Print this page

حداد بـ3 أيام في الجزائر وحداد بـ7 أيام في المؤسسة العسكرية: وفاة رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح رجل المرحلة الانتقالية القوي

قالت السلطات الجزائرية امس الاثنين إن رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح توفي عن 79 عاما، وذلك بعد ان لعب

دورا محوريا في تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم.وجاءت وفاة قايد صالح في وقت تعرف فيه البلاد احتجاجات شعبية في كافة أنحاء البلاد حيث يطالب المحتجون باستبعاد النخبة الحاكمة وإبعاد اصحاب النفوذ الكبير عن المشهد السياسي.

وقالت الرئاسة الجزائرية امس الاثنين إن الرئيس عبد المجيد تبون عين اللواء سعيد شنقريحة رئيسا لأركان الجيش بالإنابة بعد وفاة قايد صالح.وبرز الدور المهيمن للجيش في الأسبوع الماضي خلال حفل تنصيب تبون حيث عانق قايد صالح ومنحه وسام الاستحقاق بعد أن أدى اليمين مباشرة. وبعد وقت قصير من تفجر الاحتجاجات في بداية هذا العام، ألقى قايد صالح خطابا عبر التلفزيون دعا فيه الرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة مما دفع بالزعيم المخضرم إلى التخلي بسرعة عن السلطة.وألقى الجيش بثقله وراء سلسلة من الاعتقالات لحلفاء بوتفليقة وكبار رجال الأعمال في حملة لمكافحة الفساد كان ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تطهير لخصوم الجيش داخل النظام الحاكم.لكن ذلك لم يكن كافيا لإرضاء الجزائريين الذين بدأ الكثير منهم يطالب باستقالة قايد صالح وبابتعاد الجيش عن إدارة البلد وهو مُصدر رئيسي للغاز الطبيعي.

رجل الجزائر القوي رحل بعد سد فراغ الرئاسة
وفي الاثناء يأتي اعلان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، امس، عن وفاة قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، إثر أزمة قلبية، لتطوي البلاد صفحة الرجل القوي خلال مرحلتها الانتقالية والذي عمل سريعا على سد الفراغ في الرئاسة، بعد رحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إثر انتفاضة شعبية. وقال التلفزيون الرسمي، إن «رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة عبد المجيد تبون، يعلن بكل أسى، عن وفاة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح (80 عاما)، إثر تعرضه لأزمة قلبية، نقل على إثرها الى المستشفى العسكري في عين النعجة (شمال).وأعلن الرئيس الجزائري، حدادا وطنيا لمدة ثلاثة أيام، ولمدة سبعة أيام في المؤسسات العسكرية.ووصف تبون رئيس الأركان الراحل بـ«المجاهد والقائد العسكري الفذ، وابن الجزائر البار». وكلف الرئيس تبون قائد القوات البرية اللواء، سعيد شنقريحة برئاسة أركان جيش البلاد بالإنابة.

من جيش الثورة إلى جيش الاستقلال
والفريق قايد صالح، من مواليد 13 جانفي 1940، بمحافظة «باتنة» (شرق)، وشارك مجاهدا في ثورة التحرير (1954 ـ 1962) ضد الاستعمار الفرنسي.وبعد استقلال البلاد في 5 جويلية 1962، واصل مسيرته في صفوف الجيش الوطني الشعبي، وشارك في حروب الشرق الأوسط التي من أهمها حرب عام 1967 ضد إسرائيل.

وتدرج قايد صالح في مراتب ومناصب بالجيش، لتتم ترقيته عام 1993 إلى رتبة لواء، ويعين عام 1994 قائدا للقوات البرية، في أوج الأزمة الأمنية أو ما يعرف بـ«العشرية السوداء».

وبعد رئاسيات افريل 2004، عين الرئيس بوتفليقة، صالح قائدا لأركان الجيش، خلفا للفريق محمد العماري، الذي أحيل على التقاعد بعد دعمه لمنافس بوتفليقة في تلك الانتخابات، وهو رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.وتمت ترقية قايد صالح إلى رتبة فريق، في 5 جويلية 2006، وكانت مؤشرا على قربه من الرئيس بوتفليقة، وعلى قوة علاقة الرجلين. وظل في منصبه قائدا لأركان الجيش إلى 11 سبتمبر2013، ليصبح أيضا عضوا في الحكومة بصفته نائب وزير الدفاع، علما أن وزير الدفاع هو رئيس الجمهورية منذ 1999.ويعتبر قايد صالح (قبل وفاته) المسؤول العسكري الوحيد الذي يحمل صفة مجاهد ورتبة فريق في الجيش، إضافة إلى قائد الحرس الجمهوري (الرئاسي) الفريق علي بن علي (قليل الظهور إعلاميا).

من هو قايد صالح ؟
لاحظ الجزائريون أن الفريق صالح، صار رقما بارزا في واجهة نظام الحكم اعتبارا من افريل 2013، بعد إصابة الرئيس بوتفليقة بجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة ومخاطبة شعبه.

وبعد أشهر من وعكة الرئيس الصحية، ظهر صالح رفقة بوتفليقة، ورئيس الوزراء الأسبق عبد المالك سلال، بمستشفى «فال دو غراس» العسكري الفرنسي، وفسرت الصورة بأن الرجل محل ثقة غير مسبوقة من الرئيس.

ومنذ ذلك الحين، تصدر الفريق صالح المشهد الإعلامي في البلاد، وتحول إلى أحد أنشط رجالات الحكم بزيارات ميدانية متواصلة، ومناورات عسكرية دورية في البحر والجو والصحراء، أغلبها بالذخيرة الحية.وصار حاضرا بشكل شبه يومي في نشرات التلفزيون الحكومي، سواء من خلال نشاطاته، أو عبر بيانات الجيش حول حصيلة أنشطته في مكافحة الإرهاب، والتصدي للجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، والهجرة غير النظامية.

ومنذ مرض بوتفليقة عام 2013، ظل صالح يرفض دعوات الإطاحة به بدعوى عدم قدرته على الحكم، وفي كل مرة كان يذكر بالتزام الجيش بمهامه واحترامه للدستور، ويدعو إلى عدم إقحام المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية. ويوصف الفريق صالح بأنه من بين المساهمين في تفكيك علبة المخابرات القديمة، والإطاحة بالجنرال القوي محمد مدين، المدعو توفيق، رئيس جهاز المخابرات من 1990 إلى سبتمبر 2015. وفي 13 سبتمبر 2015، أحال بوتفليقة، الفريق محمد مدين، رئيس جهاز الاستخبارات إلى التقاعد وهو أحد أكثر جنرالات البلاد نفوذا، وعين مكانه مستشاره للشؤون الأمنية عثمان طرطاق.ومنذ الإطاحة بقائد المخابرات السابق، كان صالح رقما مهما في تغييرات شملت تنظيم المخابرات (الأمن الداخلي والخارجي والأمن الرئاسي)، وإقالات وتعيينات مست لاحقا قادة النواحي العسكرية الست في البلاد.

ومنذ بزوغ نجم صالح سنة 2013، كان هدفا لهجمات متكررة من الإعلام الفرنسي، الذي وصفه في عديد المرات بكونه يمثل في نظام الحكم جناحا مناهضا لفرنسا.ودأب الفريق صالح منذ سنوات على تكرار عبارة «الاستعمار الفرنسي الغاشم وممارساته الوحشية ضد الشعب الجزائري»، في خطاباته وفي زياراته الميدانية.

رجل المرحلة الانتقالية
وانحاز الفريق أحمد قايد لصالح، إلى جانب الشعب الجزائري، عند اندلاع المسيرات الشعبية الرافضة لاستمرار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودعا لتفعيل المادة 102 من الدستور، في شقها المتعلق باستقالة الرئيس.

وطيلة أزمة سياسية عمرها 10 أشهر كان صالح يتنقل بين المناطق العسكرية في البلاد ويدلي بخطابات فاق عددها الـ50 خطابا حول تطورات الأزمة وموقف الجيش منها، وكان، حسب معارضين، أقوى رجل في النظام الحاكم وكان يعرقل التغيير الجذري فيه، فيما يقول أنصاره إنه «الرجل الذي حمى وحدة واستقرار البلاد، ووفى بعهده بقيادتها إلى غاية انتخاب رئيس جديد».وحافظ صالح على المسار الدستوري للخروج من الأزمة والذهاب لانتخابات رئاسية، بدلا من إطالة عمر المرحلة الانتقالية خارج الأطر الدستورية، مثلما دعت إلى ذلك أطياف واسعة من المعارضة.

كما تعهد صالح في عدة خطابات بأنه لن يتسامح مع سقوط قطرة دم واحدة من المتظاهرين، وكذلك المساس بسير مؤسسات الدولة خلال الأزمة، كما نفى وجود طموح سياسي له ولقيادة الجيش في خلافة بوتفليقة. وقد توج المسار الدستوري، بانتخاب عبد المجيد تبون، رئيسا للجمهورية في الانتخابات التي أجريت في 12 ديسمبر الجاري.

المشاركة في هذا المقال