Print this page

تنامي حدة الخطاب العدائي المتبادل بين واشنطن وبيونغ يانغ: استنفار في شبه الجزيرة الكورية واحتمالات مفتوحة من بينها الحلّ العسكري

عاد التصعيد الكلامي بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية الى الواجهة مجدّدا ، إلا انه هذه المرة ازداد حدّة ووصل حد تهديد بيونغ يانغ بقصف جزيرة امريكية وهو ماخلّف ردود فعل دولية غربية وعربية منددة ومستنكرة للاستهتار الكوري الشمالي ومؤيدين لفرض عقوبات أشدّ عليها .

وبدأ الخلاف مجددا عندما توعد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بيونغ يانغ بعبارة ‹›النار والغضب›› التي اثارت جدلا كبيرا وفتحت الباب على مصراعيه امام تجدد الحرب الكلامية بين البلدين . هذا التوعد الامريكي قابله تهديد كوري شمالي صريح باستهداف جزيرة ‹›غوام›› الأمريكية الواقعة في مجموعة جزر ماريانا، والتي تضم بدورها قاعدة بحرية وجوية أمريكية حيوية في المحيط الهادئ. ورغم استبعاد اغلب الاراء اندلاع مواجهة مسلحة بين الطرفين نتيجة عدة اسباب استراتيجية وسياسية واقتصادية ايضا، جاء التصريح الاخير لترامب ليجعل الاحتمالات مفتوحة اما خيارات عدة ، اذ قال الرئيس الأمريكي إن الولايات المتحدة مستعدة للتصدي لأي تهديد من بيونغيانغ وكتب على تويتر «الحلول العسكرية متاحة تماما وجاهزة في حال تصرفت كوريا الشمالية بصورة غير حكيمة. آمل أن يجد كيم جونغ أون مسارا آخر «. من جانبها أشارت كوريا الشمالية إلى أن خطتها لاستهداف محيط جزيرة ‘’غوام’’ ، معتبرة أنّ «القوة المطلقة وحدها» يمكن أن تؤثر على الرئيس الأمريكي «الفاقد للإدراك».
ومنذ اشهر تستمر كوريا الشمالية في القيام بتجارب نووية مستفزة بذلك الولايات المتحدة الأمريكية ومتحدية العقوبات الدولية المفروضة عليها ، اذ تؤكد تقارير اعلامية ان بيونغ يانغ تمكنت من تصغير قنبلة ذرية الى الحد الذي يمكنها من تحميلها على احد صواريخها العابرة للقارات وهذا بحد ذاته تهديد لأمن وسلم دول العالم لا لأمن وسلم امريكا فحسب.

احتمالات مفتوحة
يشار الى انّ مجلس الأمن الدولي صوت بالإجماع منذ اسبوع على عقوبات جديدة ضد كوريا الشمالية.ووافقت روسيا والصين -الحليفة والشريكة الاقتصادية للنظام الكوري الشمالي- على هذه العقوبات في خطوة سحبت البساط من تحت اقدام نظام بيونغ يانغ بعد ان كان يستمد القوة من الدعم الروسي والصيني .
وترتبط اغلب المبادلات التجارية لكوريا الشمالية بالصين بما يمثل 90 بالمائة من قيمة مبادلاتها التجارية ، خاصة وان الدولة الشيوعية تعيش فيما يشبه العزلة عن باقي دول العالم. ويرى متابعون ان الموقف الصيني سيكون حاسما في تحديد طبيعة الحل الدولي الذي سيتم اتخاذه للرد على البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
فرغم تاكيد الصين مرارا النأي بنفسها عن ايه حرب كلامية بين واشنطن وبيونغ يانغ فقد جاء تصويتها لصالح العقوبات ضد كوريا الشمالية ليقلب الموازين ويجعل من اعادة النظر في الموقف الصيني من الازمة الكورية امرا ضروريا . لكن متابعين يرون ان دعم الصين لفرضية الحرب ضد جارتها مستبعد باعتبار خشيتها من سقوط النظام هناك وماسيحمله انتشار الفوضى من تداعيات سلبية عليها وهي الدولة العظمى اقتصاديا.
ولئن يرى البعض ان اجراس الحرب بدأت تقرع يؤكد متابعون ان الخيار العسكري هو الاكثر ترجيحا باعتبار الانقسام الدولي وخطورة الاقدام على خطوة قد تؤجج الاوضاع الدولية وتؤثر على السلم الدولي.

مامدى جدية كوريا الشمالية ؟
هذا وتعيش شبه الجزيرة الكورية حراكا عسكريا غير مسبوق تحسبا لاحتمالات مفتوحة قد تصل حد شنّ أمريكا ضربة عسكرية ضد كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل خاصة بعد توجيه ادارة البيت الابيض ضربة عسكرية مفاجئة استهدفت قاعدة عسكرية سورية.
وتزيد حرب التصريحات المتبادلة بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية من التساؤلات المطروحة حول مدى قدرة بيونغ يانغ العسكرية على الدخول في حرب مع اقوى جيوش العالم وهل لديها ترسانة عسكرية متطورة قادرة على مجابهة التطور العسكري والتقني للآليات العسكرية الامريكية ؟ .
ويرى متابعون ان كافة الخيارات تبقى مطروحة على الطاولة بما فيها العمل العسكري ، خاصة وان ادارة ترامب الذي اكد خلال حملته الانتخابية عدم نيته خوض حروب نيابة عن الغير، إلاّ ان توجّهه لشنّ ضربة جوية هي الأولى ضدّ نظام بشار الأسد في سوريا جعلت من خطوات الادارة البيضاوية الجديدة غير متوقّعة بما فيها الخطوة القادمة تجاه بيونغ يانغ . ولئن يستبعد متابعون هذه الفرضية باعتبار موقف دول جيران كوريا الشمالية الصين واليابان (عدى كوريا الجنوبية الّتي تؤيد التدخل ضد جارتها الشمالية) ، يرى مراقبون أنّ تنديد عدد كبير من الدول بما اسمته ‘’استهتار كوريا الشمالية’’ على غرار الكويت والسودان والاتحاد الاوروبي وفرنسا وغيرهما من الدول هو دليل على ان المجتمع الدولي يستعد لاتخاذ خطوة جدية ازاء تجاوزات بيونغ يانغ وبرنامجها النووي . في المقابل أكدت المستشارة الالمانية انجيلا امريكا تاييد بلادها للحل السلمي مع كوريا الشمالية ورفضها التصعيد
ولا يخفى على المتابعين للشأن الدولي ان بيونغ يانغ ذات الـ25 مليون نسمة تمتلك مايقارب الـ3 ملايين جندي، كما تؤكد المعلومات ان الترسانة العسكرية لكوريا الشمالية تثير قلق دول الاقليم ودول العالم ايضا خاصة في ظل امتلاكها عددا غير معروف من الأسلحة الكيميائية، بالإضافة الى نجاحها في تصنيع صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول الى الولايات المتحدة الامريكية.

ووفق تقرير نشره موقـــــــع «ناشيونـال إنتيريســت»للبحـــوث العسكرية فكوريا الشمالية تملك العديد من المقومات التي تجعل من الصعب الاستهانة بقدراتها العسكرية . كما يملك النظام الكوري الشمالي أحد أقوى القوات المدفعية على مستوى العالم، بالاضافة الى أكبر ثالث مخزون من الأسلحة الكيميائية في العالم، وقنابل إشعاعية علاوة على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات كما تملك ايضا الجيل الجديد من الصواريخ الباليستية.

المشاركة في هذا المقال