Print this page

جو بايدن … الثورة الهادئة: 4 جويلية...يوم العيد الوطني الأمريكي... موعد الخروج من جائحة كورونا

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن من البيت الأبيض عن عزم إدارته على توسيع حملة اللقاحات ضد فيروس كورونا لكل الأمريكيين الذين يمكنهم

التسجيل لطلب جرعة قبل غرة ماي. وأكد أن موعد 4 جويلية الموافق لليوم الوطني الأمريكي سوف يكون موعدا للرجوع إلى الاحتفال والعيش العادي مع الحفاظ على الاحتياطات اللازمة لصد انتشار الفيروس. ضرب هذا الموعد، وإن شكك في إمكانية انجازه بعض المعارضين، يستند إلى نجاح حملة التلقيح التي نادى بها بايدن والتي اسفرت إلى حد اليوم من تلقيح 66 مليون أمريكي في الشهر الأول من ولايته أي بنسبة 54% من المواطنين الذين لهم أولوية و20% من جملة الشعب الأمريكي.
وتشير الوكالة الأمريكية التي ترعى عملية التلقيح إلى أن النسق المتبع، في إطار مخطط 100 مليون جرعة في 100 يوم في بداية ولاية الرئيس، سوف يعطي ثماره إذ في بعض الأيام وصل التلقيح إلى 1،5 مليون لقاح. وأكد الرئيس بايدن أن الإدارة الأمريكية تعمل على خدمة المواطنين واسترجاع الثقة المفقودة وإلى أن القرارات الأولى التي اتخذها البيت الأبيض تدخل في إطار استرجاع الرئاسة لبريقها المفقود داخليا وخارجيا بعد 4 سنين من فوضى إدارة دونالد ترامب التي خلفت 530 ألف ضحية لفيروس كورونا.
ملامح الثورة الهادئة
في أقل من شهر على دخوله للبيت الأبيض تمكن جو بايدن من اتخاذ قرارات رئاسية مدروسة غيرت وجه السياسة الأمريكية وأدخلت ديناميكية جديدة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. فقد أقبل المواطنون بكثافة دون تردد على أماكن التلقيح تزامن مع رجوع الاقتصاد إلى دورته الإنتاجية ليظهر بشائر نمو سوف تدعم المخططات الإصلاحية التي وعد بها جو بايدن في حملته الانتخابية. أو الخطوات التي نقضت القرارات التي اتخذها دونالد ترامب لتفكيك سياسات باراك أوباما عبر 17 قرار رئاسي وقعها جو بايدن يوم 20 جانفي عشية توليه السلطة.
ثاني خطوة أساسية توجت بتصديق الكونغرس على حزمة 1،9 ترليون دولار كميزانية أولى استثنائية لدعم عملية النمو للخروج من الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة. وترتكز هذه الميزانية على استراتيجية دعم للمؤسسات والولايات (350 مليار) كذلك للأفراد بصرف 1400 دولار لكل أمريكي (جملة 400 مليار). ما تبقى سوف يضخ في الصناعات الإيكولوجية والتكنولوجية الحديثة التي سوف تغير وجه الاقتصاد الأمريكي للسنوات القادمة. وأكد بايدن أن هذه المبالغ التي تبدو كبيرة قد لا تكفي ووعد بالرجوع أمام الكونغرس إذا اقتضت الحاجة لتقرير مزيد من الاستثمارات.
القرارات الرئاسية السبعة عشر سوف يبدأ تطبيقها خلال المائة يوم الأولى من ولاية بايدن، أي قبل شهر ماي القادم، وهي عماد الآمال الديمقراطية في أن تتغير الأحوال الاقتصادية مع التحكم في جائحة كورونا وأن تنصهر المؤسسات في عملية التحول الإيكولوجي حتى لا تفقد قابليتها على تطوير أعمالها. ويندرج هذا التوجه، الذي يشبه ثورة هادئة لما له من انعكاسات على تغيير البنية الاقتصادية للبلاد، في إطار دعم دخول السباق التشريعي عام 2022 الذي يقضي بتغيير كل مقاعد مجلس النواب وثلثي مجلس الشيوخ. وهو الهدف الذي يعمل من أجله جو بايدن ليمكن حزبه من طي صفحة دونالد ترامب نهائيا.
رجوع مضطرب على الساحة العالمية
تبدو قرارات الرئيس بايدن على المستوى الداخلي جذرية، لكن رجوع واشنطن إلى ما كانت عليه علاقاتها الدولية قبل دونالد ترامب يجد بعض المصاعب والأشواك لما لإعادة اصلاح العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وخصومها، خاصة روسيا والصين، من مشاكل وجب حلها. وقد ركز الخطاب الذي ألقاه بايدن في هذا الصدد على المبادئ الأساسية التي سوف تتخذها الإدارة الأمريكية وهي إعادة العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين والرجوع إلى منظمات الأمم المتحدة، والتصدي سلميا للمد الصيني ومقاومة الأنظمة المتسلطة والاستبدادية.
وقد رحب الأوروبيون برجوع واشنطن إلى اتفاق باريس حول المناخ وإلى المجتمع الدولي. لكن العواصم الأوروبية، وفي مقدمتها باريس وبرلين، التي عانت من غطرسة دونالد ترامب الذي صرح أن أوروبا أصبحت «عدوا اقتصاديا» وفرض على اقتصادها قيودا جمركية إضافية، لن تتراجع عن مخططتها في إعادة بناء العلاقة الأطلسية على نوع من الندية لما للاقتصاد الأوروبي من قوة. وترغب باريس خاصة، مع إعادة العلاقات، في العمل الأوروبي من أجل إرساء قوة عسكرية موحدة تمكن الأوروبيين من التصدي لأي خطر ولو أتى من حلفائها التقليديين. وشرعت أوروبا كذلك في التوقيع على شراكة استراتيجية مع الصين في ميادين الاستثمار وفي التفكير في سبل تطوير علاقاتها مع روسيا.
أما العلاقات مع الصين وروسيا فإن البيت الأبيض يعتبر أنها في صلب المنافسة الدولية على إدارة العالم. وتعتبر الإدارة الأمريكية الجديدة أن ولاية دونالد ترامب التي قررت الانعزال والدخول في حرب اقتصادية أفسدت التوجه الذي بدأه الرئيس باراك أوباما في منطقة المحيط الهادي والهادف إلى التصدي للنفوذ الصيني في تلك المنطقة. وسوف تواجه إدارة جو بايدن، التي أكدت على تعاملها السلمي في الملفات الدولية، الواقعية السياسية الدولية التي تفرض تنازلات في ملفات شائكة مرتبطة بالأمن الأمريكي القومي سواء في علاقتها مع روسيا والصين أو في مسألة تايوان أو ملفات الشرق الأوسط وأفغانستان. ويضرب المحللون لذلك تراجع جو بايدن على أخذ قرار صارم ضد ولي العهد السعودي، كما وعد به في حملته الانتخابية، في ملف مقتل الصحفي جمال خاشقجي، واكتفى بنشر تقرير وكالة المخابرات «سي أي أي» الذي يدنه مباشرة.

المشاركة في هذا المقال