Print this page

«تايوان» في محور الصراع بين واشنطن وبكين: جولة نانسي بيلوسي في آسيا.. وتوتر أمريكي صيني متزايد

أثارت الجولة الآسيوية التي بدأتها يوم أمس رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي ، الكثير من التوتر والإنتقادات من الجانب الصيني .

وقد بدأت بيلوسي جولتها بزيارة أدتها إلى سنغافورة، وسط مخاوف من تأثيرات سلبية لهذه الجولة على العلاقات بين واشنطن وبكين خاصة وأن هناك تقارير تحدثت عن أن رئيسة مجلس النواب ستتوجه إلى «تايوان» محور النزاع مع الصين .
ووصلت نانسي بيلوسي إلى سنغافورة، أول محطة ضمن جولتها الآسيوية وقد دعاها رئيس الوزراء لي هسين لونغ للسعي إلى إقامة علاقات «مستقرة» مع بكين. كما انه من المقرر أن تجتمع مع الرئيسة حليمة يعقوب.وبعد ان أبقت الغموض لفترة طويلة على برنامجها في آسيا، أعلنت بيلوسي أنها تقود «وفدا من الكونغرس في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتأكيد التزام الولايات المتحدة الراسخ بالامن في المنطقة».
وستقود الجولة بيلوسي إلى كلّ من سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان ، فيما ارتفع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة والصين إثر معلومات مفادها أن بيلوسي قد تتجه إلى تايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها.
وسعت واشنطن إلى التخفيف من أهمية زيارة محتملة لبيلوسي إلى تايوان ودعت المسؤولين الصينيين إلى الهدوء.وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن «لدينا اختلافات كثيرة بشأن تايوان لكن خلال السنوات الأربعين الأخيرة تمكنا من إدارة هذه الاختلافات وقمنا بذلك بطريقة حافظت على السلام والاستقرار».
من جانبها قالت الصين أمس الاثنين إن جيشها «لن يقف مكتوف الأيدي» في صورة إقدام رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي على زيارة تايوان.
وقال المتحدث باسم الوزارة تشاو لي جيان إنه بسبب وضع بيلوسي «رقم ثلاثة في الإدارة الأمريكية»، فإن زيارة تايوان، التي تقول الصين إنها تابعة لها، «سيكون لها تأثير سياسي جسيم».
صدام مباشر
كما سبق أن رافقت الانتقادات والجدل الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلا شهر ماي المنقضي في آسيا، وشملت الزيارة كوريا الجنوبية واليابان. ويرى مراقبون أن الجولات المتتالية للسياسيين الأمريكيين في قارة آسيا من أهم أسبابها بحث النفوذ الصيني المتنامي في العالم وملف تايوان الشائك.
ولطالما كان الجدل سيد الموقف خصوصا المتعلق بتصريحات رئيس أمريكا جو بايدن حول تعهد بلاده بالدفاع عن «تايوان إذا تعرضت لهجوم، مضيفا انه ليس للصين لها أي حق في السيطرة على الجزيرة بالقوة». وأعادت تصريحات ساكن البيت الأبيض الإهتمام للصراع التقليدي الكبير بين واشنطن وبكين حول زعامة العالم اقتصاديا والتي تتعدد أوجهها ومجالاتها، حيث أصبحت العلاقات الصينية الأمريكية أشبه بحرب اقتصادية سياسية يعمل فيها كل طرف الضغط على الطرف الثاني من خلال ملفات عالقة وحساسة على غرار أزمة تايوان التي تحاول واشنطن اعتمادها كورقة ضغط ضدّ الصين مقابل تنازلات وضمانات.
ووفق مراقبين فإنّ التوتر بين أمريكا والصين شهد منعرجا جديدا خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي غذت المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة خشية متزايدة من اندلاع صراع مسلح في جبهة جديدة تتعلق بغزو صيني محتمل لتايوان في ظل صراع دائر بين الطرفين منذ عقود طويلة. وتعتبر الصين عدوا تقليديا للولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا وسياسيا ،وقد باتت قضية تايوان بدورها في قلب الحرب غير المعلنة بين بكين وواشنطن .
ورافق التصعيد العسكري في أوكرانيا وما تبعه من تنديد دولي وقلق من توسع رقعة النزاع الدائر، استنفارا في تايوان إذ يتمثل أصل الصراع الصيني التايواني في أن بكين تعتبر تايوان مقاطعة متمردة انشقت عنها ويجب إعادتها إلى البر الصيني في كل الإحتمالات، فيما يختلف الكثير من التايوانيين مع وجهة نظر بكين، إذ أنهم يرون أن لديهم أمة منفصلة ودولة مستقلة، سواء أتم إعلان استقلالها رسميا أم لا. هذا الخلاف بين الصين وتايوان رافقه دعم أمريكي وغربي غير مسبوق خصوصا في الآونة الأخيرة وهو ما يفسره مراقبون بحرب الضغوطات بين الجانبين إذ يعد أصل الخلاف بين واشنطن وبكين اقتصاديا تجاريا بالأساس حول الزعامة الإقتصادية للعالم إلا أن قضية تايوان كانت دائما ورقة ضغط الصين من خلال دعمها سياسيا وأحيانا لوجستيا وحقوقيا.
وتعتبر الصين تايوان خطّا أحمر يمس بشكل مباشر من أمنها الداخلي ومن استقرارها الأمني ومن السياسي . وفي سياق تطورات المشهد الدولي الراهن واندلاع الحرب بين موسكو وكييف وفي ظل مستويات التعاون الكبير بين روسيا والصين والتي توسعت بشكل كبير خلال العقد الأخير ،يرى مراقبون أن التنين الصيني قد يكون في وضع مراقبة حذرة لتداعيات أي خطوة عسكرية محتملة للسيطرة على تايوان ،وهو ما يقابله رفض أمريكي ودعم لتايوان يثير غضب بكين.

المشاركة في هذا المقال