Print this page

إيطاليا تستقبل ماكرون و ستاينماير: ماكرون: «إعادة النظر في مسألة الهجرة» ستاينماير: « حل الأزمة الليبية بالتعاون بين ألمانيا و إيطاليا و فرنسا»

بعد تشكيل الحكومة، و بالرغم من الانشقاقات في صلب الحزب الديمقراطي، دخل رئيس الحكومة الإيطالي جيوزيبي

كونتيه في عملية إعادة ترميم العلاقات مع أوروبا ويستقبل كونتيه الأربعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة رسمية ثم يستقبل الرئيس الألماني فرانك فالتر ستانماير في زيارة دولة يومي الخميس والجمعة المقبلين.

الزيارة الخاطفة التي يقوم بها الرئيس ماكرون لروما تأتي ، حسب مصادر من قصر الإيليزي، في صلب الأجندة الأوروبية للرئيس وهي مبرمجة منذ مدة و لا علاقة لها بتغيير الحكومة. لكن الملاحظين في باريس أكدوا أن عزوف الرئيس الفرنسي عن زيارة روما كان مرده موقف وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني الذي أربك وحدة الصف بإثارته بطريقة فجة مسألة الهجرة متحديا بروكسل بإغلاقه المواني الإيطالية في وجه بواخر الإغاثة الإنسانية في البحر الأبيض المتوسط و رفضه استقبال اللاجئين و اتهام باريس بإعادة سياستها الاستعمارية في إفريقيا.

مع الحكومة الجديدة الإيطالية يجد الرئيس ماكرون فرصة لإعادة ترميم الصف الأوروبي بعد تشكيل المفوضية الأوروبية الجديدة. وهي فرصة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين و استعادة التعاون في المسائل المطروحة على القمة الأوروبية و المتعلقة بإصلاح الهياكل الأوروبية و توحيد الموقف في خصوص البريكست و العلاقات الدولية المتقلبة. وسوف يكون لملفي الهجرة و ليبيا حيز من اهتمام الطرفين.

إعادة النظر في ملف الهجرة
سبق للرئيس الفرنسي إيمانوال ماكرون أن طرح، قبل انتقاله إلى روما لملاقاة الرئيس سرجيو ماتاريلا ورئيس الحكومة جيوزيبي كونتيه ، مسالة إعادة النظر في قضية الهجرة و اللجوء و قرر تنظيم حوار حول هذا الموضوع في البرلمان الفرنسي بعد أسبوعين. و عبر عن نيته عدم سلوك نفس النهج الذي اتخذه اليسار بعدم مواجهة المسألة سياسيا. بل قال «ليس لنا الحق ألا نواجه هذه الظاهرة» و اعتبر أن «الطبقات الشعبية انتقلت إلى أقصى اليمين» بسبب عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بحل مشكلة الهجرة ملوحا بخطورة ما يحدث في إيطاليا و ألمانيا بتنامي الأحزاب القومية المتطرفة وبتأثير ذلك على سياسات المجر ودول أوروبية أخرى.

لكن الجانب الإيطالي، و مع عزل ماتيو سالفيني من الحكومة، لا زال في جدل مع فرنسا بسبب غلق السلطات الفرنسية لحدودها مع إيطاليا في نقطة فانتيميليا أين ترابط قوى الشرطة الفرنسية لمنع تنقل المهاجرين القادمين من إفريقيا والمغرب و تونس عبر مسالك البلقان و دخولها التراب الفرنسي. وهو ما خلق في السابق، ولا يزال، توترات بين الجانبين. ولاحظت الصحافة الإيطالية أن عدد المهاجرين المتسللين من إيطاليا إلى فرنسا و الذين تم إعادتهم إلى إيطاليا بلغ 420 في الأيام الأولى من شهر سبتمبر. و سوف يطرح هذا المشكل قضية المسألة الليبية التي تحاول روما و باريس منذ سنوات التوصل إلى حل شامل و جذري في شأنها دون جدوى.

ألمانيا تقترح وساطة لحل أزمة ليبيا
قدوم رئيس الدولة الألمانية إلى روما في زيارة دولة بعد حلول ماكرون فيها يشير إلى الأهمية القصوى التي يشكلها رجوع إيطاليا إلى أحضان التوافق الأوروبي. ستانماير صرح في حوار أجراه قبل وصوله الى روما مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا أن «برلين جاهزة لاتفاق حول اللاجئين مع الحكومة الجديدة» وهو العثرة التي شقت الصف الأوروبي و التي تنتظر حلا أوروبيا لمساعدة الحكومة الإيطالية على الخروج من المأزق التي وصلته مع تعنت ماتيو سالفيني.

لكن الرئيس الألماني ذهب إلى أبعد من ذلك معتبرا أن أزمة الهجرة و اللجوء في البحر المتوسط سببها استفحال الأزمة الليبية. واعتبر أن «التعاون بين ألمانيا و إيطاليا وفرنسا» هو الوسيلة الأفضل للتوصل إلى حل نهائي سلمي و شامل. وهو يندرج في اقتراح برلين عقد قمة جديدة حول ليبيا للم شمل الفرقاء الليبيين حول مشروع مصالحة جديد غير إقصائي. و لا يستثني هذا التوجه مسألة «المصالح» المشتركة أي اعتبار أن لإيطاليا مصالح في ليبيا و أن مصلحة برلين تكمن في تجاوز الخلافات للنجاح في ترميم المشروع الأوروبي الذي يفتح لألمانيا إمكانيات جديدة للخروج من الركود الاقتصادي الذي استفحل بعد سنوات من الازدهار.

لقاءات على مستوى القمة مع الدولتين الأساسيتين في أوروبا تعطي للحكومة الإيطالية الجديدة ولرئيسها متنفسا لتخطي الصعاب الداخلية التي لا زالت تهدد استقرار البلاد خاصة بعد خروج ماتيو رانزي رئيس الحكومة الأسبق من الحزب الديمقراطي و عزمه خلق حزب جديد تحت عنوان «إيطاليا الحية» الذي، حسب ما صرح به رانزي نفسه، له 40 نائبا في البرلمان. أي أنه يريد بذلك الضغط على الحكومة عبر البرلمان في حين يدعمها بدون المشاركة فيها. في إطار هذه الأوضاع المتقلبة، زيارة ماكرون و ستانماير لروما و عزمهما دعم الحكومة الجديدة يعتبر انتصارا في حد ذاته لجيوزيبي كونتيه يعطيه دفعا لمواجهة الصعاب الداخلية وفرض شخصيته على تحالف حكومي مهتز.

المشاركة في هذا المقال