Print this page

واشنطن تفعل الحزمة الأولى من العقوبات ضد طهران : عقاب أمريكي ثلاثي الأبعاد يستهدف ايران والصين والدول الأوروبية

فعّلت الولايات المتحدة الامريكية امس الثلاثاء الدفعة الأولى من العقوبات الأمريكية

التي قررت حكومة دونالد ترامب إعادة فرضها على إيران عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق التاريخي بين طهران والغرب والذي تم توقيعه منتصف عام 2015 بعد سنوات من التفاوض الصعب بين الطرفين. وتاتي هذه الخطوة التي صادق عليها البيت الابيض بهدف فرض ضغط اقتصادي الى جانب العزلة السياسية التي تمارسها امريكا وحلفاؤها في الشرق الاوسط ضدّ طهران بهدف الحد من تنامي نفوذها في المنطقة .

وبعد اعادة فرض العقوبات الأمريكية الشديدة على إيران، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني واشنطن «بشن حرب نفسية على الأمة الإيرانية وإثارة انقسامات في صفوف الشعب’’. يشار الى ان واشنطن ابدت مؤخرا استعدادها للتفاوض مع طهران لكن بشروط مسبقة وهو مارفضته ايران بشدة.
وتشمل الدفعة الأولى من العقوبات الأمريكية ‘’تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية، وتستهدف قطاعي السيارات والطيران التجاري. وستعقبها في نوفمبر المقبل ‘’تدابير اخرى تطال قطاعي النفط والغاز، إضافة إلى البنك المركزي الإيراني’’.
وكانت ردود الفعل الدولية وخاصة منها الاوروبية رافضة ومستنكرة للخطوة التي اقدم عليها البيت الابيض اذ ابدى الاتحاد الاوروبي امس ‘’اسفه’’ واكد المتحد باسمه ان الاتحاد الاوروبي مجبر على ‘’حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران معلنا دخول آلية قانونية خاصة بهذا الصدد حيز التنفيذ امس الثلاثاء.

عقاب متعدد الأبعاد
من جانبه قال الكاتب العراقي ثائر عبطان حسن لـ››المغرب›› أنّ اعادة فرض العقوبات على إيران يرتكز على أسس ودوافع في سياسة دونالد ترامب وتعود في نتائجها النهائية بالفائدة السياسية والاقتصادية على الولايات المتحدة الامريكية على المدى القريب والمتوسط .
وأضاف الكاتب العراقي انّ ‘’أول هَذِهِ الأسس هو إيفاء ترامب بوعدهِ الانتخابي بابتزاز دول الخليج والسعودية في مقدمتها والحصول على آخر دولار في خزائنها ، وكما هو معروف فأن السعودية هي الدولة الأكثر اصرارا على اعادة فرض العقوبات على ايران وإضعافها للحد من نفوذها المتنامي الذي وصل الى خاصرتها الهشة على حدود اليمن وَمِمَّا هو معروف أيضا بأن السعودية تعهدت لأمريكا بتعويض الفارق من انتاج النفط الإيراني في حال إيقاف انتاج نفط ايران ، وقد تم الإعلان عن ذلك علنا وفِي اكثر من مناسبة’’ .

الصين في مرمى العقوبات
وأكّد محدّثنا أنّ ‹›الأساس الثاني لإعادة فرض العقوبات هو معاقبة الاتحاد الأوروبي والشركات الأوروبية بسبب ابتعاد سياسات هذه الدول وتقاطع مصالحها مع الولايات المتحدة الامريكية ابتداء من خروج أمريكا من معاهدة المناخ الدولية في باريس ، ومرورا بالشراكة لمجموعة الدول العشر التي انعقدت في كندا ، والتي أعلن ترامب بُعيد وصوله العاصمة واشنطن عن فض شراكة بلدهِ معها بسبب تقاطع المصالح وبالأخص فيما يتعلق بدور روسيا الدولي والعلاقات الاقتصادية الأوروبية -روسية وصفقة الغاز الروسي الضخمة مع ألمانيا على حد تعبيره.

واضاف المحلل السياسي العراقي أن ‘’الدافع الأساسي الاخر والمهم أيضا في اعادة فرض العقوبات الامريكية على ايران هو الحد من تنامي نفوذ الصين ومعاقبتها ، كون الصين تعتمد في سد حاجتها من الطاقة على النفط الإيراني ، وستدخل الصين في حيّز العقوبات الامريكية في حال استمرارها في استيراد البترول الإيراني .
وتابع محدثنا ‘’واحد الدوافع الهامة الاخرى أيضا في اعادة فرض العقوبات الاقتصادية على ايران هو ارضاء حليفتها الاولى ‘’اسرائيل’’ التي تعتبر بمثابة رأس حربتها في الشرق الأوسط، ومحاولة إيجاد توازن عسكري ما بين ايران و«إسرائيل» وتجنب الصدام العسكري بين المعسكرين بالوكالة ، سواء في سوريا ، او اليمن ، او الاراضي اللبنانية .. والتي ستكون بالنهاية حربا مدمرة، تأكل الأخضر واليابس ولا رابح فيها مهما كانت قدرته العسكرية او الاقتصادية’’.

موقف أوروبا
وعلى صعيد تأثيرات هذا الموقف الأمريكي على الجانب الأوروبي قال الكاتب العراقي أن أوروبا حاليا تعمد الى إعادة تغيير وجهة تحالفاتها ، وهذا يعود الى تصدع العديد من تحالفاتها الاستراتيجية والاقتصادية مع الولايات المتحدة الى درجة الأضرار الشديد باقتصادياتها ، وبالأخص بعد اصرار ترامب على فرض التعريفات الجمركية على الواردات الأوربية بمئات المليارات من الدولارات في مختلف المجالات والصناعات لا سيما السيارات الألمانية ومنتجات الحديد والصلب
وأكد أن هذا ما دفع الاتحاد الأوروبي لإيجاد تحالفات جديدة تتجه شرقا صوب اليابان والهند والصين وباكستان ، وعملت اخيرا أيضا على ترتيب بيتها الداخلي ازاء ايران باتخاذ خطوات عملية لتجنيب شركاتها ضرر العقوبات الامريكية على ايران والتي ستكون كارثية على اقتصادياتها دون أدنى شك.

المشاركة في هذا المقال