Print this page

في ندوة في سفارة دولة فلسطين ...أكاديميون ودبلوماسيون يؤكدون : يجب استعادة الحق الفلسطيني من خلال عملية بناء شاملة في سياق منظومة الحق الانساني الأشمل

• سفير فلسطين هائل الفاهوم : فلسطين هي عنوان الحلول وعنوان الدفاع عن حقوق البشرية جمعاء
• أستاذ الحضارة محمد الحداد : هناك انهيار في مؤسسات نظام الشرعية الدولية ولا يمكن التعويل عليها لاستعادة حقوق الناس

احتضنت قاعة شهداء حمام الشط في مقر سفارة دولة فلسطين في تونس يوم امس ندوة فكرية جديدة بمناسبة الذكرى 34 لاعلان قيام الدولة الفلسطينية ومرور 105 سنوات على وعد بلفور المشؤوم وذلك بالتعاون مع مركز جامعة الدول العربية بتونس وبحضور نخبة من الأكاديميين التونسيين وممثلي الأحزاب والمجتمع المدني في تونس .
وقد ألقى أستاذ الحضارة في العربية والأديان المقارنة في الجامعة التونسية محاضرة تحت عنوان :«فلسطين في عالم منفلت» تطرق من خلالها للقضية الفلسطينية في اطار المتغيرات الدولية وطرح خلالها رؤية ومفاهيم جديدة لصيرورة النظام الدولي . كما شدد السفير الأمين العام المساعد ورئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس د. محمد صالح بن عيسى في كلمته الى أهمية دعم حقوق الشعب الفلسطيني متطرقا الى وعد بلفور والذي دفع الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية ثمنه غاليا . وقد أدار الجلسة المستشار الإعلامي في سفارة دولة فلسطين د. هاني مبارك.
فلسطين عنوان الحلول
من جانبه شدد سفير دولة فلسطين هايل الفاهوم في تصريح لـ«المغرب» على هامش الندوة بان اختيار العنوان «فلسطين في عالم منفلت» لم يكن بالصدفة بل انطلاقا من ان العالم يعيش مخاضا كونيا في الوقت الحاضر بدأت خلاله الأوراق الحقيقية للمعادلة الكونية تتكشف حقائقها أمام هذا الصراع للأقطاب المتعددة وبداية زعزعة منظومة كان يسيطر عليها قطب واحد». وأشار الفاهوم الى فلسطين دفعت ثمنا غاليا نتيجة هذه السيطرة والهيمنة التي تم في سياقها تشكيل قاعدة تنفيذية لشكل من أشكال تفتيت العالم العربي. وكان ضحيته الشعب الفلسطيني . كما تطرق الفاهوم الى مسألة استخدام التعابير الخاطئة وضرورة التركيز على الحقائق الموضوعية التي تم تزويرها واخفائها حتى عن شعوب الدول التي هيمنت على هذه المسارات . وقال يجب تثبيت هذا الحق الفلسطيني الذي يعتبر الدفاع عنه واجبا وطنيا. وقال ان فلسطين هي العنوان في مواجهة هذه الاستراتيجية المبنية على تزوير الحقائق وتجهيل المجتمعات في الحقائق الموضوعية والحقائق التاريخية لشعب فلسطين. وأضاف ان فلسطين هي عنوان للحقوق الإنسانية كلها لان المتحكم في هذه المنظومة نسبة مئوية ونخب استعمارية لا تتعدى الـ 1 بالمئة من ديموغرافية العالم التي تهيمن على 50 بالمئة من المنظومة المالية الكونية . ودعا الفاهوم الى تطوير استراتيجيات مبنية على الوعي والفكر والتخطيط ومراكمة الإنجازات . ولفت الى الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني أمام هذه الاستراتيجية التي تسعى لتبخير هذا الحق الفلسطيني . وأضاف بالقول :«ففلسطين عنوان الحلول والحقوق وهناك واجب يلزم الجميع للوقوف مع هذا الحق للدفاع عن حقوق البشرية جمعاء».
انهيار في قيم حقوق الانسان
وقد استعرض أستاذ الحضارة العربية والأديان المقارنة في الجامعة التونسية في محاضرته ما أسماه بالتعارض بين سيادة الدولة وحرية الاقتصاد منذ القرن السادس عشر . وخلص الى نتيجة وهي ان كل أنماط الاقتصادات المغلقة انهارت وأخلت المكان لحرية الاقتصاد. وشدد على ان ما يشهده العالم اليوم هو استمرار لمقاربة الماضي ولكن بأشكال مختلفة حيث لعبت وسائل الاتصال الحديثة دورا في تغير مكونات العملية الاقتصادية حيث أصبحنا امام شركات وكيانات اقتصادية كبرى تربح المليارات مقابل صفر من الإنتاج. وقال ان كل مصادر هذه الأرباح هي العمليات الاشهارية التي باتت تلعب الدور الأكبر في صناعة الرأي العام وهذا ما فاقم من حدة التناقض بين مفهوم سيادة الدول والحرية الاقتصادية بما يمكننا اليوم من القول اننا نعيش مرحلة الانفلات وان كل القيم القديمة انهارت او انها بصدد الانهيار. واستخلص من ذلك وجود تراجع حاد في قيم حقوق الانسان وانهيارا في مؤسسات نظام الشرعية الدولية التي باتت بلا فاعلية ولا يمكن التعويل عليها لاستعادة حقوق الناس. كما تطرق الى اتفاقيات اوسلو مشيرا الى انها فشلت في استعادة الحق الفلسطيني. وقال بان السبيل لاستعادة الحق الفلسطيني تتحقق من خلال عملية بناء شاملة يكون فيها الحق الفلسطيني جزءا من منظومة الحق الانساني الأشمل.
وفي سياق متصل رفض الدكتور الحداد محاولات البعض اعتبار الصراع في فلسطين صراعا دينيا، وقال ان المعايير الدولية من صعود القوى الدينية الى الحكم ومراكز القرار يختلف مع اختلاف مصالح تلك الدول لافتا الى ان الموقف الدولي من صعود حركة حماس اثر انتخابات عام 2006 لم يقابله اليوم نفس الموقف من صعود اليمين الديني المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يشكل خطرا محدقا لا على الشعب الفلسطيني فقط بل على السلم الاقليمي.

 

المشاركة في هذا المقال