Print this page

لمنع استهداف أنقرة لحلفائها الأكراد في سوريا : الولايات المتحدة الأمريكية تهدّد بتحريك نفوذها الاقتصادي ضدّ تركيا

جاء تحذير الرئيس دونالد ترامب لتركيا من كارثة اقتصادية إذا ما قرّرت استهداف الأكراد في شمال سوريا

بعد انسحاب القوات الأمريكية، لتزيد من توتير العلاقات الأمريكية التركية خاصّة وأنّ تقارير إعلامية أكّدت أنّ الكونغرس قد يدعم إجراءات ضدّ تركيا إذا هاجمت الأكراد في سوريا. ويُعدّ هذا التهديد الأمريكي أحدث تصريح في سياق التصريحات المهاجمة لأنقرة منذ اعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب العسكري من الميدان السوري.

يشار الى انّ قوات سوريا الديمقراطية بدأت في نوفمبر الماضي عملية عسكرية واسعة لطرد «داعش» من الرقة، بدعم واسع من التحالف الدولي سواء الغارات الجوية والدعم الأرضي.وتمكّنت هذا القوات التي تضم 27 فصيلا مسلّحا، من قطع كافة طرق الإمداد الرئيسية لمسلحي «داعش» إلى مدينة الرقة من الجهات الشمالية والغربية .وتشمل قوات سوريا الديمقراطية مزيجا من القوات كردية وعربية وسريانية وأرمنية وتركمانية، لكن محور تلك القوات هو وحدات حماية الشعب الكردية، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي.ويصل عدد قوات سوريا الديمقراطية الى اكثر من 45 ألف مقاتل بينهم 10 آلاف مقاتل من مسلحي القبائل. وتعتبر تركيا الاكراد عنصرا مهدّدا لامنها القومي الداخلي اذ لطالما كانت ورقة الاكراد ورقة خلاف حاد بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية .

ويأتي هذا التهديد الرسمي الامريكي في مقابل تأكيد تركي على نيةّ انقرة مواصلة «مكافحة وحدات حماية الشعب الكردية السورية المدعومة من واشنطن» ، رغم ان اغلب القراءات تشير إلى أنّ امكانية تحرك امريكا عسكريا ضد تركيا هو فرضية غير مطروحة باعتبار أنّ أنقرة حليفة قوية لحلف شمال الاطلسي الناتو ، إلاّ أن متابعين يرون ان امريكا خيرت الالتجاء الى العقوبات الاقتصادية كورقة ضغط جدية ضدّ تركيا التي تعاني بدورها من مشهد اقتصادي متأزم.

صفقة القس الأمريكي
ولئن نجحت الولايات المتحدة الامريكية وفق مراقبين في استغلال الورقة الاقتصادية ضد تركيا في ما يتعلق بقضية القس الامريكي الذي كان محتجزا في تركيا بتهمة ارهابية وتم الافراج عنه قبل اكثر من شهرين بموجب اتفاق بين الطرفين تضمن الغاء حزمة من القيود والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على أنقرة. لذلك يرى متابعون ان هذه الطريقة ستبدي هذه المرة ايضا نجاعتها على المدى القريب رغم ان الصراع هذه المرة يدور في الميدان السوري. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية «إرهابية» بسبب صلاتها المفترضة مع حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل على الأراضي التركية منذ 1984. وهي لا تخفي نيتها شن هجوم ضده لمنع تشكل نواة دولة كردية على حدودها يمكن أن تؤجج النزعة الانفصالية للأكراد في تركيا.

ويعد الصراع التركي الكردي صراعا ازليا يتجلى أحد اوجهه على الميدان السوري بين قوات تركيا المتمركزة هناك ومايسمى بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية . ولعل تقدم هذه القوات المدعومة من واشنطن في سوريا سرّع وتيرة المواجهة المباشرة بينها وبين انقرة، خاصة وانها تتكون من اغلبية كردية تعتبرها الحكومة التركية خطرا حقيقيا يقض مضجعها خشية تحول الاقتتال في الشمال السوري الى شرقها اين ينادي حزب العمال الكردستاني منذ عقود طويلة بالاستقلال عن الدولة التركية .

وزاد هذا التحالف والدعم الامريكي لقوات سوريا الديمقراطية من الجفاء بين الغرب وتركيا ، كما زاد قرار الولايات المتحدة الامريكية تسليح «قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية في ماي من العام الماضي،زاد من غضب تركيا الرافضة منذ البداية لأي دعم امريكي لهذه القوات المتمركزة في الشمال السوري خشية تنامي نفوذها وسعيها لخلق تعاون مع الاكراد شرق اراضيها والداعين الى الانفصال عنها وتأسيس دولة كردية مستقلة مما يهدد امنها القومي وهويتها التركية .
وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال