Print this page

فرنسا «تحيي» قرار بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة: حذر و يقظة في صفوف السياسيين والجالية الجزائرية

كما فوجئت الحكومة الفرنسية بتظاهر ملايين الجزائريين منذ 22 فيفري الماضي في شوارع مدن الجزائر تعبيرا عن رفضهم

ترشح الرئيس الجزائري لولاية خامسة ، انتابها نفس الشعور مع عدول عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح، عبرت عنه «تحية» الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقرار مكررا نفس العبارة الدبلوماسية التي استعملها وزير الخارجية جون إيف لودريان يوم الاثنين. وأضاف «أحيي تعبير الشعب الجزائري ولا سيما الشباب، بكرامة عن تطلعاته ورغبته في التغيير، ومهنية قوات الأمن».

الموقف الرسمي الفرنسي تراوح منذ بداية المظاهرات في الجزائر بين الصمت و عدم التعليق خشية إغضاب النظام الجزائري و إعطاء الانطباع بالتدخل في الشأن الداخلي. لكن الإعلام بمختلف وسائله والجالية الجزائرية تحركت و واكبت المظاهرات منخرطة في مساندة مطالب الشارع الجزائري. «تحية» ماكرون صاحبتها دعوة لـ«مرحلة انتقالية بمهلة معقولة» لم يحدد مدتها الرئيس الفرنسي بالرغم من أن بوتفليقة أشار في رسالته للأمة الجزائرية إلى أنه سوف يعمل على تشكيل «ندوة وطنية جامعة مستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل الإصلاحات التي ستشكل أسس النظام الجديد»، على أن تنهي مهمتها «قبل نهاية عام 2019».

اعتبار أن قرار بوتفليقة « يفتح صفحة جديدة في تاريخ الجزائر» هو تعبير من قبل ماكرون على دعمه للتغيير. و أضاف في هذا الإتجاه أن فرنسا سوف تواكب هذا التغيير باحترام و صداقة. و في الحقيقة هي رسالة مشفرة موجهة من جيبوتي، أين يقوم ماكرون بزيارة رسمية ، إلى السلطات الجزائرية التي سوف تسهر على تنظيم المرحلة الإنتقالية. يقظة من قصر الإيليزي عبر عنها المعلقون في مختلف وسائل الإعلام لما للملف الجزائري من حساسية في باريس التي يجمعها بالجزائر تاريخ استعماري حافل لم تتوصل العاصمتان إلى تصفيته بعد.

يقظة وانتقاد
من ناحيتها كانت الجالية الجزائرية سباقة في التظاهر. فبعد مشاركة محتشمة في شوارع فرنسا خرج 10 آلاف شخص للتظاهر يوم الأحد الماضي في العاصمة الفرنسية وسجلت باقي المدن الفرنسية آلاف آخرين هتفوا برفضهم لولاية خامسة. و إن عبر الشارع الجزائري عن فرحته بقرار التخلي عن الترشح لازم جزائريو فرنسا الحذر إذ عبر جل المتدخلين في وسائل الإعلام من صحفيين و خبراء وجامعيين وناشطين في الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية عن مغبة السقوط في «فخ بوتفليقة» الذي، كما أشار الجميع، قد عبر مرارا في السابق عن نيته التنحي عن الحكم وتغيير النظام. لكنه لم يفعل شيئا من وعوده السابقة.
و كان الصحفي محمد السيفاوي، حامل الجنسيتين الفرنسية والجزائرية، في طليعة المنتقدين لقرار بوتفليقة معتبرا ، في حديث لإذاعة «أر تي أل» صباح الثلاثاء، أنها «مغالطة لن تنطلي على الشعب الجزائري». و أشار إلى أن بوتفليقة «تخلى عن الترشح و لكنه لم يتخل عن الحكم» مضيفا أن ولايته تنتهي يوم 18 أفريل و أن يوم 19 من نفس الشهر يعتبر «حكم بوتفليقة غير شرعي» وهو بالنسبة له خطر جسيم يهدد الجزائر.

دعوة قضائية ضد بوتفليقة؟
في نفس الحديث الإذاعي أشار الصحفي و الناشط السياسي محمد السيفاوي إلى مشروع تقديم شكوى دولية ضد بوتفليقة لعدم احترامه التراتيب الدستورية. و قال إنه على اتصال مع مجموعة من الناشطين السياسيين و الحقوقيين في الجزائر و فرنسا من أجل مناقشة الأمر. وأضاف أن عددا من المختصين في القانون الدستوري يعملون الآن على بلورة موقف واضح في هذا الصدد. و صرح لإذاعة «أوروب 1» أن «قرار بوتفليقة يؤسس للدكتاتورية في الجزائر».

هذه التصريحات غير الحكومية تخدم الموقف الرسمي الفرنسي الذي يرغب – لكن بدون الإفصاح عنه - في التأثير على مستقبل الجزائر للحفاظ على أسبقية في المنطقة خاصة أنّ بعض دول المغرب العربي تشهد غليانا، بالأساس في ليبيا و تونس، تشكل خطرا على المصالح الفرنسية في المنطقة مع تنامي الحركات المتطرفة و الأحزاب القومية الداعية إلى مقاومة النفوذ الفرنسي. تطور الأوضاع في الساحة الجزائرية سوف يكون المحدد الأساسي في الجزائر بعد أن أظهر الشباب الجزائري المتظاهر قدرة فائقة على عدم الانزلاق في متاهات العنف التي أجهضت الثورة في سوريا و ليبيا ومصر.

المشاركة في هذا المقال