Print this page

للحديث بقية: لبنان والحلم النفطي

على بعد ثلاثين كيلومترا شمال بيروت وفي قلب المنطقة الاقتصادية الخالصة بدأت رسميا سفينة شركة طوطال الفرنسية التنقيب عن النفط والغاز

في المياه الإقليمية اللبنانية وذلك بعد سنوات من الجذب والجدل بشأن إمكانية وجود نفط في مياه لبنان من عدمه. وتتطلع أنظار اللبنانيين اليوم وحتى بعض دول الجوار الإقليمي إلى ما ستكشف عنه مياه المتوسط العميقة، وسط حالة من الشلل أصابت الوضع الاقتصادي لاسيما بعد الأحداث وموجة الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها البلاد.
ولعل السؤال الأهم الذي يطرحه الكثيرون في الشارع اللبناني هو هل سيصبح لبنان دولة نفطية وهل ستتحقق معجزة النفط بعد عقود من الأزمات المتتالية السياسية والاقتصادية.
ولعلّ خطاب رئيس الجمهورية وهو يدشنّ رسميا أعمال الحفر على متن الباخرة يلقي الضوء على بعض أوجاع اللبنانيين وتطلعاتهم من رحم المأزق الذين وجدوا أنفسهم به تارة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والظروف التي تعيشها المنطقة وتأثيرها على هذا البلد ، وتارة أخرى بسبب فساد طبقته السياسية نفسها واحتكار لوبيات السياسة والاقتصاد لعالم المال والأعمال في هذا البلد . فقال عون «اليوم هو يوم سعيد لنا وللبنانيين كافة، ونأمل أن يتحقق هذا الحلم الذي حلمنا به وعملنا على تحقيقه». وأضاف، إنه «يوم تاريخي».


وفي الحقيقة فان هذا الحلم النفطي قد راود اللبنانيين طويلا ، وتشير بعض الوثائق القديمة خاصة في أرشيف الصحف اللبنانية والتي تناقلها البعض مؤخرا ، بأن خبر الكشف عن ثروة نفطية وغازية قبالة شواطئ لبنان يعود الى سنوات الخمسينات . في حين أن الدولة اللبنانية لم تبدأ بعمليات التنقيب رسميا سوى الآن بعد سنوات الانتظار الطويل . ويحيل البعض سبب ذلك الى هيمنة الفساد والمحسوبية والمحاصصة الحزبية على أية صفقة تجارية تعقد بين لبنان وأطراف خارجية .
ومن المقرر أن تتواصل مهمة الشركة الفرنسية مدة شهرين ستعمل خلالها على الحفر على عمق يتخطى 2500 متر تحت قعر البحر . فالآمال تبدو كبيرة - لو تحقق الحلم ووقعت المعجزة - في تحسين أوضاع هذا البلد خاصة مع تصاعد أزمته الأخيرة وشحّ الدولار في الأسواق وارتفاع سعر صرفه . والجدير بالذكر ان أعمال التنقيب لن تشمل المنطقة المتنازع عليها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي . وتبلغ نحو 860 كم مربع، تعرف بالقطاع رقم 9، وهي غنية بالنفط والغاز.
فاليوم من رحم المعاناة وحالة الغضب الشعبي غير المسبوقة التي تشهدها البلاد ، يولد حلم كبير بأن يجلب البحر للبنانيين الخير والذهب الأسود ...هذا البحر بمياهه اللازوردية العميقة والذي غنت له فيروز طويلا « شايف البحر شو كبير ...قد البحر بحبك»... فهل سيشهد لبنان من أعماق مياهه المتوسطية ولادة مرحلة جديدة من تاريخه؟

المشاركة في هذا المقال