Print this page

هل سيشهد الملف اللبناني انفراجا مع الإدارة الأمريكية الجديدة ؟

لم يكن أحد يتوقع –حتى في أسوإ الاحتمالات والسيناريوهات وأشدها قسوة - ان يصل لبنان الى هذا الوضع الصعب الذي يتخبط فيه وسط عجز سياسي تام

واقتصاد منهار ووضع صحي وبائي كارثي. ويجاهد اللبنانيون للخروج من عنق الزجاجة ومن هذه الأزمات المتعددة بأقل الأضرار الممكنة. فقد تحولت -فجأة- عاصمتهم التي لا تنام الى مدينة تكابد من أجل الاستمرار والحياة بعد المصاب الجلل الذي حلّ بها في انفجار المرفإ في أوت الماضي والذي لا زال دماره ومخلفاته البشرية والمادية تلقي بثقلها على الحياة اليومية للمواطنين .

في خضم كل هذا المشهد الرمادي تبدو الطبقة السياسية عاجزة عن الخروج من هذه الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفحلة فمنذ تفجر مظاهرات الغضب الشعبي قبل قرابة العام ونصف والتي أسقطت حكومة الحريري وجاءت بحكومة حسان دياب للحكم، لا تكاد البلاد تخرج من أزمة حتى تجد نفسها في أزمة أعمق وأشد . وجاء وباء كورونا ليزيد الطين بلة خاصة مع ارتفاع عدد الحالات المسجلة يوميا الى أكثر من خمسة آلاف حالة وإعلان المستشفيات عن عجزها عن استقبال حالات أخرى.

المفارقة انه بعد كل هذه التخبطات والحراك الشعبي، يعود الحريري مجددا الى المشهد بعد عجز المكلف مصطفى أديب عن مواصلة المشوار السياسي وعن تشكيل حكومة بمبادرة فرنسية لم تصل الى النتائج المرجوة .

ويواصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تحركاته الداخلية والخارجية من أجل إيجاد الصيغة او الصفقة السياسية المضمونة والمقبولة من جميع الأطياف السياسية . ويرى عدد من المراقبين ان لقاء الحريري بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هو في جزء منه محاولة لإيجاد غطاء إقليمي في مواجهة خصومه المحليين والاقليميين . علما أن الدور التركي المتصاعد في المنطقة أثار ولا زال حالة من الجدل والانتقادات وردود الفعل المتباينة وشكوكا حول أطماع اردوغان الذي يريد ان يعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية الضائعة في الشرق الأوسط الجديد بكل السبل الممكنة.

ويحاول لبنان الخروج من الوضعية الاقتصادية من خلال تعدد الشراكات الإقليمية ، ولكن يخشى البعض أن تكون الشراكة التركية شكلا آخر من أشكال الهيمنة على هذا البلد المتعدد الطوائف والانتماءات السياسية داخليا وخارجيا .

وفي المقابل فان بلد الأرز يواجه حصارا وعقوبات اقتصادية كبيرة يعتبرها الكثيرون من تداعيات صفقة القرن ومحاولة للضغط على «حزب الله» . ولعل السؤال الأهم اليوم هو هل ستحمل الإدارة البيضاوية الجديدة أي انفراج في هذا السياق ؟ خاصة في ما يتعلق بتخفيف العقوبات المسلطة على لبنان وما يمكن ان يتمخض عنه من تحسن للوضع المالي اللبناني الذي يعتمد بشكل أساسي على القطاعين السياحي والخدماتي والتي تضررت كثيرا في الآونة الأخيرة مع لائحة العقوبات الأمريكية وشح الدولار في السوق المالية اللبنانية . فهل سيدخل لبنان مرحلة سياسية جديدة مع إدارة بادين مع تخفيف العقوبات المالية المفروضة على عدد من سياسييه وطبقته السياسية؟

المشاركة في هذا المقال