Print this page

لبنان وعودة الاغتيالات

يبدو ان قدر لبنان هو ان يظل ساحة لكل من هبّ ودبّ ليصفي حساباته الداخلية والخارجية ، فمقتل الناشر اللبناني البارز المعارض لقمان سليم -

الذي كان ينتقد جماعة حزب الله- رميا بالرصاص في سيارة بجنوب البلاد، جزء من سلسلة طويلة من الاغتيالات السياسية التي شهدتها أرض لبنان منذ إقامة الدولة وحتى اليوم. صحيح ان لبنان عرف فترات هدنة شهد فيها طفرة وانتعاشة اقتصادية ومالية وثقافية وحضارية ، لكنه لم يلبث ان عاد الى نقطة الصفر، اذ لا يكاد يخرج من أزمة الا ويدخل في أزمة أخرى أشد وأعمق ، وذلك تحت عناوين مختلفة .
لعل القاسم المشترك بين مختلف الأزمات التي ضربت هذا البلد وهددت كينونته هي الطائفية . فمن السهل في بلد تعيش فيه 18 طائفة لها عمق تاريخي وجذور راسخة في المجتمع اللبناني، ان يتم اللعب على هذا الوتر الحساس من فرقاء الصراع والمؤثرين فيه . وهذا ما أدخل بلد الأرز في أتون حروب طائفية مدمرة على مدى تاريخه على غرار حروب الجبل بين الدروز والموارنة والتي حصلت عام 1860. وآخر الحروب الحرب الأهلية التي حدثت عام 1975 وانتهت باتفاق الطائف سنة 1990 .
جاء هذا الاغتيال لناشط ومعارض سياسي بارز ليكون الأول من نوعه منذ سنوات وقد أثار حالة من الصدمة والغضب لدى اللبنانيين، وأعاد الى الاذهان مشاهد الحروب الطائفية الأليمة ومآسيها. اذ يعد سليم أحد أبرز الوجوه المعارضة للسلطة ولحزب الله في لبنان وهو يدير مركزا للأبحاث وأعد أفلاما وثائقية مع زوجته وقاد جهودا لبناء أرشيف عن الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت من عام 1975 إلى 1990.
وسارع خصوم حزب الله في لبنان الى اتهامه بالوقوف وراء الاغتيال ، في حين ندد الحزب بقتل سليم واعتبر أنصار الحزب أن ذلك محاولة للتلاعب بأمن البلاد من خلال الصاق التهمة بالحزب باعتبار الرجل كان من أشرس المعارضين له.
ودخل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على خط الاحداث وسارع الى إدانة مقتل الناشط اللبناني واصفا العملية بأنها «اغتيال بغيض» ودعا في بيان إلى سرعة تقديم القتلة إلى العدالة.
وهناك اليوم تخوفات من ان تبدأ في لبنان مرحلة جديدة من الاغتيالات السياسية التي عانى منها البلد لسنوات، والتي طالت رؤساء حكومات وزعماء مثل رشيد كرامي ورفيق الحريري إضافة الى شخصيات سياسية معروفة ورجال اعلام وفكر مثل الصحفي سمير قصير وجبران تويني وغيرهم.
مقتل لقمان سليم خسارة كبيرة لذويه ولعائلته ولبلده ، وجريمة اغتياله بهذه الطريقة الشنيعة نقطة سوداء جديدة تضاف الى المآسي العديدة التي شهدها بلد الأرز في تاريخه . والخوف بان تكون هذه الجريمة بمثابة الجمرة التي تحرك بركان الغضب الشعبي الثائر، وتحرك أعداء لبنان وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني ليرتع وينفذ ويخطط ما يحلو له في بلد اشتعل سابقا بسبب «حافلة» عين الرمانة ويمكن ان يشتعل في أية لحظة متى أراد أعداؤه ذلك .

المشاركة في هذا المقال