Print this page

غدا .. الانتخابات العراقية المبكرة: استنفار سياسي وأمني داخلي ... ترقّب إقليمي ودولي .. وتغيرات مأمولة في المشهد السياسي

يُصوّت 25 مليون ناخب عراقي يوم غد الأحد في انتخابات برلمانية مبكرة طال انتظارها أملا في إختيار ممثليهم في البرلمان وسط منافسة حادّة بين الأحزاب التقليديّة في البلاد.

ولئن يُخيّم التّشكيك والانتقادات على أجواء هذه الإنتخابات المُرتقبة إلا أن السلطات أعلنت عن استعداد غير مسبوق لإنجاح هذا الإستحقاق وسط دعم دولي كبير. وانطلق أمس الجمعة، التصويت الخاص لنحو 1.2 مليون ناخب من أفراد الأمن، ونزلاء السجون والنازحين في المخيمات في عموم البلاد.

يتجه يوم غد الأحد العراقيون إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جاءت استجابة لغضب شعبي وانتفاضة جماهيرية اندلعت قبل عامين طالب خلالها العراقيون بتغيير الفاعلين السياسيين المتهمين بالفساد والمحسوبية والطائفية خاصة وأن بلاد الرافدين عانت لسنوات من تبعات الفساد الذي طال دواليب الدولة بالإضافة إلى تأثيرات آفة الإرهاب التي نخرت جسد العراق لسنوات طويلة . وقد ساهمت جميع هذه التراكمات في اندلاع شرارة الانتفاضة الشعبية التي جرت في العراق قبل سنتين على أمل أن تنتج تغيرا واضحا في المشهد السياسي الاقتصادي والاجتماعي المتدهور.

ولعلّ الجديد في هذه الانتخابات البرلمانية المُبكّرة إجراؤها لأول مرة وفق قانون انتخابي جديد أثار جدلا كبيرا وانتقادات واسعة وصلت الى حد التشكيك في جدوى الانتخابات وسط مخاوف من نسبة إقبال ضعيفة في انتخابات كانت مقررة عام 2022. ووفق تقارير إعلامية يقوم القانون الانتخابي الجديد، على «أساس التصويت الأحادي مع رفع عدد الدوائر إلى 83، من أجل تشجيع المستقلين والمرشحين المحليين إلى البرلمان البالغ عدد أعضائه 329، على خوض الانتخابات»، إلاّ أن ذلك -وفق مراقبين- لن يحمل تغييرا يذكر على صعيد سيطرة التيارات السياسية التقليدية على المشهد السياسي برمته.

ضبابية المشهد السياسي
هذا ويؤكّد مراقبون أن تقديم موعد الانتخابات والذي أقرته حكومة مصطفى الكاظمي جاء كخطوة لإمتصاص غضب الشارع، وخشية تصاعد نقمة المواطنين نتيجة تفشي البطالة والفقر وتردي الأوضاع الإجتماعية وصعوبة المعيشة وغلاء الأسعار وتراجع الخدمات العامة وتنامي الفساد في أغلب دواليب الدولة.
على صعيد متصل يشير مراقبون إلى احتمالات فشل هذا الاستحقاق الانتخابي بالنظر إلى حملة المقاطعة التي تبنتها بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي العراقي، وهو ما يزيد من تعقيدات المشهد وضبابيته. كما يقاطع ناشطون ومتظاهرون الانتخابات، بعد أن تعرّض العشرات منهم خلال الأشهر الأخيرة للاغتيال أو محاولة الاغتيال، دون أن يحاسب منفذو هذه العمليات، مما عزّز -وفق آرائهم- فكرة «الإفلات من العقاب». من جانبه اعتبر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الإنتخابات «فرصة تاريخية للتغيير».

وينتظر البعض بترقب شديد للمرحلة التي ستلي انتخابات يوم غد الأحد وسط مخاوف وريبة من الخلافات التي قد تلقي بظلالها على مسار اختيار رئيس للوزراء بعد إصدار النتائج ، إذ يقضي العُرف في العراق بأن يكون شيعيا وسط توقعات بأن يكون البرلمان هذه المرة أكثر تشرذما وانقساما نتيجة عدة متغيرات داخلية وإقليمية . علما أن اختيار الكاظمي تمّ بعد خمسة أشهر من المفاوضات.
ويعيش العراق منذ عقود طويلة وسط تجاذبات حادّة على الصعيد الداخلي أو الصعيد الإقليمي أو الدولي، إذ يلقي الصراع الأمريكي الإيراني المُتجذر بظلاله على الواقع السياسي في بغداد رغم محاولات النأي به عن هذه الصراعات إلاّ أن كل المحاولات باءت للفشل باعتبار انقسام المشهد العراقي إلى سنة وشيعة وأكراد وأقليات أخرى وموالين لأمريكا من جهة ومتحالفين مع طهران من جهة أخرى .

استعدادات كبيرة
ووفق ما أعلنته الحكومة العراقية سيتمّ نشر أكثر من 250 ألف عنصر أمن يوم الاقتراع نتيجة مخاوف من احتمال حصول عنف انتخابي في حال لم تتفق النتائج مع طموحات الأطراف المشاركة.وبدأ الانتشار الأمني منذ يوم أمس الجمعة، وهو يوم التصويت الخاص بالقوات الأمنية والنازحين والمساجين.
في العاصمة بغداد، شُددت الإجراءات الأمنية، حيث اصطف العشرات من أفراد الجيش وهم يرتدون أقنعة وقفازات للوقاية من فيروس كورونا في مركز اقتراع أقيم في إحدى المدارس، بعد بدء عملية التصويت في الساعة السابعة صباحا.
ويمكن لأكثر من مليون من أفراد قوات الأمن التصويت في المواقع التي يتمركزون فيها، لأن التصويت في مناطقهم الأصلية - كما سيفعل المواطنون الآخرون - قد يكون صعبا لمن هم في مواقع بعيدة.لكن أعضاء الحشد الشعبي، البالغ عددهم 160 ألفا، غير مؤهلين للمشاركة في الاقتراع المبكر، ويتعين عليهم الانتظار حتى يوم غد الأحد، وهو ما أثار انتقادات من شبكة الجماعات شبه العسكرية السابقة التي تدعمها إيران بشكل رئيسي.كما أدلى نحو 120 ألف نازح، بعضهم يعيش في 27 مخيما، وأكثر من 600 سجين، بأصواتهم يوم أمس الجمعة.

المشاركة في هذا المقال