Print this page

بعد تحذير ترامب.. هل تشن أمريكا حرباً على إيران ؟

تشكل العلاقات الأمريكية -الإيرانية محور اهتمام دولي وإقليمي لما لهذه العلاقات من انعكاسات واضحة على ملفات سياسية وأمنية وإستراتيجية متداخلة ومعقدة،

ومن هنا تفتح الإدارة الأمريكية فصلا جديدا من فصول المواجهة مع طهران، نتيجة التوتر الحاصل بينهما بسبب الخلاف على قضية الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا هو: هل يتورط ترامب فعلاً في شن هجوم عسكري على إيران متجاوزاً شعبه وشعوب الدول الحليفة ومتجاوزاً الشرعية الدولية المتمثلة بمجلس الأمن الدولي.

وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» إن ترامب طلب خلال اجتماع يوم الخميس 12 نوفمبر2020، مع كبار مساعديه للأمن القومي، خيارات لمهاجمة إيران، لكن المستشارين أقنعوا ترامب بعدم المضي قدماً في تنفيذ الضربة، بسبب خطر نشوب صراع واسع قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، فطلب ترامب الخيارات المتاحة واطلع على السيناريوهات، وقرر في نهاية المطاف عدم توجيه الضربة لطهران.

وفي السياق ذاته أشارت الصحيفة، إلى أن «الضربة كانت ستوجه لمفاعل نطنز النووي» ، ويأتي ذلك عقب إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأربعاء 11 نوفمبر 2020، أن مخزون إيران من اليورانيوم أصبح أكبر بـ 12 مرة مما هو مسموح به بموجب الاتفاق النووي. وأمام هذا الواقعِ تعيش الإدارة الأمريكية أزمة عميقة في خياراتها في التعاطي مع الملف النووي الإيراني يعززه خوفها من أن تَمضي إيران في مسيرة تطورها العسكري والاقتصادي حتى النهاية.

وتعتبر الأسباب الحقيقية للعداء الأمريكي لإيران لجم إيران وتقويض نفوذها في المنطقة وعرقلة برنامجها الصاروخي الباليستى الذي يهدد حلفاء واشنطن من أجل انصياع صانع القرار الإيراني لطاولة المفاوضات مجددا، كما يعبر عن موقف إسرائيل الإرهابية ضد إيران، وهو مدفوع من قبل دول غربية تتمنى من أمريكا لا فرض العقوبات الاقتصادية على إيران فحسب، بل تتمنى منها وضرب طهران لأن إيران دعمت المقاومة في المنطقة ضد العدوان الأمريكي وضد الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي للأراضي العربية و وقفت إلى جانب الجيش العربي السوري الذي يحارب التنظيمات المتطرفة على كافة الأرض السورية.

من خلال ما سبق أرى أن الحرب على طهران حتى الآن لا تبدو حقيقية، ولا تعدو كونها حرب إعلامية، أو فقاعة سياسية هدفها فرض تسويات معينة، وقد كان ترامب مرتبكا بما فيه الكفاية عندما تحدث عن الضربة العسكرية على ايران، بعد أن تلقى تحذيرات جدية غير مباشرة بعدم ارتكاب هذه المغامرة لأنها ستكون أصعب من فيتنام على الجيش الأمريكي، كونه لا يستطيع تطويق حدود هذه الحرب ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً مع إمكانية تطورها إلى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف تكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة على الصعيد العسكري أو السياسي.

ومن خلال مراقبة التطورات، يمكنني القول إن واشنطن وإن كانت تتحدث بنبرة التحدي والقوة، فإنها في الحقيقة فان نبرتها نبرة ضعف ووهن، ذلك أن ظهور قوى جديدة على الساحة الدولية مثل موسكو والصين أخرجت واشنطن من سياسة القطب الواحد، لذلك تعمل ايران على أساس ثوابت ليست قابلة للمساومة خاصة في ما يتعلق بالمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

إجمالاً إن كلا من واشنطن وطهران لديهما الرغبة في التوصل إلى تسوية شاملة بشأن الملف النووي إلا أن هذه الرغبة تتعثر بصعوبات داخلية لدى كل منهما، وخصوصاً في الولايات المتحدة إذ يعرب الكونغرس عن معارضته لاتفاق متعجل مع إيران لا يضمن وقف برنامجها النووي، ويدعو إلى تشديد العقوبات لإجبار طهران على الانصياع للإرادة الدولية، أما في إيران فتجد الحكومة صعوبة في التراجع عن التخصيب الذي جعله مرشد الجمهورية علي خامنئي خطاً أحمر لا يستطيع أحد تجاوزه، فالتخلي عن الحق في التخصيب قد يعطي الانطباع بأن طهران يمكن أن تتراجع في ملفات أخرى من بينها الملف السوري.

المشاركة في هذا المقال