Print this page

حكومة جديدة في إيطاليا .: من اليمين إلى اليسار الرئيس ماتاريلا يكلف جيوزيبي كونتيه مجددا بتشكيل الحكومة

بعد استقالة الحكومة التي ترأسها على إثر تحالف مع حركة 5 نجوم وحزب الرابطة اليميني المتطرف، ها هو جيوزيبي كونتيه ينجح

مرة أخرى في نيل ثقة زعيم 5 نجوم لقيادة السفينة الحكومية و تشكيل حكومة ثانية تحت قيادته بعد أن حصل اتفاق بين حركة 5 نجوم والحزب الديمقراطي، وريث الحزب الشيوعي الإيطالي، للدخول في ائتلاف حكومي يحصل على أغلبية في البرلمان و يعزل ماتيو سالفيني وحزبه من الحكم. في هذا الإطار كلف الرئيس سارجيو ماتاريلا جيوزيبي كونتيه بتشكيل الحكومة الجديدة.
لعبة البوكر الكذاب التي لعبها ماتيو سالفيني، مستندا على الديمقراطية المباشرة و التي استغلها لتأليب الرأي العام ضد المهاجرين و كسب عطفهم و مساندتهم عبر وسائل الإعلام، انقلبت ضده و وجد نفسه خارج اللعبة الحكومية. بل فسح المجال للحزب الديمقراطي اليساري لأخذ مكانه في التحالف الحكومي بعد أن قرر لويدجي دي مايو الحفاظ على السلطة بالتحالف مع عدوه القديم.

أعداء الأمس و حلفاء اليوم
لويدجي دي مايو ،زعيم حركة 5 نجوم الذي شغل منصب نائب رئيس الحكومة في التشكيلة السابقة، خرج في ظرف شهر، من أزمة إلى أخرى، من أزمة العلاقة مع زعيم اليمين المتطرف ماتيو سالفيني إلى أزمة التحالف مع عدو الأمس، الحزب الديمقراطي. و كان قد اعتبر في الشهر الماضي أن الديمقراطيين «لا يمكن أن نثق بهم. و ها نحن مجبرون على الثقة بهم. قلتها من قبل ، لا يمكن أن نثق بهؤلاء اللقطاء». لكنه ، راهن على البقاء في السلطة و عدم اللجوء إلى انتخابات جديدة بالرغم من معارضة جزء من حزبه وخاض معركة القرب من عدوه القديم في وقت قياسي.
و ساعده نظيره نيكولا زينغاريتي ، السكرتير الجديد للحزب الديمقراطي الذي يعمل على فرض وجوده على رأس الحزب ضد محاولات الزعماء القدامى مثل ماتيو رينزي و باولو جانتيلوني لتفكيك سلطته. وقد عمل مدة أسبوع لتسهيل عملية التحالف بقبوله تكليف جيوزيبي كونتيه مجددا – وهو طلب حركة 5 نجوم – مع منح وزارتي الداخلية و الاقتصاد للحزب الديمقراطي. وإن لم يشرع الحزبان في ضبط ملامح البرنامج الحكومي و تعيين الوزراء الجدد، فإنهما قد أجمعا على عزل حزب الرابطة المتطرف من السلطة وثانيا على اعتماد سياسة تقطع مع البرنامج الحكومي المعادي لأوروبا الذي دعمه ماتيو سالفيني. و لو أن هذا التمشي لا يخلو من مصاعب فإن نيكولا زينغاريتي اعتبر أنه « وجب التحلي بالشجاعة لمحاولة غلق فصل الكراهية» لفائدة خدمة البلاد.

رئيس الجمهورية في قلب اللعبة
أوضحت سلسلة المشاورات التي دخل فيها الرئيس ماتاريلا عزمه على عدم تكرار أخطاء الماضي. و قد اعتبر، في مشاوراته مع الأحزاب و رؤساء المؤسسات الدستورية، أن الدولة تحتاج للوضوح و أن الحكومة لا بد أن يكون لها صمام أمان في شخص رئيسها. وهو ما يجعل من إعادة الهيكلة السابقة شيئا يكاد يكون مستحيلا. أي أن رئيس الدولة يرغب في ألآ يكون لرئيس الحكومة نائبان. لأن جيوزيبي كونتيه ، الذي كان مصحوبا بكل من دي مايو و سالفيني كنائبين له، كان في الحقيقة، حسب الملاحظين في روما، نائبا لهما. و لم تكن له مساحة للتحرك كافية لتكوين لحمة حكومية. بل كان سالفيني يأخذ قراراته خارج موافقة حليفه و الوزير الأول معا.
رغبة الرئيس ماتاريلا هي أن يتحول مونتيه إلى «رومانو برودي جديد» يعمل على تشكيل أغلبية سياسية و برلمانية بين حزبين مختلفين لدعم نمو البلاد و العلاقة مع الإتحاد الأوروبي. وهو ما يعطي مساحة دعم إضافية لإيطاليا من قبل بروكسل مع قرب تقديم الميزانية الجديدة للموافقة. يبقى أن رغبة الرئيس لا تلتقي دائما مع رغبة الأحزاب. و أن الأحزاب منقسمة في مسألتين: الأولى تتعلق بالمشاركة في الحكومة من قبل الفصائل المختلفة التي تشكل كلا الحزبين و الثانية بأسماء الشخصيات التي سوف تتقلد المناصب الوزارية. أما البرنامج الحكومي فكل الملاحظين يعتبرون أنه سوف يكون نتاج التنازلات الحزبية التي تمكن من برنامج يحترم أدنى قاسم مشترك لها. في انتظار انتخابات قادمة. ابتداء من تعيين جيوزيبي كونتيه تدخل مرحلة بلورة البرنامج الحكومي و اختيار الوزراء التي سوف تمتد على مدار أسبوع على الأقل. في المقابل ، يبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة ماتيو سالفيني ، وهو في المعارضة رغم أنفه، على إفساد هذا الائتلاف غير الطبيعي بين الإخوة الأعداء.

المشاركة في هذا المقال