Print this page

عبد الحميد الدبيبة في زيارة رسمية إلى تركيا: تحديات المرحلة الراهنة وسياسة «تصفير المشاكل»

أجرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة أمس زيارة رسمية هي الأولى إلى تركيا، بعد مايقارب من الشهر

على تأدية حكومته لليمين الدستورية أمام البرلمان وبدء عملها رسميا بعد سنوات من تعطل مؤسسات الدولة في ليبيا نتيجة صراع بين مختلف الفرقاء المدعومين بأطراف ودول مؤثرة في الداخل الليبي .
وتستمر الزيارة يومين ، وذلك للمشاركة في الاجتماع الأول للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.ووفقا لبيان رسمي «سيتم تقييم العلاقات التاريخية بين تركيا وليبيا في جميع جوانبها، ومناقشة الخطوات التي تعزز من التعاون الثنائي، بمشاركة الوزراء المعنيين من كلا البلدين».كما أنه من المقرر تبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية.
وتعدّ تركيا من بين الدول التي عملت في السنوات الأخيرة على بسط نفوذها وخلق دور لها في الأزمة الليبية على غرار عدد من الدول الأجنبية والعربية والخليجية الأخرى.
ووفق تقارير إعلامية يرافق الدبيبة وفد متكون من 14 وزيرا وخمسة من نواب رئيس الوزراء ورئيس الأركان ومسؤولين آخرين لبحث التعاون في مجالات الطاقة والصحة إضافة إلى مسألة استكمال مشروعات تنفذها شركات تركية في ليبيا وتوقفت بسبب الحرب.وكانت حكومة الوحدة الجديدة في ليبيا أدت اليمين يوم 15 مارس المنقضي بعد مسار تفاوضي شاق برعاية الأمم المتحدة امتد لسنوات طويلة . وكان النجاح في إرساء حكومة انتقالية نتيجة مفاوضات واجتماعات محلية ودولية مضنية نتيجة تعنت أطراف الصراع واستمرار الحرب الذي حال دون تحقيق تسوية سياسية طال انتظارها، وكان لها آثار سلبية على الإقتصاد الليبي وأيضا الوضع الإجتماعي بعد تعطل عمل مؤسسات الدولة وانتشار السلاح والميليشيات ماخلف نوعا من الفوضى الأمنية .
يشار إلى أنّ تركيا أبدت دعما صريحا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس بقيادة رئيس الحكومة السابق فايز السراج ضد قوات شرق ليبيا أو مايسمى الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، والتي لاقت دعما من روسيا ومصر والإمارات وفرنسا.
وتمثل الدعم التركي لحكومة السراج في توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط ، إضافة إلى اتفاق تعاون عسكري أرسلت تركيا بموجبه مستشارين ومدربين عسكريين إلى طرابلس. ووفق تقارير رسمية فقد أرسلت أنقرة مقاتلين مرتزقة سوريين لدعم حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الوطني الليبي في هجومه على طرابلس وهو ما أثار تنديدا دوليا وعربيا واسع النطاق.
الدور التركي في ليبيا
الدور التركي في ليبيا ليس وليد الأحداث الراهنة بل إنه ظهر منذ بداية الأزمة الليبية إلاّ أن الاتفاق الأمني ومحاولات أنقرة استثمار الملف الليبي كورقة ضغط جديدة ضد المجتمع الدولي ، خلفت حالة من الاستنفار سواء على الصعيد الداخلي في ليبيا أو على الصعيد الإقليمي متمثلا في موقف مصري غاضب من الاتفاق الأخير بين السراج وأردوغان- باعتبار أن القاهرة داعم رئيسي للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر- أو على الصعيد الدولي متمثلا في كل من روسيا -التي اصطفت بدورها إلى جانب حفتر معلنة عن رفضها لتنامي الدور التركي في ليبيا- ومن الجانب الأمريكي الذي يحاول بدوره كسب نقاط إضافية في محاولاته لاستعادة النفوذ في شمال افريقيا وخاصة ليبيا.
ويرى مراقبون أنّ التطورات الراهنة تفرض على الحكومة الجديدة اعتماد سياسة «التصفير» في ما يتعلق بكل الملفات العالقة ولعل أهمها في الوقت الراهن طرد المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد لضمان واقع أمني مستقر يساعد على مواصلة العمل استعدادا لانتخابات ديسمبر المقبل. وتواجه تركيا اتهامات بإرسال مقاتلين ومرتزقة من سوريا إلى ليبيا لدعم الحكومة السابقة مما يجعل من التباحث والتشاور معها من قبل حكومة الدبيبة أولوية قصوى.
إذ يرى مراقبون أن هذا الاتفاق المثير للجدل بين الجانبين التركي والليبي والذي قابله رفض من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر وداعميه على الميدان وأهمهم مصر ومن حلفائه الإقليميين وخصوصا، سيجعل تركيا تسير نحو تركيز موطئ قدم طالما بحثت عنه في شرق المتوسط رغم المعارضة الدولية. إذ أعلنت كل من مصر واليونان وقبرص عن استنفار سياسي وعسكري آنذاك اثر ما اعتبرته محاولة تركية لزعزعة أمنها والاستحواذ على ثروات طبيعية ليست من حقها في حين اعتبر مراقبون أن الاتفاق البحري التركي الليبي رد من أنقرة على إنشاء منتدى لشرق المتوسط حول الغاز في جانفي وقد استبعدت منه تركيا خلال اجتماع عقد في القاهرة بين ممثلين عن قبرص واليونان و«اسرائيل» ومصر وإيطاليا والأردن والأراضي الفلسطينية.

المشاركة في هذا المقال