Print this page

الكاتب الفلسطيني نهاد أبو غوش مدير مركز المسار للدراسات لـ«المغرب» «حكومة بينيت تسعى للقضاء عمليّا على أيّ فرصة واقعية لقيام دولة فلسطينية مستقلة»

•«غياب مواقف جادة على الصعيد الداخلي والعربي والدولي ساهم في تكريس سياسة الإحتلال الإستيطانية»


قال الكاتب الفلسطيني نهاد أبو غوش مدير مركز «المسار» للدراسات في حوار لـ»المغرب›› أنّ كل ما نشهده من تسارع عملية الإستيطان تنفيذ عملي لخطة الضم التي كانت واردة في خطة صفقة القرن بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس وزراء كيان الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي كانت تهدف إلى ضم ما يزيد عن نصف مساحة الضفة الغربية إلى «إسرائيل». وأضاف أنّ اكتفاء المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى بالمواقف الكلامية التي لم تتحول في أي مرة لمواقف عملية وبالتالي تواطؤ هذه الدول أو صمتها في الحد الأدنى عن ممارسات «إسرائيل»، ساهم في التعنت الإسرائيلي واستمراره في سيا
• أولا لو تقدمون لنا قراءة في التصعيد الصهيوني الأخير وتسارع وتيرة الاستيطان في هذه الفترة وتبعات ذلك على القضية الفلسطينية ؟
التصعيد الصهيوني الأخير في مجال الاستيطان يأتي وكأن «إسرائيل» في سباق مع الزمن، وأنها أمام فرصة ذهبية سانحة لتكريس واقع مادي جديد، وخلق حقائق على الأرض تجعل التراجع عنها أمرا بالغ الصعوبة، يوميا نسمع عن عطاءات جديدة لبناء وحدات استيطانية وعمليات مصادرة لأراض فلسطينية وهدم منازل ومشآت فلسطينية، وشق طرق استيطانية للربط بين المستوطنات من جهة وبين المدن والمناطق داخل الأراضي المحتلة عام 1948، كل ما نشهده تنفيذ عملي لخطة الضم التي كانت واردة في خطة صفقة القرن بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي كانت تهدف لضم ما يزيد عن نصف مساحة الضفة الغربية لإسرائيل، لكن حكومة نتنياهو تراجعت رسميا وظاهريا عن تنفيذ الخطة، حكومة بينيت لابيد الحالية تقوم عمليا بتطبيق الخطة بالتدريج دون إعلانات صاخبة ، والحقيقة أن هذه الخطط كانت واردة ومعلنة في برنامج الحكومة الاسرائيلية الحالية سواء في البرامج الخاصة بأحزابها الصهيونية وخاصة حزب يمينا وحزب أمل جديد وحزب “يسرائيل بيتينو”، أو في الاتفاقات الائتلافية بين هذه الأحزاب.
وبالتالي نستطيع القول أن هذه الحكومة تنفذ برنامجها السياسي الذي وعدت به ناخبيها والذي يهدف لزيادة عدد المستوطنين إلى أكثر من مليون مستوطن (حاليا يقدر عددهم ب 750 الف مستوطن في الضفة بما فيها القدس الشرقية) ، وبالتالي القضاء عمليا على أي فرصة واقعية لقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
مالذي تستند عليه ‘’اسرائيل’’ في مشروعها الإستيطاني ؟
تستفيد «إسرائيل» خلال تنفيذ هذه الخطة من عدة عوامل أهمها :أولا ضعف الموقف الفلسطيني بسبب الانقسام والمشكلات الداخلية الفلسطينية . ثانيا ضعف الموقف العربي بسبب استنزاف طاقات الدول العربية المحيطة بفلسطين بسبب مشاكلها الداخلية وحروبها الأهلية كذلك هرولة عدد من الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها ثالثا اكتفاء المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى بالمواقف الكلامية التي لم تتحول في اي مرة لمواقف عملية وبالتالي تواطؤ هذه الدول أو صمتها في الحد الأدنى عن ممارسات «إسرائيل»، وغياب اي استعداد لديها للضغط عليها في وقت تشهد علاقات هذه الدول تحديدا تناميا غير مسبوق في العلاقات والتبادل التجاري والتعاون العلمي والتكنولوجي الذي يشمل دولا كانت تاريخيا حليفة للعرب والفلسطينيين مثل الصين وروسيا والهند.
• كيف ترون الموقف الدولي من سياسة الإحتلال وأيضا الموقف الفلسطيني الداخلي؟
الموقف الفلسطيني من تصاعد الاستيطان ما زال في حدود الإدانة والشجب وردات الفعل العفوية والجهوية ( التي تقتصر على أهالي المنطقة المهددة بالاستيطان مثل قرى بيتا وبيت دجن وبرقة) ، الانقسام يشل الطاقات الفلسطينية ويضعف قدرة الفلسطينيين على المواجهة، وربما ما زالت هناك بعض الأوهام والحسابات الخاطئة من إمكانية قيام المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن والأمم المتحدة بدور ما للجم الممارسات الإسرائيلية.
كما أنّ الانقسام أفقد الفلسطينيين القدرة على وضع استراتيجية موحدة للتعامل مع المرحلة الحالية في ضوء انسداد آفاق الحل السياسي ووصول مسيرة اوسلو إلى طريق مسدود، وبالتالي لا توجد لا رؤية موحدة لفصائل ولا سياسات موحّدة، هناك من يقاوم وهناك من يفاوض، ولكن لكل فصيل رؤيته الخاصة ويغيب التكامل بين أشكال النضال المختلفة، ولا شك أنّ اعتماد استراتيجية وطنية موحدة للتصدي لسياسات الاحتلال يتطلب تنازلات متبادلة بين القوى الفلسطينية لبعضها البعض وتغليب القواسم المشتركة على التباينات الثانوية.
• ما المطلوب داخليا لمواجهة آلة الاحتلال الاستيطانية ؟
هذا يستدعي القبول بمدا الشراكة الوطنية في اتخاذ القرار سواء في المجال الوطني السياسي أو في مجال إدارة الشؤون الداخلية والمعيشية للمجتمع الفلسطيني بما في ذلك الحريات العامة وأولويات السياسات المالية والاقتصادية للسلطة، وظروف النزاهة، كل ذلك يتطلب بعض التنازلات عن المواقع والنفوذ التي يتيحها الاستفراد والاستئثار بالسلطة سواء في الضفة أو في غزة، دون ذلك لا يمكن بناء شراكة ولا بناء استراتيجيات وسياسات ناجعة لمواجهة الاحتلال ، كما أنّ التصدي لسياسات الاحتلال وممارساته يتطلب تفعيل واستنهاض أدوات القوة التي جرى تهميشها او إقصاؤها وبالتحديد المقاومة بكل أشكالها واستخدام أدوات القانون الدولي من دون الخشية من العقوبات الأمريكية او الإسرائيلية، والالتزام بقرارات المؤسسات الشرعية الفلسطينية فيما يتعلق بوقف التنسيق الأمني وتفعيل ادوات المقاطعة وتنفيذ خطة الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي وقيود اتفاقية أوسلو وبروتوكول باريس.

المشاركة في هذا المقال