Print this page

دعوات دولية لوقف الاقتتال في ليبيا: هل ينجح فيروس «كورونا» أين فشل المجتمع الدولي؟

تعاني دول العالم من تفشي فيروس «كورونا» المستجد وسبل محاصرته والحد من انتشاره المخيف ، بعض الدول اعتمدت اجراءات وقائية مشددة

وأخرى متدرجة وفق تطورات هذا الوباء.ليبيا من بين الدول التي اتخذ اجراءات وقائية منها تعليق المدارس وإغلاق الحدود البرية والمنافذ الجوية بالكامل لثلاثة أسابيع، إلى جانب فرض حظر التجول، وإغلاق المقاهي والمراكز الثقافية والرياضية وحظر التجمعات البشرية.
رغم أنها لم تسجل حالات إصابات مؤكدة إلى اليوم ، لكن المثير للقلق فيما يتعلق بهذا البلد الجار هو الوضع الصحي المتدهور الذي يعيشه بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية بين أبناء البلد الواحد. اذ وان تعدد مبادرات حل الأزمة سياسيا و تعدد دعوات وقف الاقتتال بين حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وقوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر ، إلاّ أن الفشل كان سيد الموقف أمام كل مبادرات الهدنة والحلول السياسية سواء برعاية دول الجوار أو برعاية اممية ودولية.
دعوة الإتحاد الأوروبي و8 دول عربية أخرى الى هدنة في ليبيا هذه المرة لم تفرضه التطورات العسكرية الميدانية بل فرضته الأوضاع الإنسانية التي تعيشها البلاد في ظل هذا الطارئ الصحي الذي يهدد البشرية . إذ قالت السفارة الأمريكية لدى ليبيا، عبر موقعها الالكتروني،أن سفارات الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبعثة الاتحاد الأوروبي، بالاضافة إلى وزارة الخارجية التونسية، قالت أن جميع أطراف الصراع الليبي تدعو إلى إعلان وقف فوري وإنساني للقتال»..
وأضاف أن البلدان المذكورة والتكتل الأوروبي دعوا أيضا إلى «وقف النقل المستمر لجميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا، من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدّي الصحة العامة غير المسبوق الذي يشكله كورونا».وأعربت السفارة عن «دعمها القوي لجهود السلطات الصحية الليبية في جميع أنحاء البلاد، وهي تتنادى بروح من اللحمة الوطنية، ونحثّها على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لدعم صحّة ورفاهية جميع الليبيين».
وأعربت السفارة عن أملها في أن «تؤدي هذه الهدنة الإنسانية إلى اتفاق قيادات كلا الطرفين الليبييْن على مشروع وقف إطلاق النار الذي يسّرته الأمم المتحدة في23 فيفري الفارط والذي تمّ التوصل إليه في جنيف في إطار اللجنة العسكرية المشتركة الليبية 5 + 5، والعودة إلى الحوار السياسي.
ولفتت إلى أن «مثل هذه الهدنة ستمكن المقاتلين من العودة إلى ديارهم لتقديم الرعاية اللازمة للأقارب الذين قد يكونون أكثر عرضة للخطر». إلاّ ان فرقاء الصراع في ليبيا استمروا في الاقتتال حيث شهدت العاصمة طرابلس قصفا طال مدنيين وسط اتهامات من الطرفين بالوقوف وراءه.
تعدد المبادرات وغياب الحل
منذ عام 2011 تعددت مبادرات الحل والاجتماعات الدولية الداعمة للتحول الديمقراطي في ليبيا ، تارة برعاية عربية وتارة اخرة تحت مظلة الأمم المتحدة وأحيانا أخرى بمبادرة فردية من بعض الدول على غرار فرنسا ألمانيا أبوظبي بريطانيا وإيطاليا وغيرها.. إلا ان التعنت هذا الطرف أو ذاك كان حائلا أمام تحقيق أي تقدم أو اختراق في الأزمة الليبية.
ويرى مراقبون ان الواقع الصحي في ليبيا وبحكم سنوات الحرب المنهكة التي عاشتها والدمار الذي لحق بنيتها التحتية، علاوة على تعدد رؤوس السلطة في البلاد وتعدد الجهات الفاعلة والساعية للسيطرة وبسط النفوذ ، كل ذلك يجعل من جهود العالم وجهود السلطات المتعددة في ليبيا غير مجدية في ظل هذا الإنقسام والإقتتال المستمر رغم الدعوات الدولية للهدنة.
ورغم أن وسائل إعلام أكدت أن خليفة حفتر، أعلن تشكيل مستشفى ميداني، ولجنة طوارئ للتعامل مع كورونا، بعضوية وزيري الصحة سعد عقوب والداخلية إبراهيم بوشناف في ما يسمى «الحكومة المؤقتة»، متجاهلا عبد الله الثني، وحتى عقيلة صالح، الذي يعد بمثابة رئيس للبلاد في الشرق.
إلاّ أن الجهود تبقى منقوصة مع العلم أن كل منطقة في ليبيا تخضع لسلطة جهة معينة ، وما يزيد من صعوبة المواجهة هو رفض كل هذه الاطراف وضع خلافاتها جانبا والعمل بتنسيق وبشكل مشترك لمواجهة هذا الوباء الدولي. فرغم ان التقارير القادمة من ليبيا تؤكد خلو ليبيا من فيروس كورونا، إلا أن ذلك لا يستند الى دليل ملموس نظر الى عدم وجود حجر صحي بشرق البلاد.
استبعاد التوافق حول هدنة
من جهته قال الكاتب والصحفي الليبي معتز المجبري لـ«المغرب»: «لا اعتقد ان القياده العامة للجيش الليبي ستوافق على تهدئة لعدة أسباب أهمها وأولها ان موافقتها على الهدنة السابقه قبل شهرين استغلتها تركيا في دعم المليشيات المسلحة في طرابلس والتي تقاتل في صفوف حكومة الوفاق .. الدعم الذي كان في شكل سلاح ومرتزقة سوريين كان له مردود سلبي علي تقدم الجيش .. وموافقة الجيش علي هدنة جديدة ربما يعطي ذات الفرصه للمليشيات لتتنفس الصعداء عن طريق دعم تركي جديد او حتى راحة حرب ».
وقال محدّثنا ان السبب الثاني الذي يجعل من موافقة الجيش على الهدنة صعبا هو أن مكافحة كورونا أر قد يطول وإن طال فسيكون الجيش في موقف صعب كون قوات الجيش تحاصر طرابلس وهي من كل المدن خاصة الشرقية و تمركزها لفتره طويلة دون قتال على حدود طرابلس سوف يكون ايضا له مردود سلبي على عزيمة وقوة افراد الجيش في مقابل ان المليشات ستكون في راحة كون افرادها قريبون من بيوتهم وليس مثل افراد الجيش القادمين من اماكن بعيدة وفق تعبيره ..
وتابع المجبري «السماح بهدنة امر غير مضمون كون تلك المليشيات قد تخرق تلك الهدنة وتهاجم الجيش في اي وقت ويخسر الجيش تمركزات دفع ثمنا كبيرا من دماء افراده للتمركز فيها ..كما اضن ان التجارب السابقة في دعوات الهدنة الفاشلة تجعل الامر صعب جدا للموافقة عليه».

المشاركة في هذا المقال