Print this page

ردود الأفعال بعد مقتل زعيم القاعدة في غارة أمريكية بأفغانستان: مستقبل التنظيم بعد الظواهري .. والتأثيرات المرتقبة على المفاوضات بين أمريكا و«حكومة طالبان»

أثار إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة جوية نفذتها قواتها في أفغانستان، الكثير من القراءات

حول مآل تنظيم القاعدة بعد مقتل قائده ومدى تأثير ذلك على التنظيم الذي يواجه في السنوات الأخيرة انحسارا لنفوذه وتراجعا في نشاطه الإرهابي. وقد فتحت الغارة الجوية الباب أمام اتهامات وجّهتها الخارجية الأمريكية لما يسمى بـ«حكومة طالبان» تتعلق بإيواء الظواهري .
يشار إلى أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن أنّ الولايات المتحدة قتلت الظواهري في ضربة بأفغانستان في مطلع الأسبوع، في أكبر ضربة كبرى تلقاها التنظيم المتشدد منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن عام 2011. من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الاثنين إن حركة طالبان انتهكت «على نحو صارخ» اتفاق الدوحة من خلال استضافة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة وإيوائه. وقال بلينكن في بيان «في مواجهة عدم رغبة طالبان أو عدم قدرتها على التقيد بالتزاماتها، سنواصل دعم الشعب الأفغاني بمساعدات إنسانية قوية والدعوة لحماية حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات’’.
والظواهري طبيب وجراح مصري رصدت واشنطن 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إليه، في تنسيق هجمات 11 سبتمبر 2001 التي قُتل فيها زهاء ثلاثة آلاف شخص.
ويرى مراقبون أنّ الغارة الأمريكية خطوة من الإدارة الأمريكية لتلميع صورة الرئيس جو بايدن خاصة بعد الانسحاب المخزي للقوات الأمريكية من أرض المعركة في أفغانستان واستيلاء حركة ‘’طالبان’’ على السلطة ، وهو ما اعتبره المجتمع الدولي بصفة عامة فشلا أمريكيا ذريعا واعتبره الداخل الأمريكي سياسة فاشلة كلفت الدولة مصاريف باهظة دون تحقيق النتائج المرجوة. وبعد الإعلان عن مقتل زعيم القاعدة سارع وزير الخارجية الأمريكية إلى توجيه اتهام صارخ لطالبان بانتهاك اتفاق الدوحة وبالتالي إفشال مسار المفاوضات التي ضمت وفدا عن الحركة ووفدا عن الجانب الأمريكي، مما يؤكّد أنّ العودة إلى طاولة التفاوض بعد هذه الاتهامات ستواجه عدّة عراقيل .وأكد المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في بيان وقوع الضربة واستنكرها بشدة واعتبارها انتهاكا «للمبادئ الدولية».
أي مستقبل لتنظيم القاعدة ؟
ويعدّ مقتل الظاهري ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة بعد الضربة الأولى التي تلقاها عند مقتل الزعيم السابق للتنظيم أسامة بن لادن عام 2011 ، وتعددّت القراءات لتأثيرات هذا التطور على مستقبل أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم خصوصا وأنّ المرحلة المقبلة ستشهد اختيار خليفة لزعيم التنظيم داخل فروع التنظيم ممّا قد يخلق حالة من الخلاف والصدام بين القيادات .
ويرى مختصون في شؤون الجماعات الإرهابية أن كلا من تنظيم القاعدة وتنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي الذي قتل زعيمه ابوبكر البغدادي في غارة جوية أيضا ثم بعد قتل خليفته عبد الله قرداش، يعانيان من شروخ داخلية وخلافات حادة داخل التنظيمات على علاقة بالتعيينات والشخصيات المطروحة وهو ما أثر على نفوذ هذه الجماعات الإرهابية ونشاطها.
ووفق تقرير إعلامي نشرته «سكاي نيوز عربية» يعتمد الهيكل التنظيمي للقاعدة على مجلس شورى لإدارة التنظيم، وأبرز قياداته محمد صلاح الدين زيدان المعروف بـ»سيف العدل»، وأبو عبد الرحمن المغربي، صهر الظواهري، رئيس اللجنة الإعلامية في القاعدة.والرجل الثاني في القاعدة «سيف العدل» أبرز المرشحين لزعامة التنظيم، ولكن تشارلز ليستر يرى أن هناك أزمة ثقة تواجه «سيف العدل» لدى معظم منتسبي القاعدة، نظرا لإقامته في إيران سنوات طويلة.
بين أمريكا و«حكومة طالبان»
وكان قرار مغادرة القوات الأمريكية للأراضي الأفغانية بالتزامن مع الذكرى الـ20 للهجمات 11 سبتمبر 2001 ، قد أنهى سنوات من الانتقادات والجدل الداخلي في بلاد العم سام متعلقة بالأساس بتكلفة الحرب الباهظة، كما وضع حدّا لأطول حرب خارجية خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن مفاوضات السلام بين الحكومة في أفغانستان وحركة ‘’طالبان’’ المتشددة لم تحقق تقدما ملموسا وسط مخاوف من استمرار بطش هذه الجماعة الإرهابية التي تولت الحكم بعد مغادرة أمريكا لأفغانستان في أكبر ضربة لإدارة البيت الأبيض. ولئن اعتبر متابعون ان الإنسحاب هو مناورة أمريكية ، إذ لا يعني الانسحاب أن واشنطن ستتخلى عن نفوذها في هذه المناطق بل تخفيف من الأعباء لا غير، والدليل وفق مراقبين هو الضربة الجوية التي نفذت يوم الأحد ضد الظاهري في مقر إقامته في البلاد. إذ يؤكد البعض أن أنّ الدور الأمريكي سيظل قائما وأكثر تأثيرا لكن عبر وسائل أقل كلفة متمثلة بالأساس في اعتماد سياسة ضغط عبر أوراق سياسية ودبلوماسية .
ورغم سعي المتفاوضين إلى إرساء آلية تفاوض وحوار مع هذه الحركة المتشددة التي تولت زمام الحكم إلاّ أن التعثر لازال يرافق الإجتماعات بين الطرفين بعد عصيان وحرب مستمرة لأكثر من أربعين عاما أودت بحياة الآلاف وشردت أعدادا كبيرة من المدنيين في البلاد ، وسط غموض نوايا حكومة طالبان كذلك في ظل المعضلات السياسية الحادة التي تعيشها أفغانستان في هذه الفترة نتيجة الممارسات والإنتهاكات والسياسات المتشددة التي تتبعها حكومة طالبان ضدّ الأفغان رغم التنديد والرفض الدوليين.
أفغانستان
من جهة أخرى أثار قتل الولايات المتحدة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في ضربة بأفغانستان، ردود أفعال عدة على مقتله حيث أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في تصريحات بالبيت الأبيض: «الآن تحققت العدالة ولم يعد لهذا الزعيم الإرهابي وجود...بغض النظر عن الوقت الذي يستغرقه الأمر، وبغض النظر عن المكان الذي تختبئ فيه، إذا كنت تمثل تهديدا لشعبنا ، فستجدك الولايات المتحدة وتقضي عليك».
أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فقد قال في بيان:في مواجهة عدم رغبة طالبان أو عدم قدرتها على التقيد بالتزاماتها، سنواصل دعم الشعب الأفغاني بمساعدات إنسانية قوية والدعوة لحماية حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات».
وزارة الخارجية السعودية، نقلا عن وكالة الأنباء الحكومية قالت ‘’الظواهري.. يعد من قيادات الإرهاب التي تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية».
وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، على «تويتر’’ أن «مقتل أيمن الظواهري خطوة نحو عالم أكثر أمانا. ستواصل كندا العمل مع شركائنا في العالم لمواجهة التهديدات الإرهابية، وتعزيز السلام والأمن، والحفاظ على سلامة الناس هنا في الوطن وفي جميع أنحاء العالم.»بدوره قال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، على تويتر:أخبار الليلة هي أيضا دليل على أن من الممكن استئصال الإرهاب دون الدخول في حرب في أفغانستان. وآمل أن توفر قدرا ضئيلا من السلام لعائلات (ضحايا هجمات) 11 سبتمبر ولكل شخص آخر عانى على أيدي القاعدة».

المشاركة في هذا المقال