Print this page

أوروبا ترد على السياسة التقشفية الأمريكية: مفاوضات لتفادي الحرب الاقتصادية

إثر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض أداءات جمركية جديدة على الصلب (25 %) والأليمنيوم (10 %) ،

والتي تستهدف أساسا الصين وأوروبا، تحرك الإتحاد الأوروبي مباشرة للتحذير من مغبة حرب اقتصادية مع القوة العظمى و تداعياتها على الاقتصاد العالمي. وبعد أن أعلن البيت الأبيض أن الإجراء سوف يطبق بدون استثناء، عدل من موقفه باستثناء كندا والمكسيك بشروط. وهي الفجوة التي دخل فيها الإتحاد الأوروبي بمناداته لعملية تفاوضية من أجل استثناء الفضاء الأوروبي من الإجراء الأمريكي.

أوروبا تصدر نحو الولايات المتحدة حوالي 5 مليار يورو من الصلب ومليار يورو من الألومنيوم سنويا. و يعتبر خبراء المفوضية الأوروبية أن الإجراء الأمريكي سوف يكون له انعكاس على أوروبا قدر بقرابة ثلاثة مليارات يورو. وهو ما اعتبرته السويدية سيسيليا مالمستروم، المفوضة على الاقتصاد الأوروبي ، «خطرا على العلاقات» بين الجانبين مضيفة أن «الحرب الاقتصادية لن يكسب منها أحد». و علل الرئيس الأمريكي قراره بأن «أوروبا تعاملت مع الولايات المتحدة بطريقة غير مرضية».

ضمان التوازن
أقرت المفوضية الأوروبية جملة من المواد التي تهدد بإدراجها في قائمة تخضع لأداءات جمركية إضافية ردا على الإجراء الأمريكي. وهي، حسب ما ورد في خطابات جون كلود يونكر، رئيس المفوضية، و دونالد توسك رئيسا لمجلس الأوروبي، إضافة إلى رفع الأداء على الصلب و الألومنيوم الأمريكي، بعض المواد الرمزية مثل الدجين لوفيس و الزبدة النباتية والويسكي و الدراجات النارية هارلي دافيدسون. و أخذت المفوضية تمشيا سياسيا باختبارها مواد تصنع في الولايات التي تدعم سياسيا الرئيس الأمريكي في خطوة للتأثير مباشرة على قراره.
المفوضية عمدت إلى «ضمان التوازن» بين الجانبين لتفادي الخسائر الناجمة من جراء السياسة الأمريكية التقشفية و ذلك طبقا لقوانين المنظمة العالمية للتجارة التي تجدد سبل وطرق التعامل في التبادلات التجارية. و تهدف المفوضية إلى رفع سقف الضغط على الولايات المتحدة وتخفيض تداعيات الإجراء الأمريكي على المستهلكين الأوروبيين.

تدعيم الصناعة الأوروبية
من ناحية أخرى ، عمدت المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات داخلية عاجلة لدعم النسيج الصناعي الأوروبي بإيقاف توريد الصلب والألومنيوم الأمريكي خشية أن تتحول وجهة هذه المواد إلى أوروبا. سبب ذلك أن الإجراء الأمريكي يشمل كل الدول المصنعة للصلب و المنتجة للألمنيوم و في مقدمتها الصين. ولا تريد أوروبا أن تصبح قبلة للتصدير مما يؤثر سلبا على مصانعها.
وتفكر المفوضية حاليا في تقديم دعوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية و لو أنها تعي أن ذلك سوف يستغرق عامين على الأقل. و لوح الرئيس الأمريكي بإمكانية فرض أداءات بقيمة 25 % على السيارات الأوروبية في صورة أقدمت أوروبا على تقديم شكوى لدى المنظمة. و سبق أن رفضت الولايات المتحدة تجديد أعضاء هيئة النزاعات في صلب منظمة التجارة العالمية التي لم تتمكن من ضمان النصاب القانوني الذي يسمح لها بالعمل. وهو ما يشل حركة المنظمة في حالة نزاع بين الدول الأعضاء.

تفادي الحرب الإقتصادية
بالرغم من التصريحات الأوروبية ، تسعى الدول الأعضاء و أوساط المستثمرين إلى الحد من الخلافات حتى تتمكن المفوضية من التوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة خاصة أن الرئيس الأمريكي لم يوقع بعد على قراره. و تأمل بروكسل في استغلال الخلافات القائمة في البيت الأبيض حول هذه المسألة و التي أدت إلى استقالة غاري كوهن مستشار دونالد ترامب على خلفية قراره. وكذلك المعارضة الداخلية في الحزب الجمهوري و في أوساط المصنعين الأمريكيين الذي يخشون التضخم المالي و تبعات الإجراءات العدائية للبلدان الخاضعة للقرار الأمريكي. في هذا الإطار حذرت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي من «المضاعفات الرهيبة على نسبة النمو» العالمي في حين أعلن دونالد توسك ، رئيس المجلس الأوروبي، أن «الحروب الاقتصادية ليست حسنة و ليست سهلة الربح. لكنها سيئة و من السهل أن تفضي إلى خسارة». و أضاف أنه «على الجانبين» التحلي بروح المسؤولية.

المشاركة في هذا المقال