Print this page

الإتحاد الأوروبي يجهز جيشا لمنع إغراق ليبيا بالأسلحة: قوات بحرية لغلق المسالك الشرقية أمام تركيا

قرر الإتحاد الأوروبي تشكيل قوة عسكرية جديدة لمراقبة المياه الإقليمية الليبية من ناحية شرق المتوسط من أجل التصدي

لكل أعمال خرق الحظر على الأسلحة تجاه مختلف القوى المتنازعة في ليبيا. واستند وزراء خارجية أوروبا المجتمعين في قمة ببروكسل على قرار مجلس الأمن الأخير عدد 2510 الذي يطالب بضرورة فرض تطبيق الحظر للتدخل من أجل «المساهمة في تطبيق القرار». وهي فرصة للإتحاد لفرض وجوده أمام تشابك التدخلات والمصالح في الملف الليبي التي توشك إلى تغيير موازين القوى بعد وصول قوات المشير حفتر على مشارف العاصمة طرابلس.

وقررت بروكسل عدم استخدام قوات «برنامج صوفيا» الذي توقف عمليا منذ ربيع 2019 بعد أزمة اللاجئين التي اندلعت في إيطاليا وأجبرت الدول الأوروبية المشاركة في القوة على سحب سفنها من سواحل ليبيا. القوة الجديدة سوف ترتكز أساسا في المرحلة الأولى على قوة بحرية أوروبية مشتركة مهمتها غلق المنافذ المستخدمة من قبل البواخر لتمرير الأسلحة عبر البحر الأبيض المتوسط و القادمة من منطقة الخليج العربي و من تركيا.

المصالح الأوروبية في الميزان
استغلت أوروبا القرار الأممي لتتحرك بسرعة من أجل الحفاظ على مصالحها في المنطقة و لو أن القرار 2292 لمجلس الأمن لعام 2016 والذي ينضوي تحت البند السابع لميثاق لأمم المتحدة كان يمنح «قوة صوفيا» القدرة على التدخل العسكري فإن أوروبا قررت إنشاء قوة جديدة تحت راية «عسكرية» مهمتها التدخل ضد من يخرق قرار الأمم المتحدة و ليس «العمل الإنساني» لإنقاذ اللاجئين، كما صرح به ألكسندر شالنبارغ وزير خارجية النمسا. مسألة استقبال اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط لا تزال تشق صفوف الأوروبيين و لم يتشكل «توافق» حولها. لكن مسألة حماية المصالح الأوروبية – و من بينها التحكم في موجات الهجرة – وجدت توافقا عريضا.

المصلحة الأولى المعلنة هي تمكين الليبيين من الدخول في مسار سياسي سلمي على أساس قمة برلين الأخيرة . لكن من وراء هذا المبدأ يتجلى الخوف من «التغول العثماني» لتركيا التي أصبحت تهدد مباشرة مصالح قبرص واليونان بعد أن وقع رئيس الحكومة الليبي فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقا عسكريا و رسما للحدود البحرية يمكن أنقرة من التنقيب على النفط خارج حدودها البحرية المعترف بها. وهو ما أغضب اليونان و قبرص التي تشكو من احتلال جزء من الجزيرة من قبل القوات التركية منذ 1975.

الوازع الثاني للتحرك الأوروبي يتعلق بالمسار السياسي السلمي الذي تريده الأطراف الأوروبية المتدخلة في الملف وفي مقدمتها إيطاليا و فرنسا و ألمانيا بالأساس. وهو يتعلق بضمان تدفق حصص النفط بعد نهاية الحرب الأهلية والدخول في مفاوضات إعادة اعمار ليبيا. وهي ملفات تعد بعشرات المليارات من الدولارات. ولا ترغب أوروبا في الخروج من هذا الملف مع تدخل روسيا على أرض الميدان.

جدل حول إمكانية استقبال مهاجرين
وإن حصل اجماع لتشكيل القوة البحرية الجديدة فإن المخاوف لا تزال قائمة. وعبرت ايطاليا والنمسا على خشية أن يتحول برنامج القوة إلى عملية انقاذ المهاجرين في البحر. وحذرت كل من إيطاليا والنمسا من تحويل وجهة القوة و هددت بسحب موافقتها في صورة استخدمت البواخر الحربية لإنقاذ اللاجئين.

لكن قانون البحر الدولي يفرض على كل البواخر إن كانت عسكرية أو مدنية أن تنقذ أي شخص مهدد بالغرق في البحر. وهو قانون لا يمكن تجاوزه. وهو ما جعل لودجي دي مايو، وزير خارجية إيطاليا، يعتبر انه « في حالة عملية إنقاذ في البحر، لا بد أن تقوم الدولة التي تملك الباخرة من استقبال الأشخاص الذين تم إنقاذهم و أن تقوم البلدان الأوروبية باقتسام حصص من اللاجئين» حتى تجتنب أوروبا الوقوع في أزمة جديدة حول اللاجئين.

المشاركة في هذا المقال