Print this page

«كورونا» والعقوبات الدولية ضد دول الصراع: أمريكا تتجاهل «الطارئ الصحي» وتفرض مزيدا من العقوبات على سوريا وإيران

يلقي انتشار فيروس «covid19›› أو المعروف باسم فيروس «كورونا» الضوء يوما بعد يوم على كل القطاعات والملفات المتأثرة به ،

ولعل دول الصراع والحروب من بين المعنيين بتأثيرات هذه الجائحة التي يواجهها العالم سواء على صعيد الاوضاع الاقتصادية او السياسية والعسكرية وحتى الصحية .فسوريا ايران اليمن وغيرها من الدول التي تعاني حروبا استمرت لسنوات على أراضيها تعيش اوضاعا عامة متدهورة زادتها العقوبات الاقتصادية تعقيدا وضبابية .

بالتزامن مع صيحة الفزع التي أطلقها العالم دعت دول على غرار سوريا وإيران الى ضرورة مراجعة العقوبات الدولية المفروضة عليها نظرا لتأثيرات ذلك على اقتصادياتها وبالتالي تأثيراتها على سياستها لمواجهة هذا الفيروس المستجد .
متابعون للشأن الدولي يرون ان الوضع الصحي العالمي والتهديد الذي يتربص بالبشرية في الوقت الراهن يقتضي تأجيل الحروب والصراعات وغيرها من الملفات والتكاتف حول ملف واحد وهو مجابهة فيروس كورونا المستجد وتطويق انتشاره عبر اتخاذ تدابير على صعيد دولي الى جانب التدابير الوقائية التي تتخذها كل دولة على حدى .

ايران وصعوبة السيطرة
اليوم تجاوز عدد قتلى فيروس كورونا في إيران الـ 1556فيما بلغ عدد الاصابات 20610، ما جعل العالم أجمع يدق ناقوس الخطر بعد خروج الوضع الصحي في إيران عن السيطرة ، ولمجابهة كارثة كورونا طالبت سلطات طهران الولايات المتحدة الامريكية برفع العقوبات الاقتصادية المجحفة المفروضة عليها وهو ما قابلته واشنطن بفرض عقوبات جديدة مشددة على 9 شركات من الصين وجنوب افريقيا بعتلة مساعدة إيران في المجال النفطي.

كما أعلنت أمريكا فرض عقوبات على3 شخصيات إيرانية ارتبطت بعمليات بيع وشراء في مجال البتروكيميائيات. والى جانب ذلك تعيش ايران على وقع واقع اقتصادي مرير في ظل عقوبات اقتصادية حادة فرضت عليها نتيجة اصرارها على مواصلة برنامجها لتخصيب اليورانيوم وأيضا بعد فشل الاتفاق النووي بينها وبين الدول الغربية الـ5 الصين روسيا أمريكا فرنسا المانيا وبريطانيا وذلك عقب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية .

ويرى مراقبون ان العقوبات الأمريكية منذ بدء فرضها على مراحل قبل سنتين كانت سببا مباشرا في انهاك الاقتصاد الايراني ، ما قد يزيد من خطورة تأثيرات هذا الطارئ الصحي المستجد على الداخل الايراني ومنه على باقي دول العالم ،وبالرغم من أن واشنطن أكدت أن المعدات الإنسانية والطبية لا تطالها العقوبات، الا ان القيود والعقبات التي يوجهها المصرف المركزي الايراني مثلا يشلّ قدرة البلاد على المعاملات الخارجية ومنها استيراد مثل هذه الاحتياجات.

إذ ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية، أن الرئيس حسن روحانى، حث الأمريكيين على مطالبة حكومتهم برفع العقوبات في الوقت الذي تكافح فيه إيران أسوأ تفش لفيروس كورونا في الشرق الأوسط. وقال روحاني في رسالة نشرها الإعلام الرسمي «تسببت عقوبات الحكومة الأمريكية في فقدان كثير من المواطنين الإيرانيين لصحتهم ووظائفهم ودخلهم». وأضاف «حان الوقت لأن يطالب الشعب الأمريكي الحكومة الأمريكية بصوت عال بإجابة... وألّا يسمح بأن يزداد التاريخ الأمريكي سوادا».

سوريا.. منهكة بعد تسع سنوات من الحرب
من جهتها تعاني سوريا اوضاعا صعبة بعد سنوات طويلة من الحرب، فالبنية التحتية والمستشفيات تأثرت بشكل كبير خلال المعارك والغارات الجوية ما استوجب استنجادا ونداءات دولية وأممية تدعو الى ضرورة التعامل مع تدهور الوضع الانساني في سوريا وأيضا تفجر أزمة اللاجئين والأوضاع الصعبة التي يعيشونها ، كل تلك التراكمات تجعل من سورة في مواجهة هذا الوباء المستجد لكن دون استعدادات نظرا لحالة الوضع الصحي بالبلاد.

وأدانت وزارة الخارجية السورية امس مواصلة واشنطن والاتحاد الأوروبي فرض عقوبات غير مشروعة على دول تعاني من تفشي فيروس كورونا التّاجي، معتبرة العقوبات انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ، رغم ان سوريا لم تسجل الى اليوم أية حالة كورونا لكن المخاوف الدولية من تفجر الوضع تتزايد يوما بعد يوم. اذ تعالت اصوات دولية مطالبة بضرورة تعليق العقوبات وفتح الباب امام مساهمة بعض الدول في ايصال مساعدات طبية وغذائية الى كل من سوريا واليمن ، وهو ما تقف امريكا امامه برفض شديد.

العقوبات ..العائق الأكبر
من جهته قال الكاتب والباحث السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب» أن الأهم من الدمار الذي لحق القطاع الصحي في البلاد هو العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، والتي تشكل العائق الأكبر، في دمشق هناك أضخم المشافي في الشرق الأوسط وفي المدن المحررة لا زالت المشافي قائمة أيضا و لكن في ظل العقوبات والحصار المفروض يحتاج القطاع الصحي إلى مستلزمات استمراره وفاعليته ، ولا بد من العمل مع الدول الصديقة كالصين التي بدأت تخرج من أزمتها لتقدم المساعدة للدول الأخرى، إمداد المشافي والمراكز الصحية بمستلزماتها أولوية حكومية ومصادرها لن يكون الغرب الذي يبدو أنه يتقوقع على نفسه و حتى الآن بعيد عن العمل الدولي المشترك لمواجهة الوباء العالمي» على حد تعبيره.
وبخصوص سياسة اللامبالاة التي يتبعها المجتمع الدولي تجاه دعوات رفع العقوبات المفروضة على سوريا قال محدّثنا «لا أرى أن من أولويات هذه المنظومة الدولية رفع العقوبات ومساعدة المجتمعات الموبوءة، فالمنظومة الدولية متمثلة بهيمنة الغرب عليها وقفت متفرجة على الصين و كانت تتمنى انهيار سيطرة بكين على أزمتها و دخولها لسنوات في نفق قد لا تخرج منه معافاة ، و كذلك كان حال إيران ، حتى إيطاليا كان ردود فعل الغرب تجاهها مخزيا، فالمنظومة الرأسمالية الليبرالية لم تظهر أي نوع من التعاطي الانساني أو التضامني لإنقاذ الإنسانية بشكل عام، لهذا لا أجد أن كلمة مجتمع دولي تناسب هذا الوضع فالمجتمع يظهر نوعا من التضامن كحد أدنى». وتابع «و لا أرى نهاية لهذه العقوبات أو حتى رغبة في إعادة النظر فيها ، لا بل بالعكس ستترك كل دولة لمصيرها، حتى أن هناك أصوات بدأت ترتفع مطالبة بتدخل انتدابي في الدول المناهضة لسياسات الغرب بحجة الوضع الإنساني الناتج عن الوباء رغم عدم وجود إصابات مثبتة حتى الآن في دول مثل سوريا و اليمن».

اليمن السعيد ... يستنجد
اليمن أيضا او اليمن السعيد كما يحلو تسميته يمر بوضع اقتصادي واجتماعي صعب بسبب الحرب الدائرة على أراضيه وإستمرار الاقتتال بين الحكومة الشرعية المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية وبين جماعة الحوثي المدعومة من إيران ، فمن جهتها دعت الحكومة اليمنية امس السبت، المنظمات الدولية إلى إيقاف أنشطتها التدريبية في جيع أنحاء البلاد، تحسبا من انتشار فيروس كورونا.جاء ذلك في تصريحات لنائب وزير التخطيط والتعاون الدولي نزار باصهيب، أدلى بها لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
وأوضح باصهيب أن وزارته دعت المنظمات الدولية العاملة في اليمن إلى إيقاف ورش العمل والدورات التدريبية الخاصة بها، أو تلك التي تقوم بتمويلها عبر المنظمات المحلية، لمدة أسبوعين قابلة للتجديد.فيما يتم استثناء التدريب الخاص بمواجهة فيروس كورونا، وفق الوكالة ذاتها.ويأتي هذا الإجراء، تحسباً من تفشي كورونا في اليمن، الذي لم يسجل أي إصابات بالفيروس حتى يوم امس السبت.

في المجمل يخشى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدولية من تفشي وباء «كورونا» في هذه الدول التي تعيش حروبا وأيضا الدول التي تعاني من عقوبات اقتصادية قاسية ما قد يزيد من تعقيد المشهد الصحي في العالم.

المشاركة في هذا المقال