيلات الجبائية و المالية التي قررها دونالد ترامب لصالح المؤسسات الاقتصادية. وطالبت شركات الطيران، التي أوقفت رحلاتها الدولية و بين الولايات، بمساعدات فدرالية تمكنها من الاقتراض لدى البنوك لتسهيل صمودها في السوق. واعتبر جل المراقبين أن الإقتصاد الأمريكي سوف يشهد ركودا حادا بالقياس بما سوف تكون عليه نسبة الإصابات وخاصة عدد القتلى منهم و ذلك خشية أن يشمل ذلك مختلف الكفاءات التي يقوم عليها ازدهار الإقتصاد الأمريكي. وبدأ الحديث في الصحف اليومية على انتشار الشعور بعدم الثقة في صفوف رجال الأعمال فيما يتعلق بقدرة الرئيس ترامب على إدارة الأزمة المفتوحة.

تهديدات داخلية
وإن انتشر فيروس كورونا في جل الولايات الأمريكية فإن عدد الإصابات تبقى بمستويات مختلفة. فزيادة على مدينة نيويورك تشهد ولايات أخرى تزايدا ملموسا في عدد المرضى بفيروس كورونا حيث تأتي ولايات ميشيغان (15000 حالة) وكاليفورنيا و لويزيانا (14000) وفلوريدا (12000) في طليعة الولايات المتضررة. لكن هذه الأرقام سوف تتغير بطبيعة تفاقم الأزمة و عدم قدرة كل الولايات على مقاومة الوباء بنفس الطريقة. وتشير المصادر الطبية أن قلة أو انعدام التجهيزات الوقائية في مختلف الولايات وعدم قبول جملة من الولاة (وعددهم 16) فرض حالة الحضر الصحي سوف يكون له انعكاس سيء على قدرة تلك الولايات على مجابهة الوضع حين ينتشر الفيروس بكثافة.

وأشارت الصحف الأمريكية إلى توجه بعض الولايات إلى مخالفة الأوامر الفيدرالية في مجابهة الأزمة وأن بعض الولايات مثل كاليفورنيا – التي تعد سادس اقتصاد في العالم – أصبحت ضبه مستقلة من حيث اتخاذ القرار حيث أخذت قراراتها بدون اعتبار الموقف الرئاسي من الأزمة. وطالبت نفس الصحف البيت الأبيض بإعلام الرأي العام بصورة نزيهة حول الوضع الحقيقي للبلاد وبما ينتظره في الأسابيع و الأشهر القادمة من مأساة و الخروج من حالة التخبط في إدارة الأزمة الصحية.

المشاركة في هذا المقال