Print this page

الأجيال الجديدة: وشرك التطبيع

الأسير الفلسطيني أسامة الأشقر
تعمل «إسرائيل «منذ إقامتها على مسارات متعددة للسيطرة المطلقة على المنطقة، فقد أتمت السيطرة العسكرية ، وهي باتفاقاتها الجديدة

مع مجموعة الدول العربية التي فقدت بوصلتها تستكمل سيطرتها الأمنية والاقتصادية وستنهي ما بدأته من خلال السيطرة الثقافية وهي أخطر أنواع السيطرة على الإطلاق.

لقد تفاخر عديد المسؤولين في الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا بمشهد أطفال من بعض البلدان المطبعة يلبسون علم «إسرائيل» وآخرون يعزفون النشيد الوطني الإسرائيلي (هاتيكفاه) أي الأمل. هذا العلم الذي يعني السيطرة الإسرائيلية على الوطن العربي رُسم بهذا الشكل وحُدد لهذا الهدف، فالخطان الأزرقان من الجانبين يرمزان إلى نهري النيل والفرات، والأبيض يرمز الى مساحة العالم العربي كاملة.

فعندما يفخر بنيامين نتنياهو بإنجازاته المتواصلة وبتحقيق رؤيته التي رسمها قبل ثلاثة عقود في مؤتمر بلندن بأن العرب آتون وبأنه سيجبرهم على التسليم بمعادلة السلام مقابل السلام، لم يغفل مطلقاً فكر الأطفال العرب والأجيال الجديدة في المنطقة والتي لا تدرك خطورة ذلك. ولكن نتنياهو بخبرته الطويلة يدرك تماماً بأن الانتصار الثقافي هو سيد الانتصارات، وبأن «إسرائيل» لا تستطيع تأمين مستقبلها على المدى البعيد إلا إذا استطاعت اختراق الوعي العربي واستبدال كل الثقافة العربية التي تعتبر هذا الكيان كيانا غاصبا لأرض الشعب العربي الفلسطيني. وهو كيان اعتاد الاعتداء على الدول العربية وسرقة حقوقها في مختلف الساحات والمواقع، إلى جانب غرس ثقافة جديدة في الأجيال القادمة، هذه الثقافة تقوم على أن «إسرائيل» ليست العدو لكم وإنما العدو الحقيقي مبادؤكم التي تمسكتم بها لقرون طويلة، وإن «إسرائيل» ستفتح لكم أبواب الحضارة والتقدم وستعمل على تخليصكم من كل الآثار الكارثية لأفكاركم السابقة.

هذا السم الذي استطاعت «إسرائيل» من خلال دعايتها المتواصلة المكثفة نشره بين من يدعون التحضر والتقدم والبرغماتية حتى أصبح جزءا من أطفال العرب دون غير إدراك أو دراية لخطورة الأمر يقومون بالتودد لقاتلهم وتشجيعه على ما اقترفت يداه.
فنحن الآن أمام مفترق طرق خطير، يجب الاستيقاظ قبل وقوع الكارثة وانتشار هذا السم القاتل بين فئات شبابنا الذين يمضون أوقاتاً طويلة أمام مواقع التواصل الاجتماعي وهم عرضة مباشرة لاستقاء هذا السم والوقوع بهذا الشرك.

المشاركة في هذا المقال