Print this page

ليبيا: معركة طرابلس المؤجلة تقترب والتحالفات تغير السيناريوهات

جاء إعلان رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج عن سيطرة قوات حكومته على قاعدة «الوطية» الجوية الإستراتيجية الواقعة

في جنوب العاصمة طرابلس، لتؤكد على انفجار الوضع العسكري في البلاد وسط أخذ ورد وإقتتال متبادل بين قوات الوفاق من جهة وقوات مايسمى بالجيش الليبي بقيادة حفتر من جهة أخرى. النزاع الليبي الليبي ليس جديدا لكن التطورات الأخيرة ودخول لاعبين جدد للميدان كداعمين لطرفي الصراع زاد من تعقيدات المشهد وتجاذباته على غرار تركيا وبعض دول الخليج.

وقد اعلنت قوات حكومة الوفاق عن «انتزاعها» السيطرة على القاعدة من القوات التابعة للمشير خليفة حفتر. وبهذا لا تبقى لقوات المشير حفتر إلا مدينة ترهونة كقاعدة خلفية لشن الهجمات على طرابلس. كما أعلنت وسائل إعلام ليبية محلية سيطرة قوات السراج على بلدة «بدر» التي تقع غرب البلاد قرب الحدود التونسية، يوم أمس، وسط تشكيك في صحة المعلومات.

وأفادت قناة «فبراير» الليبية (خاصة) بأن قوات عملية «بركان الغضب»، التي أطلقها الجيش لمواجهة هجوم حفتر على طرابلس، بسطت سيطرتها على بلدة «بدر» التي تتبع بلدية «باطن الجبل الغربي».

ورغم قلة المعلومات وعدم تأكيد ماخصل في قاعدة الوطية وهل أن ماحصل انتصار لقوات الوفاق أم انسحاب مدروس لقوات حفتر ، رغم ذلك يؤكد متابعون أن قاعدة الوطية الجوية تحمل من الأهمبية مايجعلها قاعدة محورية في قلب الصراع بين جيش حفتر وحكومة السراج في ما يتعلق بمعركة العاصمة طرابلس.
ويرى مراقبون أن قاعدة الوطية التي تمثل غرفة عمليا بالغة الأهمية لجيش حفتر ، ستكون خسارتها ضربة قاصمة للمشير خصوصا بعد خسارته لمدينة غريان في جوان من العام المنقضي وهي ثاني غرفة عمليات لقواته.

من جهته اعتبر المتحدث باسم عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، مصطفى المجعي ،إعلان اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم ما يسمى بالجيش الوطني الليبي، انسحاب قواته من محاور طرابلس «خطوة استباقية لتفادي الإحساس بالهزيمة المتوقعة».

وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) صباح أمس الثلاثاء، علّق المجعي على ذلك بالقول: «نحن اليوم بصدد بدء عملية عسكرية مكثّفة ضد تمركزات قوات (المشير خليفة حفتر) في طرابلس وضواحيها والاستفادة من انتصاراتنا المتلاحقة، والمسماري يعي ذلك جيداً ويقدِّر القوة التي نمتلكها وكذلك معنويات مقاتليهم المنهارة، ولهذا أعلن عما سمّاه إعادة التمركز حتى لا يبدو انتصار قواتنا المتوقّع كما هو في الواقع، ولا يزيد من الإحساس بانهيار قواتهم أمامنا».

ولم يؤكّد المجعي بدء انسحاب قوات حفتر من تمركزاتها في محاور طرابلس وضواحيها، وعلّق على ذلك بالقول: «استغربت قواتنا عدم رد قوات حفتر على النيران على غير العادة»، مؤجلاً البت في مسألة الانسحاب «حتى تتبين الأوضاع نهار اليوم». وكان المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الليبي في شرق البلاد، اللواء أحمد المسماري قد أكّد خلال كلمة متلفزة فجر أمس على صدور أوامر من المشير خليفة حفتر بإعادة تمركز قواته في بعض المحاور بالعاصمة الليبية طرابلس.

معركة مرتقبة
وتثير هذه التطورات وعدم رد قوات حفتر على هجمات حكومة الوفاق الكثير من التساؤلات حول حقيبة مايحصل وهل أن ماحدث انسحاب أم مراوغة وإعادة ترتيب الأوراق؟.
ورغم ذلك يرى البعض أن التطورات المتسارعة التي يعيشها محور العاصمة طرابلس تأكيد على قرب اندلاع المعركة المؤجلة لسنوات، وسط مخاوف من تداعيات أي صدام على أمن ليبيا وأمن المنطقة بصفة عامة مع دخول لاعبين جدد الى الساحة. ومن بين الأطراف الدولية التي تواجه انتقادات متزايدة لدورها في ليبيا تركيا الداعمة لحكومة فايز السراج حيث يرى مراقبون أن هذا الدعم التركي سيزيد من تأجيج معركة طرابلس المؤجلة . فرغم تحذيرات المجتمع الدولي من التواجد العسكري التركي في ليبيا ،تستمر التقارير والتصريحات الدولية في تأكيد إرسال حكومة اردوغان لمقاتلين من سوريا إلى جبهة ليبيا في محاولة لنقل نفوذها وتوزيعه بين سوريا وليبيا وذلك في محاولة لخلق موطئ قدم لها في شمال افريقيا واستغلال ذلك للحصول على مآرب سياسية وإقتصادية .

استئناف العملية السياسية
من جهتها وجهت الأمم المتحدة، أمس الأول الإثنين، رسالة إلى كافة الأطراف المعنية بالصراع الليبي مفادها «ضرورة وقف العنف، وإسكات البنادق، واستئناف العملية السياسية».
الرسالة جاءت على لسان المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي الذي عقده عبر دائرة تليفزيونية مع الصحفيين في مقر المنظمة الدولية بنيويورك.
وردا على الدور الذي يمكن أن تقوم به الأمم المتحدة إزاء الأزمة الليبية، قال دوجاريك: «رسالتنا لجميع الأطراف لا تزال هي نفسها، وهي وقف العنف، وإسكات البنادق، واستئناف العملية السياسية».
وأردف: «من الواضح أننا ندرك تمامًا استمرار العنف في ليبيا، والذي لا زال فاضحًا، ليبيا هي الدولة الأكثر ضعفاً والتي لا زال فيها المدنيون واللاجئون والمهاجرون يعانون من مهاجمة مرافق الرعاية الصحية والبنية التحتية المدنية».
هذه الدعوة تأتي مع تسارع دراماتيكي للأحداث والحديث عن قرب اندلاع معركة طرابلس التي يسعى اليها طرفا النزاع الليبي ومن خلفهما حلفاءهما من دول عربية وغربية.

المشاركة في هذا المقال